بطبيعة الحال لو لم يكن لديّ ثقة بأن حرس الحدود سيتمكن من إنقاذي لما كتبت العنوان أعلاه، وبمناسبة ذكر ذلك الجهاز فهو للأمانة يمتلك كفاءة كبيرة شجعت حتى «الغشمان» ممن يغرقون في شبر ماء على مخر عباب البحر هم وأطفالهم، وبالتالي «ورط فيهم»، ما يدفعه لإصدار البيان تلو الآخر بضرورة مراعاة أصول السلامة؛ لكن لا حياة لمن تنادي. عموماً ذلك ليس موضوعنا اليوم، بل هو التأشيرات، وما أدراك ما التأشيرات، طبعاً البعض سيعتقد أنني سأتحدث عن معاناة المواطنين ورجال الأعمال مع استخراجها، لكن اطمئنوا فأنا من جماعة «من ذا وأزود» مادامت الفوضى تعم هذه السوق، كيف؟ قبل أسبوع أعلنت أمانة المنطقة الشرقية من خلال جهد استخباري داخلي «بحسب البيان» عن «غزوة» أسفرت عن «فتح مبين» ضبطت من خلالها 13 طناً من المكسرات الفاسدة كان من المنتظر أن تسكن في أمعاء نحو 50 ألف مواطن ومقيم، على اعتبار أن 13 ألف كيلوغرام ستقسم على 13 ألف مشترٍ سيذهب بها إلى منزله، وبالتالي سيتقاسمها مع أسرة متوسط أعدادها ثلاثة أفراد. تخيلوا هذه الكمية التي تم ضبطها، فكم يا ترى أكلنا من أطعمة فاسدة؟! عودة لفتح الأمانة وبيانها، فقد أشارت إلى أن توجيهات أمين الشرقية «أن يتم إغلاق المستودع بالشمع الأحمر بحسب لائحة الجزاءات، ويتم فرض غرامة بحدها الأعلى، أي ما يعادل 50 ألف ريال». هل يعقل أن مخالفة من هذا النوع وبهذا الكم تقتصر غرامتها على 50 ألف ريال فقط؟! المبلغ لا يعادل قيمة الإعلانات التي نشرها بعض مقاولي رأس تنورة بمناسبة قيامه بزيارة مدينتهم؟ ثم انه وبحسبة بسيطة، فإن الأطنان التي تم ضبطها تتجاوز قيمتها نصف مليون ريال، على اعتبار أن كيلو المكسرات غير الفاسدة يباع للمستهلك ب40 ريالاً، فهل يمكن اعتبار هذه الغرامة فعلاً رادعة؟ أترك لكم الإجابة. هذا بالنسبة للغرامة، فماذا عن العمالة التي تم ضبطها وهي تمارس هذا العمل وتقوم عليه؟ لدينا إشكالية كبيرة اسمها «عمالة وافدة»، فما الذي يمكن أن نتوقعه من عامل ترك بلاده وأهله وانتقل إلى بلاد أخرى بحثاً عن المال؟ تطالعنا الصحف يومياً بأخبار من فصيلة «ضبط عمالة وافدة تدير مصنعاً للخمر»، أو «تدير وكراً للدعارة» أو «تزور مستندات رسمية»... والكثير الكثير من الأخبار والقضايا التي تنعكس سلباً على المجتمع ومكوناته؛ لكن لم يصدف أن قرأت خبراً عن معاقبة مواطن استقدم عمالة وتركها تقتات من الشارع، بعد أن فرض عليها «إتاوات» شهرية يجب الالتزام بها. فالعمالة التي ضبطت في مستودع المكسرات، كيف تمكنت من استئجاره من مالكه، فإما أن كفيلهم استأجره لهم؟ أو أن المالك تغاضى عن وجود الكفيل، وفي كلتا الحالتين هناك مشاركة من جانب أحد الأطراف السعوديين. لكننا لم نسمع عن أي عقوبات في حقهم. التأشيرات تحولت إلى مصدر للثراء لدى البعض، ممن تمكن من استخراجها بشكل أو بآخر، وهذا أمر واضح وجليّ، وغالباً الكفيل السعودي يجني من هذه التأشيرات أرباحاً طائلة، إذا ما عملت لديه، وهذا بحق. لكنه يصبح بغير حق إذا ما شردهم في الشوارع، وما ينبغي عمله هو إلزام الكفيل بتحمل مسؤولية أي عمل غير قانوني يقوم به مكفوله، نحن نعلم أن بعض الكفلاء لا صلة بينه وبين ما تقوم به عمالته من تجاوزات، وقد يجد البعض انه من الصعوبة أن تتم معاقبة الكفيل لمجرد انه كفيل، لكن المنطق يقول إن هذا الكفيل استقدم عمالة لعمل محدد ليستفيد منهم، فلا يمكن أن يشارك العامل في جني الأموال فقط، وإذا ما قام العامل بمخالفة يتبرأ منه. الاستقدام مسؤولية وليس ترفاً، وما يحدث في الشارع هو جريمة في حق هذا المجتمع. فجشع البعض زيّن لهم الفائدة، والتغاضي عنهم شجعهم على الإمعان في اللا مسؤولية. ما نطالب به هو أن تتم معاقبة أولئك الكفلاء الذين ضربوا عرض الحائط بكل المبادئ والقيم، والتشهير بهم ومنح من لا يتقن السباحة منهم تأشيرات استقدام ورميهم في البحر!