تحت عنوان «في معنى الخوف»، ردّ «بيت الشعر المغربي» على رسالة كان وجّهها الشاعر المغربي محمد بنيس الى رئيس «بيت الشعر» الحالي، نجيب خداري، تحت عنوان «الخوف من المعنى» يدعو فيها إلى إنصافه، ويتهمُ أعضاء من «بيت الشعر» بإقصائه عن المشاركة في اللقاءات التي يُنظّمها البيت، ويصف فيها انتخاب رئيس جديد بالاستيلاء على «بيت الشعر في المغرب» ما يعني بحسب الشاعر بنيس «خيانة فكرة البيت، بما هي فكرة حرة من أعباء لا شأن للشعراء بها، تهدف إلى حفظ كرامة الشعر والشعراء المغاربة، بعد أن كان اليتم مصير كل منهما». وتتمثل خيانة الفكرة أيضاً بحسب بنيس، في بثّ روح العداء بين الأعضاء بدلاً من روح الصداقة والأخوة، وتحويل «البيت» إلى مكان مغلق على المكيدة والإلغاء بعد أن كان مكاناً للقاء والتضامن». وأضاف بنيس في رسالته إلى نجيب خداري: «لقد شطبوا اسمي من أنشطة بيت الشعر في المغرب ومنشوراته، ووضعوا كل ما قمت به وما أنجزته (وأنجزه) في مزبلة وأحرقوه، حتى لا يبقى أثر. وفي محافلهم اختاروا الكذب، كل مرة، على من يسأل عني». الشاعر نجيب خداري، الرئيس الحالي ل «البيت»، فضّل حينذاك تحويل الرسالة إلى أعضاء «بيت الشعر» للرد عليها وفق ما صرّح به، لأنها تعني هؤلاء تماماً. وهذا ما حدث بالفعل، فقد أصدرت هيئة «البيت» قبل يومين بياناً أشارت في بدايته إلى عدم إنكارها أهمية حضور محمد بنيس كشاعر وفاعل ثقافي في المشهد الأدبي المغربي، له وضع اعتباري أرساه بإسهامه في التدريس الجامعي، وتطوير الخطاب حول الشعر المغربي. لكنها اعتبرت بأن رسالة بنيس الأخيرة تستند إلى تصور شخصي في رؤيته إلى العمل الثقافي، إذ «يبدو ظاهراً مُحتكماً إلى مفاهيم الحداثة، بيد أنه يرتكز، في العمق، على مسبّقات مُوجّهة بروح مانوية، تنسُبُ إلى الذات قيم الصداقة والأخوة والتضامن والحرية والأمانة والنبل والكرم، وتقذف بالآخر إلى الجهة المُقابلة، جهةِ المكيدة والعداء والكذب والتهافت والخضوع والتبعية وغيرها من النعوت». ويضيف بيان الهيئة: «ان عقلية الزعيم التي تحجب انفتاح المعنى، «تستأنسُ بشعور ندم قاهر، كأن الذات نادمة على ما لم تفعله عندما كانت تتحكم في زمام البيت، نادمة لأنها لم تتخلّص مِمَّنْ يُزعجها من الأعضاء حتى يتسنى لها أن تُتوّج «رئيساً أبديّاً». ولحسن الحظ، هناك جيل شعري جديد لا يُؤمن بالرئيس الضرورة، بل يؤمن فقط بحريته متلفعة برؤية مضيئة للتاريخ والمستقبل». واعتبر بيان البيت أن بنيس تحكمه رؤية «النزوع إلى مناهضة الأجيال الشعرية الجديدة»، الأمر الذي «يمنع صاحبها من النظر إلى هذه الأجيال خارج منطق الأستاذية والوصاية وتوزيع البركات والهبات». هو إذاً «خوفٌ من المستقبل الذي يُشرق كلما تحكمت الذات في مساره، وينقلب مظلماً كلما استند إلى الاختلاف وانبنى على الحرية». ولاحظ بيان «البيت» بعد تحليل رسالة بنيس، سيطرة بعض الألفاظ بقوة (الإعدام والتخوين مثلاً)، وفي المقابل ذكّر القراء باحتفاء مجلة البيت ببنيس في أحد أعدادها وتهنئته كذلك بفوزه بإحدى الجوائز. وتذكّر بيان «البيت» بعض المواجهات التي قادها بنيس ضد العديد من كتاب المغرب، وتساءل أيضاً: «هل أُغْلِقَ ملف الإساءة البليغة للشاعر الكبير أدونيس حتى ننساه بسهولة»؟ وتساءل: «لماذا قبل بنيس أن يتولّى رئاسة «بيت الشعر» لولاية ثالثة مع أن القانون الأساسي كان يقضي بصريح العبارة بأن يعاد انتخاب الرئيس لمرة واحدة فقط؟» وسأل كذلك: «ما معنى أن يغادر شخص موقع الرئاسة فيأخذ معه كل أرشيف المؤسسة، وبالأخص منه كل ما يتعلق برسائل الشعراء الأصدقاء في العالم»؟ ودعا بيان «البيت» الشاعر إلى توضيح مواقفه في مكان عام «نترك له الحق في أن يختاره بنفسه أو في أي برنامج تلفزيوني أو إذاعي مغربي أو عربي. وإذا قبل الدعوة، فسينتدب «بيت الشعر» عضواً من الهيئة بغية الحوار وتقديم المعطيات الكاملة بما فيها منطق النصوص القانونية والتنظيمية المؤطرة لعملنا في بيت الشعر» وقّع بيان بيت الشعر، إضافة إلى رئيس «البيت» الحالي نجيب خداري، والرئيس السابق حسن نجمي والرئيس الأسبق عبدالرحمن طنكول، أعضاء الهيئة : رشيد المومني، مراد القادري، لطيفة المسكيني، خالد بلقاسم، نبيل منصر، محمد بوجبيري، يوسف ناوري، رداد الشراطي، عزيز أزغاي وسواهم. وكانت أنشطة «بيت الشعر»، خلال الفترة الأخيرة التي ترأسه فيها حسن نجمي ونجيب خداري، عرفت تنوّعاً وغزارة، وحضوراً في المشهد الثقافي المغربي.