أكد عدد من المثقفين السعوديين أن المؤسسات الثقافية يجب أن تبقى منبراً للحوار، «فنحن في عصر الملك عبدالله»، وأن تظل للإبداع والرأي والرأي الآخر، وأن ما حدث في قضية الزميل الأديب علي الرباعي ورئيس «أدبي الباحة» أحمد المساعد يعتبر سابقة مشيرين إلى ضرورة تدخل وزارة الثقافة، وأن تقول ما لديها في الموضوع، وقال هؤلاء ل«الحياة» إن هناك طرقاً عدة لمعالجة القضايا الثقافية بعيداً عن استدعاء المثقفين إلى أقسام الشرطة وأخذ أقوالهم. ويقول رئيس «أدبي حائل» محمد الحمد، إن كل ما يدور في القاعات الثقافية من آراء وحوارات «هو في إطار حرية الرأي والتلاقح الفكري والثقافي. حرية الرأي التي تعد في صميم رسالة المؤسسة الثقافية والدعوة إليها ودعمها أولى أولويات أهدافها، وأي تأليب أو تحريض يستغل المنصب أو النفوذ أو الدين يتعارض مع هذه الرسالة السامية بعيد كل البعد عن مهام الإدارة الثقافية». ويرى الشاعر غرم الله الصقاعي، أن القضية مبنية على أخطاء سابقة، «وما بني على خطأ فهو خطأ، يجب أن يكون هناك فهم واضح لإدارة الثقافة في بلادنا. نحن نعاني من الجهل الإداري والجهل الثقافي في أغلب مؤسساتنا الثقافية. إن الدكتور علي الرباعي تحدث عن رؤيته الشخصية من على منبر ثقافي يتمتع بحصانة ثقافية ومعرفية، يمكن أن يطرح من خلالها كل الرؤى والأفكار، قد نختلف ونتفق عليها، لكن يجب ألا تتعدى هذا المنبر». وعن دور وزارة الثقافة والإعلام قال الصقاعي: «أعتقد أن الوزارة لن تصمت وإن صمتت، فهي بداية الانهيار، عمرها الزمني يدعو لها بألا ترتكب أخطاء باسم المثقفين». ويعتقد الكاتب والقاص جار الله الحميد، أن بعض الأندية الأدبية «تنصب محاكم تفتيش للمثقفين، وأن عدداً من العاملين في الأندية موجودة بداخلهم كراهية للحداثة، وهم مليئون بالفهم الغريب عن الحداثة، ويتحدثون عن الآخر، فيما الآخر لا يوجد سوى في أذهانهم. أظن أن ما قام به الرباعي هو دوره الحقيقي كمثقف في إبداء رأيه ووجهة نظره. وما قام به الآخرون هو دور بوليسي». وتساءل الحميد: «هل توافق الأندية على أن تتحوّل إلى مخافر تفتيش؟ يجب أن نستمع والساكت عن الشر كفاعله». ويقول رئيس نادي أبها الأدبي أنور خليل: «أعتقد أنه يجب أن تغلب الحكمة في هذا المجال، وأن يقارع الرأي بالرأي. وبالنسبة لوزارة الثقافة، فأعتقد أن لديها موقفاً ستقوله في هذا الموضوع. ومن المفترض أن المؤسسات الثقافية يجب أن تكون منبراً للحوار والإبداع والرأي الآخر». وأوضح الكاتب عبدالسلام الحميد أن زمن الوصاية انتهى، «كان الأجدر بأحمد المساعد، وهو رئيس مؤسسة يفترض بها نشر ثقافة الحوار وتبادل الآراء بشكل صحيح وسلمي، أن يناقش الدكتور علي الرباعي ويستوضح منه رأيه في ما قاله، بدلاً من أن استعداء السلطة بكل أنواعها السياسية والدينية والاجتماعية على مثقف قال رأيه، والذي يبدو أنه قد أٌسيء فهمه بشكل متعمد. فلماذا فهمه كل الحاضرين بالمعنى نفسه إلا رئيس النادي فهمه منفرداً بشكل مغلوط؟»، مشيراً إلى «أننا في عصر الملك عبدالله زمن الحوار والنقاش، ولا مكان للقمع والاستبداد في هذا العصر، ثم لنفترض جدلاً أن الرباعي طالب بالاختلاط صراحة وعلى رؤوس الاشهاد أليس هذا حقه الذي كفله له الدين والنظام؟ وفي رأيي الشخصي أظن أن ما حدث لا يعدو كونه مزايدة رخيصة، تعودنا عليها من أنصاف وأشباه المثقفين، ومحاولة حريصة لتصفية الحسابات من خلال منبر النادي». وأعلن الحميد عن تضامنه الكامل مع الدكتور علي الرباعي «في حقه بمطالبة المساعد برد اعتباره بكل الوسائل والطرق النظامية، وأطالب وزارة الثقافة بأن تختار للمناصب من هم أكفاء لها، ويفهمون معنى الثقافة بمفهومها الشامل». ويرى الكاتب سعود البلوي أن ما حدث «يدل دلالة واضحة على أن البيئة الثقافية ليست صحية بوجود شخصيات تعمل بعقليات الوصي على الثقافية وعلى المثقفين. إن المثقف لا يمكن أن يعمل بعقلية كاتب التقرير، ولو دعت الحاجة فإن هذه التقارير من اختصاص الجهات الأمنية، وليس على العاملين في الحقل الثقافي أن يدلوا بآراء وتقارير ضد الثقافة، وأقرب ما تكون إلى دعاوى تفسير النيات ومحاكمتها»، متمنياً من وزير الثقافة والإعلام أن يتدخل شخصياً لحماية المثقفين أولاً، وفرز أي دعوى كيدية. ويشير الروائي أحمد الدويحي إلى ان ما قام به أحمد المساعد أو غيره إنما هو نتاج التعيين الخاطئ لإدارة الأندية الأدبية، وإلا فكيف برئيس ناد يرسل تقارير؟ وكيف برئيس ناد لا يعرف كيف يدير ناديه؟ ثم لمن يتبع النادي؟ هل لامارة المنطقة أم لوزارة الثقافة؟ من وجهة نظري لا شك أن هناك قوى تحاول أن تتصيد للرباعي، كرجل حر ومثقف، من خلال أكثر من موقف له كصحافي ومراسل ل «الحياة»، لافتاً إلى أن لا شيء يدين الرباعي «وهو دكتور في القانون ومدرس في معهد علمي وله طلاب فكيف يوجد من يزايد عليه؟». فيما افترض الشاعر عبدالله ثابت «أن كثيرين في الباحة ومن سائر المملكة سيقاطعون هذا النادي تماماً».