حملت المخرجة اللبنانية الشابة نبيلة غصين الكاميرا وتوجهت إلى الحدود السورية العراقية، باحثة عن قصة للأيزيديين، لم ترو بعد، وما زالت بكراً بالنسبة إلى الإعلام. هذا التحدي الجريء والمحفوف بالأخطار، نتج عنه تقرير طويل بعنوان «أيزيديو العراق، الإبادة رقم 73» سيعرض في مترو المدينة (شارع الحمرا - بيروت) مساء الغد في حضور المخرجة التي ستروي ما تعرضت له وما واجهته لنقل هذه التجربة. تعرض الأيزيديون في الثالث من آب (أغسطس) 2014 لحملة إبادة، إذ هاجمت قوات «داعش» مدينة سنجار الواقعة على الحدود السورية العراقية، فوقع العديد من الأسرى في أيدي مقاتلي «داعش» وسبيت النساء وقتلت غالبية الرجال. من استطاع الهرب احتمى في جبل سنجار الواقع وراء المدينة. وتفيد الأساطير بأن هذا الجبل لم ينهزم حتى لطوفان نوح، فقمة الجبل أبت أن تنحني فرست عندها السفينة. حاصرت قوات «داعش» الهاربين فبقوا من دون ماء أو طعام لفترة أسبوعين تقريباً ومات العديد منهم جوعاً وعطشاً، حينها ألقت النائب الأيزيدية فيان دخيل كلمتها الشهيرة التي لفتت أنظار العالم بأسره إلى قضية الشعب الأيزيدي. تقول غصين: «سافرت في آذار (مارس) 2015 وحيدة إلى إقليم كردستان ترافقني كاميرتي الخاصة للوقوف عند معاناة الشعب الأيزيدي. لم أكن على معرفة بأي أحد منهم. هناك استقريت في محافظة دهوك حيث مخيمات اللاجئين وتعرفت إلى عدد من الناجين. أحدهم رافقني في رحلتي بصفته مترجماً ليتضح لاحقاً أن لديه قصة مشوقة عن رحلة هروبه فقررت متابعة قصته». وتضيف: «مكثت في العراق أسبوعاً بينما استغرق التصوير أربعة أيام. بعد الانتهاء من تصوير المخيمات والوقوف عند قصص الناجين عن مسألة هروبهم عبر جبل سنجار، كان لا بد من زيارة الجبل الذي يبعد عن محافظة دهوك حوالى 5 ساعات، كانت المهمة مستحيلة لأن المكان معزول ومهجور ومدمر تماماً، ولا أحد يستطيع العودة. كان لا بد من وجود أنثى إلى جانبي فاستطعت التعرف إلى نائب رئيس حزب الاتحاد في محافظة نينوى التي سهلت أمر دخولنا إلى الجبل بمرافقة القوات الأيزيدية، بذلك كنت أول صحافية لبنانية وربما عربية تصل إلى جبل سنجار». وتتابع: «وصلنا إلى سفح الجبل لجهة العراق، كانت الطرق معزولة ومهجورة، وهناك أجريت مقابلات مع قائد قوات حماية سنجار، بعدها صعدنا الجبل. عدد قليل من الناجين يقطنون الخيم، تمكنا من الوصول إلى آخر نقطة آمنة قبل المناطق التي تخضع لاحتلال «داعش». أصوات الاشتباكات تصل بوضوح إلى مسامعنا، ومن ثم انتقلنا إلى قمة الجبل حيث المقاتلات الكرديات، وأمضينا نهاراً برفقتهن، داخل خيمهن وشاهدت كيف يجهزن الطعام ويرتدين الجعبة. ثم بتنا ليلتنا في مركز القوات، حيث الشباب يتطوعون بكثرة. في اليوم التالي تابعنا قصة المترجم فذهبنا إلى مكان احتجازه مع عائلته لمدة عشرة أيام، كانوا خلالها يأكلون التين غير الناضج ويشربون الماء من بئر صغيرة». وتوضح: «بعد سماع هذه القصص، صوّرت مراسم في معبد لالش، وقابلت زعيم الأيزيديين في العالم، وأجريت مقابلات مع ناجيات هاربات من أيدي «داعش» يروين قصصهن من لحظة اعتقالهن واغتصابهن حتى لحظة هروبهن».