قدّم «نادي صودا» في مونتريال ضمن مهرجان «فقط للضحك» برنامجاً كوميدياً تحت عنوان «عرض إتني- Ethnic Show The»، مستضيفاً مجموعة من نجوم الكوميديا العالميين من ذوي الثقافات والفنون والأعراق المختلفة أمثال الكندي الإيطالي فرانك سبادون، والأميركي دان نتيورمان، والنيجيرية البريطانية جينا ياشر، والسوري الأميركي أحمد أحمد، والسنغافوري الأوسترالي روني شينغ، والكندي المغربي رشيد بدوري (39 سنة). وطرح كل منهم رؤيته المسرحية الخاصة المستوحاة من محيطه وبأسلوبه الهزلي الساخر. بعد غياب فترة طويلة عن مونتريال، عاد بدوري إلى جمهوره الذي كان ينتظر إطلالته الكوميدية الجذابة، ولحظة اعتلائه خشبة المسرح انفجرت القاعة بالتصفيق الحار، فقاطع الجمهور بعبارة رددها أكثر من مرة بقوله: «للمرة الأولى أجد نفسي أمام جمهور انغلوفوني في مقاطعة جميلة فرانكوفونية (كيبك). وأضاف بصوت متهدج: «ها أنا اليوم أتخلى عن صاحبي موليير وأشارك في «فقط للضحك» بلغة غريمه «شكسبير»، وأخشى أن يتدنى رصيدي أمام جمهوري الأشبه بهيئة أمم شعبية (دلالة على تنوع اتنياته وتعددها)». تساءل بدوري أمام جمهوره بينه وبين نفسه هل «عرض عرقي» نقطة انطلاق جديدة أم مغامرة محفوفة بالفشل؟ ومن ثم استدرك متشجعاً «لمَ الخوف، فأنا «بيلنغ» وأجيد الحديث باللغتين الإنكليزية والفرنسية؟». ومن هذه «الثرثرة الصامتة» ارتسمت على ملامح وجهه انفراجات وابتسامات ترجمها بانتصاره على ذاته مردداً «أوكي أوكي أوكي» كمؤشر لانطلاقة عرضه. وكعادته بدأ بممازحة الجمهور وجعل من اسمه محور «اسكتش» هزلي. فهو قد سمع أشخاصاً ينادونه بصيغ مختلفة «رادشيت Radsheet -» أو «رشيش Rashish -» فينتفض ويعلو صوته «أنا مغربي وبالتالي أنا عربي». إلا أنه لاحظ امتعاض الجمهور فسارع إلى طمأنته: «لا تخافوا فأنا لا أحمل قنبلة ولكنني وضعتها تحت الطاولة! فانفجرت القاعة بالضحك والتصفيق. وانتقل بعد ذلك إلى استذكار صداقته مع شبان يونانيين وهايتيين ويهود وإيطاليين وعرب وبرتغاليين ممن وجدوا صعوبة بالغة في إيجاد مكان لهم في العمل أو اندماجهم في المجتمع الكيبكي (إشارة ضمنية إلى التمييز العنصري عبّر عنها بأسلوب تهكمي ساخر). وبالأسلوب ذاته تناول والده الذي طلب من نادل المطعم بلغة إنكليزية مشوهة «سلطة سيزاريان - cesarian salad» أي «Cesar salad». واستطرد في الحديث عن والده الذي غرس في نفسه قيم الاستقامة ولكن الكلمات بقيت كلمات، وعن طلبه من المعلمة أن تقتله «إذا أساء التصرف»، فحوّل بدوري هذا الرجاء الأبوي إلى مشهد درامي كوميدي قلد فيه انفعال المعلمة وصدمتها: «سيدي نحن لا نقتل الأطفال في كيبك!». واستخدم في هذا المشهد كل ما لديه من تشوهات في الوجه والجسد. هكذا كان بدوري كما في كل لقاء مسرحي يستهل جولته بشذرات من نكاته ومقالبه وانتقاداته الساخرة. ويكشف فيها عيوب الأبعدين والأقربين. ولم يوفر أبناء جلدته وأصدقائه من المهاجرين، حتى هو نفسه ووالده لم يسلما من دعاباته الجارحة. ففي كل صولة وجولة كان يخلط الجد بالهزل، ويختصر الكلام بلغة إيحاء، ويقدم قصصاً وطرائف تنساب على لسانه من دون تكلف أو تصنع.