يشهد العديد من صالات مونتريال السينمائية عرضاً أول لفيلم «ملحمة حلال» باللغة الفرنسية. وهو من النوع الدرامي ومن إخراج بابك الياسا (إيراني) وإنتاج مؤسسة «بوريال فيلم» الكندية. يندرج الفيلم في إطار التنوع والتعدد في المجتمع الكيبكي. وتدور أحداثه حول زوجين مسلمين (جميلة وهادي) افتتحا ملحمة حلال في مونتريال بعد أن أعياهما البحث عن عمل آخر. وحاولا جاهدين الانفتاح على المجتمع الكيبكي والاندماج مع عاداته وتقاليده والتعايش مع ثقافته وقطعا في هذا السبيل شوطاً كبيراً. إلا أن الأمور تتعقد بسبب خارج عن إرادتهما ويهدد حياتهما الزوجية بالانهيار. فقد أصبح مستقبل الزوج مرتبطاً بوالد هادي الذي جاء حديثاً الى كيبك حاملاً معه موروثاً كبيراً من المفاهيم المحافظة. وما أن تناهى الى مسامعه أن جميلة زوجة عاقر، حتى ساوره القلق واستبد به الغضب ودفع ابنه للتخلص منها بأي ثمن والبحث عن امرأة أخرى ولسان حاله يردد: «هكذا هي تقاليدنا ووجودنا في كيبك لا يغير في الأمر شيئاً»، الأمر الذي أربك الزوجين ونغص حياتهما وأدخلهما في دوامة من الحيرة وجعل هادي أمام حلين لا ثالث لهما إما أن يتمرد على أوامر أبيه فيصبح في أوساط عائلته ومجتمعه عرضة للتشهير ومثالاً سيئاً للارتداد على ما نشأ عليه من قيم وتربية وأخلاق، وإما أن يرضخ مرغماً ويستجيب لطاعته، فيخسر زوجته وسعادته واستقراره وما بناه من آمال وطموحات مستقبلية. أمام هذه المشاهد المأسوية، يبدو سيناريو الفيلم محكماً وجريئاً. فهو يضع المشاهد أمام مواجهة صعبة بين ثقل الموروثات الإسلامية المحافظة من جهة والقيم الكيبيكية المتحررة من جهة أخرى. ولكن مرونة الإخراج تتحاشى بذكاء تعميم هذه الحالة على مجمل الجالية الإسلامية أو توصيفها كظاهرة للانطواء أو العزلة عما حولها. وعلى رغم هذا الحذر الشديد يرى بعض النقاد الكيبيكيين أن الفيلم يثير صدمة ثقافية بين المجتمعين الإسلامي والكيبيكي سيما وأن هذا الانفصام ليس طارئاً وانما بات ظاهرة لا تزال تداعياتها مستمرة منذ أحداث أيلول عام 2001 ومثار نقاشات وسجالات واسعة حول العديد من القضايا الخلافية الحادة التي فجرتها أخيراً ما يسمى «الملاءمات المعقولة» حول إشكالية الرموز الدينية والحجاب والنقاب وتعدد الزوجات وجرائم الشرف وصولاً الى الحركات الراديكالية. يذكر أن «ملحمة حلال» يأتي في خضم هذا السياق من القضايا التي تشكل مادة مسرحية يتناوب على أدائها عدد من الكوميديين المغاربة على خشبات مونتريال وغيرها من المدن الكندية أمثال خديجة أسد ورشيد بدوري ويعالجونها بقالب فكاهي لا يخلو من السخرية والنقد اللاذع الموجه أساساً لبني قومهم قبل غيرهم. بطلة الفيلم منى شكري التي تقوم بدور جميلة في الفيلم. ولدت في كيبك وهي من أصول مغاربية. وحائزة على دبلوم في الفن الدرامي من «الكونسرفاتوار» الكيبكي عام 2005. بدأت حياتها الفنية كممثلة كوميدية، إلا انها اشتهرت في ما بعد بالعمل السينمائي حيث شاركت في أفلام كندية عدة كان آخرها «الحب الوهمي» الذي عرض في مهرجان «كان» الدولي. أما اللاعب الآخر فهو زوجها ماني سليمانلو في دور هادي. تخرج من الكلية الكندية للمسرح عام 2008.