لم تخل كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الاحتفال التاريخي أمس لافتتاح قناة السويس الجديدة من دلالات سياسية مهمة، إذ شدّد على المضي قدماً في مواجهة جماعة «الإخوان المسلمين»، منبهاً العالم إلى أن مصر «تجابه أخطر فكر إرهابي، لو تمكّن من الأرض لحرقها»، معتبراً أن افتتاح القناة «رسالة انتصار على الإرهاب». (للمزيد). وكان السيسي دشن أمس ازدواج المجرى الملاحي لقناة السويس، في حفل حضره زعماء وممثلون لأكثر من 70 دولة، وحضور نحو ستة آلاف مدعو، في احتفال شهد عرضاً عسكرياً صباحاً وعرضاً فنياً في المساء. وبدأت الاحتفالات بوصول السيسي مرتدياً الزي العسكري الى موقع الاحتفال في شرق قناة السويس ليستقل يخت «المحروسة» الملكي، مبحراً لمسافة عشرة كيلومترات في القناة الجديدة وبرفقة رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش والمشرف على المشروع رئيس أركان الهيئة الهندسية اللواء كامل الوزيري، وعدد من قادة الجيش. كما اصطحب عدداً من ممثلي طوائف الشعب المصري على اليخت الملكي في جولته، ملوحاً للوفود الشعبية التي اصطفت على الضفة الغربية للقناة الجديدة، في 30 منصة، لمتابعة الحفل وقدم لهم التحية العسكرية. وحلقت مروحيات عسكرية وطائرات «أف 16» أعلى اليخت الذي رافقته عشر قطع بحرية تتقدمها الفرقاطة «تحيا مصر»، من طراز «فريم» الفرنسية التي انضمت قبل أيام الى الأسطول البحري. ورسا اليخت أمام المنصة الرئيسية ليدخل السيسي إلى استراحة أعدت خصيصاً لاستقبال الضيوف من الزعماء والأمراء وممثلي الدول، بعدما ارتدى بذلة مدنية. والتقى السيسي الضيوف في قاعة الاستقبال، فيما كانت الموسيقى العسكرية تعزف ألحاناً وطنية، وطابور العرض العسكري ينفذ استعراضات، والقطع البحرية المدنية والعسكرية تُبحر في القناة الجديدة. ثم خرج الرئيس المصري إلى المنصة الرئيسية مصطحباً ضيوفه، وفي مقدمهم: الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وملك الأردن عبد الله الثاني، وملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة وأمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح ونائب رئيس الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، والرئيس السوداني عمر البشير، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، ورئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيدف، ورئيس وزراء إثيوبيا هيلا مريام ديسالين، فيما مثّل خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل. وقال السيسي في كلمة مرتجلة: «مصر لم تقدم للعالم المشروع فقط. سيذكر التاريخ أن مصر جابهت أخطر فكر إرهابي لو تمكّن من الأرض لحرقها. المصريون هم من تصدوا لهذا الفكر ليقدموا السماحة الحقيقية للإسلام والمسلمين، ليقدموا البناء والرخاء وليس التخريب والتدمير. مصر هي من تصدت أيضاً لتجديد الخطاب الديني حتى يتناغم مع عصره، من خلال أزهرها وعلمائها، يُمكن ألا يكون هذا الأمر محسوساً الآن، لكن سيتضح خلال السنوات المقبلة». وأضاف: «الشعب لم يُنفذ العمل في القناة الجديدة في ظروف طبيعية، ولكن في ظروف صعبة جداً اقتصادية وأمنية، إذ كانت العناصر المتطرفة من أهل الشر تحاول إيذاء مصر والمصريين وعرقلة مسيرتها وتقدمها، فالعمل لم يكن يسير في ظروف طبيعية، كانت هناك ظروف لمكافحة الإرهاب وما زالت مستمرة وسنكافح الإرهاب، وسننتصر عليه بلا شك». واعتبر السيسي أن افتتاح القناة «خطوة واحدة من ألف خطوة، المصريون مطالبون بأن يكملوها». وقال «الإرهاب أراد فرض إرادته المتخلفة على المصريين فكانت إرادتهم على دحره أقوى... رسالة القناة أننا ننتصر على الإرهاب بالحياة، وعلى الكراهية بالحب». وأضاف «مصر ليست بلد المشروع الواحد، فشعبها قادر على الإنجاز، وما الافتتاح اليوم إلا انطلاقة لمشروعات جديدة، من أهمها مشروع تنمية قناة السويس». وأثناء إلقاء السيسي كلمته، دوّت صافرات البوارج التي عبرت متقاطعة في القناتين، لتأذن ببدء تشغيل القناة الجديدة، وتنطلق الطائرات الحربية في سماء قناة السويس، ثم أقيمت فقرات فنية، في ختام الحفل.