عممت المصارف السعودية على عملائها من مستخدمي البطاقات الائتمانية بخفض حد السحب النقدي من البطاقات من 50 في المئة إلى في المئة30 في المئة، بالتزامن مع دخول التحديث الأول لضوابط إصدار وتشغيل بطاقات الائتمان وبطاقات الحسم الشهري لحيز التنفيذ في 30 تموز (يوليو) الماضي. وأدى قرار المصارف لتذمر بعض العملاء من توقيت القرار، الذي جاء متزامناً مع سفر كثير منهم إلى الخارج، فيما عدّ اقتصاديون أن القرار جيد، ويأتي لحماية العملاء أمام سيل العروض المغرية، الذي تقدمه المصارف، وتخلق معه عملاء عاجزين عن الوفاء بالدين. وقال الاقتصادي فضل البوعينين أن البطاقات الائتمانية وجدت لتنظيم عمليات الدفع، وتسهيل عمليات الشراء للعملاء وليس بهدف توفير النقد والحصول عليه على شكل قروض. وأوضح أن المصارف تقدم خدمة إضافية للسحب من البطاقة الائتمانية بنسبة معينة، إلا أنها – أي المصارف – تمادت في تقديم التسهيلات ورفع النسب حتى تحولت تلك البطاقة لشبيهة ببطاقة الصرف التقليدية. وأضاف: «هذا حفز العملاء على السحب النقدي بشكل أكبر، وبهذا تحولت من إدارة تنظيمية لأداة تمكن حاملها من الحصول على قرض مستعجل، وهو ما يجعلنا نعتقد أن مؤسسة النقد اتخذت هذه الخطوة الضابطة لحماية العملاء». وأبان أن البطاقات الائتمانية بوضعها السابق تحمل جوانب خطر عدة، أهمها تضرر صاحبها في حال سرقتها والسحب النقدي منها، إذ يخسر كل سبل الحماية على عكس الشراء من نقاط بيع، وأيضاً تحمل البنوك لمخاطر مديونيات تشكل عبئاً على القطاع المصرفي، وتصنف أنها من القروض المنتظمة، ولكن بعضها متعثر يسدد العملاء الفائدة، ولا يستطيعون دفع أكثر من ذلك، مضيفاً: «يستمر العملاء بدفع فوائد المبلغ المسحوب، ولا يستطيعون خفض رأسمال الدين الأساسي، وهذا استنزاف مؤلم للعملاء». وقال البوعينين إن تحويلها لوسيلة سحب نقدي سيئة كذلك على السوق والاقتصاد، كون الهدف هو التحول للتعاملات الإلكترونية، وليس تسهيل الحصول على نقد، مضيفاً: «تشكل مديونيات بطاقات الائتمان في الغرب معضلة يحذر منها الاقتصاديون لأن تتشكل أزمة مالية بسببها، ومديونيات البطاقات لا يمكن تصنيفها التصنيف الأمثل بسبب الضبابية حولها، وارتفاع أرصدة الدين». وأكدت مؤسسة النقد «ساما» على ضرورة التفريق بين بطاقات الائتمان وبطاقات الحسم الشهري، وطرق التعامل معها مصرفياً ووسائل السداد، إذ يضمن عميل بطاقات الحسم الشهري عدم إضافة أية عمولات على مديونيته من خلال الالتزام بسداد كامل المبلغ المستحق على البطاقة عند تسلم كشف الحساب، أو في تاريخ الاستحقاق المحدد في الكشف. من جهته، قال الاقتصادي محمد الحارث أن هذا القرار طال انتظاره بسبب سوء استخدام بعض العملاء لبطاقات الائتمان، واستسلامهم لإعلانات بعض المصارف المضللة والمغريات التي تقدمها من جوائز وتسهيلات، في الحصول على البطاقة بل ورفع حدها الائتماني. وشدد على أن سوء استخدام هذه الأداة خلق آلاف العملاء العاجزين عن الوفاء بديونهم، وسداد هذه القروض المستعجلة، التي يسهل الحصول عليها، وإنفاقها غالباً على كماليات غير ضرورية أو لتغطية نفقات السفر. وطالب الحارث مؤسسة النقد بالتدخل لتقنين الفوائد التي تحصلها المصارف من البطاقات، وتحديد حد البطاقات بثلث دخل العميل الشهري، إذ تمنحهم في الغالب ما يعادل راتب شهر كامل أو راتب ونصف الراتب. ولفت إلى أن قروض بطاقات الائتمان تعتبر هي الأعلى كلفة من بين مصادر الإقراض، إذ يراوح معدل الفائدة عليها ما بين 18 في المئة إلى 24 في المئة، مضيفا أن الشركات الائتمانية تتساهل في إصدار البطاقات ورفع حدها الائتماني لأن تخلف الأفراد عن السداد في الموعد المحدد يرفع من معدلات ربحيتها، مضيفاً: «الدخول في هذه العملية وعدم الوفاء بالسداد يخلق مشكلات معقدة لا نهائية تنجم في الأساس من عدم وعي الأفراد بالمعاملات المصرفية وطرق استخدام البطاقات الائتمانية، موضحاً أن بعض الدول المجاورة شرعت في تقديم قروض لعملائها المتعثرين بعد تحويلهم للرواتب لتسهيل عملية السداد عليهم، إلا أن غالبية البنوك ترفض هذه الطريقة كونها تقلص الفوائد التراكمية المستفادة من البطاقات، التي تصل إلى 25 في المئة في مقابل فوائد لا تتجاوز 3.5 في المئة من القروض العادية». يذكر أن القروض الاستهلاكية للأفراد من قروض شخصية، وقروض بطاقات الائتمان من المصارف، وصلت إلى مستوى قياسي لها بلغت 322.8 بليون ريال بنهاية عام 2014 مقارنة بنحو 296.4 بليون ريال ريال في العام 2013، وبلغت العمليات على البطاقات الائتمانية في السعودية العام السابق قرابة 8.5 بليون ريال.