بغداد - أ ف ب، رويترز - قتل أمس 41 شخصاً واصيب 106 آخرون بتفجير انتحاري نفذته امرأة استهدف استراحة تتوقف عندها المواكب الحسينية في شمال شرقي بغداد، وأعلن الناطق باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا ان «الارهابيين ابتكروا» متفجرات ذات قوة تدميرية كبيرة لا يمكن كشفها بواسطة الأجهزة التي تستخدمها قوات الأمن حالياً، فيما كشفت احصاءات عراقية مقتل 196 شخصاً خلال كانون الثاني (يناير) الماضي، مسجلة انخفاضاً بأكثر من النصف مقارنة مع الشهر السابق. وذكر بيان لقيادة عمليات بغداد أن «امرأة ترتدي حزاماً ناسفاً فجرت نفسها ظهر الاثنين وسط جموع من الزائرين المتوجهين الى كربلاء في منطقة بوب الشام»، الواقعة بين محافظتي بغداد وديالى (12 كلم شمال شرق) العاصمة ما أسفر عن مقتل41 شخصاً وإصابة 106. وأوضح ان «الاعتداء الذي نفذته ارهابية ترتدي حزاماً ناسفاً وقع داخل احد السرادق الخاصة بتفتيش النساء في منطقة بوب الشام، وان بين الشهداء 3 نساء متطوعات للتفتيش». وتابع ان «وزير الداخلية (جواد البولاني) امر باعتبار الشهيدات الثلاث من شهداء وزارة الداخلية بعد احتساب تعيينهن على الملاك الدائم للوزارة ومنح ذويهن جميع حقوق وامتيازات الشهداء». وقال مصدر أمني ان الجموع كانت متوقفة عند احدى الاستراحات التي تؤمها مواكب حسينية لتناول الطعام والماء والمشروبات الغازية عندما وقع التفجير. وأوضح ان الموكب كان في طريقه من ديالى باتجاه كربلاء للمشاركة في احياء ذكرى اربعين الإمام الحسين. وقال علاوي حسن، وهو احد المصابين الراقدين في مستشفى الكندي «كنا نتولى ادارة احد المواكب وتوزيع الشراب والطعام على الزوار، قبل ان يحدث انفجار داخل سرادق النساء». واضاف حسن وهو من بوب الشام «دفعني الانفجار بعيداً وغطتني الدماء وشاهدت العديد من الاطفال والنساء جرحى على الارض قبل ان افقد الوعي وانقل الى المستشفى». بدوره، قال علي جاسم (40 سنة) من المقدادية في محافظة ديالى «توقفنا للاستراحة وتناول الشاي في احدى الخيم، مع تسعة من افراد عائلتي اثناء وقوع الانفجار». واضاف جاسم وهو شرطي نقل الى مستشفى بعقوبة العام إثر اصابته بجروح مختلفة أن «خمسة من افراد عائلتي اصيبوا بجروح، وفقدت احدى بنات عمي». وتابع ان السرداق «كان يعج بالزائرين اثناء الانفجار». وبدات المواكب الشيعية التي تضم عشرات الآلاف قبل ايام بالتوجه سيراً الى كربلاء (110 كلم جنوب بغداد) للمشاركة في إحياء هذه الذكرى التي تبلغ الذروة في الخامس من الشهر الحالي. واعتداء أمس هو الأكبر منذ بدء المواكب، بعد مقتل شخص واصابة ستة آخرين قبل يومين في منطقة السيدية في جنوب غربي بغداد. وتفرض السلطات العراقية اجراءات مشددة، حيث قطعت معظم الطرق التي يسلكها الزائرون مشياً، فيما انتشر جنود ودوريات على امتداد هذه الطرق. ويتحدى ملايين الشيعة، من العراق وايران والبحرين ودول اخرى، تهديد الهجمات الانتحارية منذ ان أسقط الغزو الاميركي للعراق نظام الرئيس الراحل صدام حسين، لزيارة المزارات الشيعية، ويتدفق على كربلاء خصوصاً مئات الآلاف في ذكرى أربعين الامام الحسين. وعلى رغم نشر السلطات العراقية عشرات الآلاف من قوات الجيش والشرطة لحماية الزوار الشيعة إلا ان بعض المتطرفين ينجحون في اختراق هذه الاجراءات وتنفيذ هجمات انتحارية خصوصاً تسفر عن قتل وإصابة العشرات. وقتل نحو 32 شخصاً على الاقل واصيب نحو 164 آخرين بجروح في هجمات استهدفت الزوار في مناطق متفرقة من العراق، خلال احياء عاشوراء، ذكرى مقتل الامام الحسين، قبل 35 يوماً. ووقع احد هذه الهجومات وسط كربلاء وادى الى مقتل شخص واصابة عشرين بجروح. الى ذلك، أعلن اللواء قاسم عطا «ابتكار المجموعات الارهابية محاليل ذات قوة تفجيرية عالية، لا يمكن كشفها بالاجهزة، تدل على سعي هذه الجماعات إلى تنفيذ عمليات اغتيال عدد من المسؤولين الحكوميين». وتأتي التصريحات وسط جدل حاد في بغداد إثر توقيف الشرطة البريطانية جيم ماكورنيك (53 سنة) مدير شركة «ايه تي اس سي» بشبهة الاحتيال بالتزامن مع اصدار قرار يمنع تصدير منتجات هذه الشركة من اجهزة كشف المتفجرات. وقد اشترى العراق كميات كبيرة منها لاستخدامها على حواجز التفتيش الامنية. ويؤكد مسؤولون امنيون ان المتفجرات التي استخدمت في موجة الهجمات الدامية ضد مؤسسات حكومية في بغداد منذ آب (اغسطس) الماضي كانت من النوع السائل غير المستعمل في السابق. واسفرت الهجمات عن سقوط حوالى 400 قتيل ومئات الجرحى. الى ذلك، دعا عطا المسؤولين الى «تغيير اوقات الدخول والخروج من الطرق الرئيسية، وعدم ترك سياراتهم في مناطق غير مؤمنة، وتغيير نوعها وعدم السير في الطرق الفرعية». وتتزامن هذه التطورات مع كشف احصاءات لوزارات الداخلية والدفاع والصحة في العراق مقتل 196 عراقياً بينهم 135 مدنياً خلال كانون الثاني (يناير) الماضي، مسجلة انخفاضاً بأكثر من النصف مقارنة مع الشهر السابق خلافاً لما كان متوقعاً من زيادة العنف قبل الانتخابات المقبلة. وكشفت احصاءات الوزارات الثلاث «مقتل 135 مدنياً و20 عسكرياً و41 من الشرطة خلال كانون الثاني 2010». كما أصيب 782 عراقياً بجروح بينهم 620 مدنياً، وفقاً للمصادر نفسها. وقتلت «القوى الامنية 54 ارهابياً واعتقلت 681 آخرين». وتتساوى هذ الارقام تقريباً مع مثيلاتها في كانون الثاني 2009. وتؤكد حصيلة القتلى المدنيين انخفاضاً بنسبة 56 في المئة مقارنة مع الشهر السابق عندما لقي 306 مدنيين مصرعهم، كما تكشف تراجع معدلات القتلى في شكل عام مقارنة بشهر كانون الاول (ديسمبر) 2009 عندما قتل 367 شخصاً. وفي المقابل، خسر الجيش الاميركي في كانون الثاني خمسة من عناصره، قضى اثنان منهم قتلا بينما توفي الثلاثة لأسباب لا علاقة لها بالمعارك. يذكر ان كانون الاول الماضي لم يسجل مقتل اي جندي، وذلك للمرة الاولى منذ اجتياح العراق. وفي الاجمال، لقي 4375 عسكرياً وموظفاً مع الجيش مصرعهم في العراق منذ الاجتياح ربيع عام 2003. ويذكر موقع على الانترنت لإحصاء عدد القتلى من المدنيين في العراق ان أكثر من مئة ألف عراقي قتلوا خلال أكثر من ست سنوات ونصف السنة منذ الغزو، فيما تقول بعض الجماعات ان العدد أكبر بكثير.