يأتي إعلان الصين عن تجميد محادثاتها الأمنية وعلاقتها العسكرية مع الولاياتالمتحدة، بعد قرار واشنطن المضي بصفقة بيع أسلحة لتايوان تفوق قيمتها 6 بلايين دولار، ليطوي صفحة «التقارب» بين البلدين الذي بدأه الرئيس باراك أوباما مع وصوله إلى البيت الأبيض، ولينذر بحسب مراقبين بمرحلة «متأزمة وملبدة» بين البلدين، وفي محاولة أميركية «لاحتواء الفوقية الصينية» وأداء بكين في ملفات ساخنة مثل إيران والتبادل التجاري والتغيير المناخي. وأعربت وزارة الدفاع (البنتاغون) عن أسفها لقرار الصين بحسب بيان تلاه الناطق باسمها جيف موريل، واصفاً الأسلحة بأنها «دفاعية». وبررت وزارة الخارجية قرار بيع أسلحة الى تايوان بأنه يسهم في «المحافظة على الأمن والاستقرار بين ضفتي مضيق فورموزا». وتبلغ قيمة صفقة الأسلحة لتايوان، والتي سيبدأ الكونغرس الأميركي البت فيها مطلع الأسبوع المقبل، حوالى 6.4 بليون دولار، وتتضمن 114 صاروخ «باتريوت» (2.81 بليون دولار) و60 مروحية «بلاك هوك» (3.1 بليون دولار)، وسفينتين لكسح الألغام من طراز «اوسبري» وصواريخ «هاربون» وتكنولوجيا محمولة على سفن لتحسين أنظمة القيادة والتحكّم. وكان الإعلان كافياً أمس لإغضاب القيادة الصينية وإعلانها تجميد العلاقات العسكرية والمحادثات الأمنية مع واشنطن، إضافة إلى تعليق مشاورات بين البلدين على مستوى نواب الوزراء حول الأمن الاستراتيجي والرقابة على الأسلحة ومنع الانتشار النووي. وحاولت واشنطن التخفيف من حدة السجال، اذ قال مسؤول في البيت الأبيض ل «الحياة» ان «العلاقة بين الصين والولاياتالمتحدة لا تختصر بمسألة واحدة». وأضاف أنه «سيكون لدينا خلافات إنما سنعمل سوياً على قضايا دولية وإقليمية مثل التعافي الاقتصادي، كبح الانتشار النووي، والتغيير المناخي لأن هذا في مصلحتنا المشتركة». لكن القرار يأتي بعد سلسلة خطوات تصعيدية من الجانبين، تطوي صفحة التقارب التي بدأها أوباما لدى وصوله إلى البيت الأبيض، بعد زيارته بكين ورفض لقائه زعيم التيبت الروحي الدالاي لاما العام الماضي وإطلاقه الاجتماعات الأرفع مستوى منذ عودة العلاقات الثنائية العام 1979. إلا أن تلميح البيت الأبيض باستعداد أوباما للقاء الدالاي لاما خلال زيارته المقبلة لواشنطن، إلى جانب الخلاف الصيني- الأميركي حول فرض عقوبات دولية على إيران، وتلويح عملاق الانترنت «غوغل» بسحب عقوده من الصين، وتأكيد أوباما في خطاب «حال الاتحاد» أن واشنطن ستفرض إجراءات حمائية أكبر وضرائب على الشركات الأميركية التي تستثمر في الخارج، كلها تعكس الأدوات الأميركية لفرض نوع من التوازن في العلاقة مع الصين، خصوصاً في ضوء الأزمة الاقتصادية الأخيرة. وكانت بكين «اتهمت واشنطن باتباع السياسات الاقتصادية الحمائية» بعد رفع القيمة الجمركية على الحديد المستورد من الصين ومحاولة الضغط عليها للاستيراد في شكل أكبر من السوق الأميركية. ولمس أوباما هذه «الفوقية» الصينية شخصياً في مشاورات مؤتمر التغيير المناخي في كوبنهاغن، وبعد إحراجه من الفريق الديبلوماسي الصيني ومحاولة الاعتراض على دخوله اجتماع للقوى الكبرى استثنيت منه الولاياتالمتحدة. وجاءت اتفاق كوبنهاغن بأقل قدر من التنازلات من الصين، إلى جانب معارضتها بشدة لعقوبات على طهران، كمؤشرات للجانب الأميركي بضرورة تغيير النهج. ويؤكد المسؤول في البيت الأبيض أن واشنطن «توقعت» معارضة الصين لصفقة بيع الأسلحة ولقاء الدالاي لاما، وهناك نوع من إدراك أميركي للتداعيات والتي قد تكون إلى جانب وقف المحادثات، «بعدم حضور رئيس الوزراء الصيني هو جينتاو قمة مكافحة الانتشار النووي المتوقعة في نيسان (أبريل) في واشنطن، وتخفيف التعاون في أفغانستان. إلا أن عدم تضمين الأسلحة طائرات «أف-16»، واقتصارها على أجهزة اتصال لهذه المقاتلات، يعتبر رسالة ضمنية إلى الصين التي أبدت معارضة لتسليم تايبه «أسلحة متطورة».