كان قصر كيرينالي الذي فتح أبوابه للجمهور مقر البابوات والملوك والرؤساء، وحلماً غير مكتمل بأن يكون مقر إقامة الأمبراطور نابليون الأول في وسط روما. ويقول لوي غودار مستشار شؤون الثقافة والتراث لدى الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا وأمين القصر الذي بات الآن مقراً للرئاسة الإيطالية: «قصر كيرينالي كان حلم الأمبراطور الذي لم يكتمل»، موضحاً أن «نابليون كان مهووساً بالآثار الرومانية وكان يتماهى مع سلالة القياصرة العظماء ويحلم بإقامة فسحة سلام شاسعة في أوروبا» على غرار «باكس رومانا» التي فرضتها أكبر إمبراطورية في العصور القديمة. ويضيف غودار أن قصر كيرينالي الواقع على أعلى تلة في روما كان سيكون بطبيعة الحال في قلب هذه الإمبراطورية النابليونية. الا ان حلم نابليون لم يكتمل ولم تستقبل روماً يوماً هذا الإمبراطور الذي كان قد اتخذ كل الإجراءات لإقامته فيها. فقد كلف المهندس المعماري رافاييلي شترن مهمة اعادة تصميم غرف عدة في القصر. وكان الجناح الأقدم في القصر سيضم شقة نابليون الخاصة فيما الجناح الغربي مقر اقامة زوجته، اما مكتبه المحاذي لمكتب الرئيس الإيطالي فيشرف على المدينة. وعلى السقف رسم جداري يمثل «يوليوس قيصر وهو يملي تعليقاته» بملامح تذكر كثيراً بملامح نابليون. وبجوار ذلك نقوش انجزت للدلالة على سلطته على روما اتت بتعليمات من الإمبراطور الذي طلب ارسال تصميم القصر اليه. وهذه النقوش تمثل دخول الإسكندر الكبير الظافر الى بابل واستقبال الملك الفارسي وعائلته له بالترحيب. وكان ينبغي قبل ذلك إخلاء القصر، وهذا ما حصل العام 1809 مع توقيف الفرنسيين البابا بيوس الثاني عشر. ولم يعد البابا الى قصره الا عام 1814، وهو ابقى تقريباً كل التعديلات التي امر بها نابليون. وفي القصر قاعات تحمل بصمات نابليون، وهي باتت الآن محطات مهمة في السلطة الإيطالية مثل مكتب الرئيس او القاعة الكبرى حيث ينبغي على اي رئيس حكومة جديد أداء القسم الى جانب الوزراء. وبات بالإمكان زيارة هذه القاعات كلها منذ نهاية حزيران (يونيو) بعدما قرر الرئيس ماتاريلا فتح ابواب القصر امام الجمهور. ويعتبر كيرينالي اكبر قصر في روما ومن الأكبر في اوروبا، وبقي منذ العام 1587 الى اليوم حكراً على البابوات ثم ملوك ايطاليا وصولاً الى رؤسائها.