توقعت 8 معاهد بحوث اقتصادية ألمانية ونمسوية وسويسرية أمس، تعرض الاقتصاد الألماني هذه السنة إلى أكبر نكسة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية. وتوقعت المعاهد في «تقرير الربيع» الذي يحتوي على 96 صفحة وقدمه رؤساؤها الثمانية إلى المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، قبل عرضه رسمياً أمام وسائل الإعلام، إن يبلغ النمو السالب في الناتج القومي السنوي للبلاد 6 في المئة، ما يشكل تراجعاً تاريخياً، ما شكل صدمة كبيرة للخبراء والسياسيين. وكان صندوق النقد الدولي توقع في تقريره الدوري قبل يومين تراجعاً في حدود 5.6 في المئة. وقالت مركل ان التقرير «يؤكد بأننا نعيش حالياً وضعاً اقتصادياً قاسياً جداً». والعزاء الوحيد للألمان، هو أن التراجع سينخفض العام المقبل إلى نحو 0.5 في المئة سالبة فقط في مقابل واحد في المئة، وفقاً لصندوق النقد الدولي. لكن ألمانيا لن تتمكن بحسب التقرير من العودة إلى مستوى النمو الإيجابي، إلا عام 2013، مشيراً إلى الرقم المتواضع، الذي حققته السنة الماضية، وهو 1.6 في المئة. وحذرت معاهد البحوث، من التداعيات الكبيرة التي ستتركها الأزمة العالمية على سوق العمل الألمانية، مشيرة إلى أن أرقام البطالة سترتفع من 3.4 مليون حالياً إلى 4 ملايين في الخريف المقبل، لتصل إلى 5 ملايين في نهاية العام المقبل، وتتساوى بما كانت عليه عام 2005. وأعربت عن تخوفها من اضطرار الشركات الألمانية إلى استخدام أسلوب الصرف من العمل بعد استنفاد الوسائل الأخرى، ومنها خفض ساعات العمل، للحفاظ على اليد العاملة الكفوءة. وجاء في التقرير أيضاً أن ألمانيا التي تعتبر أكبر دولة مصدرة في العالم، تعايش اليوم حقيقة مدى ارتباطها بنبض الاقتصاد الدولي، إذ أن صادراتها انخفضت خلال الشهور الثلاثة الأولى من السنة 23 في المئة، فيما تراجعت التجارة الدولية 16 في المئة، والاستثمارات في الصناعة بنسبة مماثلة. وأفاد التقرير أن التدهور الاقتصادي الحاصل سيخف شيئاً فشيئاً خلال الشهور المقبلة، لكن استقرار الوضع لن يتحقق قبل أواسط عام 2010، «ولن تتعافى ألمانيا من الركود الحالي إلا بصورة بطيئة جداً تبدأ عام 2013». ومع ارتفاع البطالة في البلاد سيفقد المستهلكون الألمان الرغبة في الشراء من جديد بعد شهور من تنامي الاستهلاك، بسبب الزيادات الأخيرة على الأجور، والانخفاض الملموس في أسعار السلع والحاجات بفعل التراجع الكبير في أسعار المشتقات النفطية. ولفت إلى أن النمو الاستهلاكي سيرتفع بنسبة 0.3 في المئة هذه السنة، ثم ينخفض 1.2 في المئة العام المقبل. وبما أن معدل التضخم لن يتجاوز 0.4 في المئة هذا العام، حض رؤساء المعاهد الثمانية المصرف المركزي الأوروبي على خفض الفائدة على اليورو من 1.25 حالياً إلى نصف في المئة. وكشف أن ألمانيا ستنتهك هذه السنة والسنة القادمة معيار ماستريخت للعجز المسموح به في الموازنة المالية السنوية، لتسجل 3.7 و 5.5 في المئة على التوالي بدلاً من 3 في المئة. وشدد التقرير على أن الأولوية «تبقى في إعادة القطاع المصرفي إلى كامل كفاءته السابقة» ملاحظاً أن كل خطط الإنقاذ التي أقرت لتخليصه من مصاعبه، لم تُزل خطر التوقف عن الإقراض والتسليف. وأضاف أن «المهمة الفورية الملحة للحكومات المعنية تتمثل في تسريع عملية إعادة رسملة المصارف»، مشدداً على ضرورة التأميم في حال تمنع بعضها عن تقبل دعم مالي حكومي.