اتهمت حركة «حماس» أمس إسرائيل باغتيال القائد العسكري الرفيع في الحركة محمود المبحوح في دبي، مشيرة الى انه لعب دوراً بارزاً في الانتفاضة في الثمانينات، وتوعدت بالثأر له، في وقت أعلنت شرطة دبي أنها تمكنت من كشف غموض حادث القتل، وأن التحقيقات الجارية ستسهم في سرعة تعقب المشتبه بهم وتقديمهم إلى المحاكمة في أسرع وقت من خلال التنسيق مع سلطات الإنتربول الدولي. وكشفت شرطة دبي ان معظم المشتبه بهم يحمل جوازات سفر أوروبية وغادر الإمارات قبيل الإبلاغ عن وفاة المجني عليه والعثور على جثمانه في أحد فنادق دبي. وقال المكتب الإعلامي لحكومة دبي نقلاً عن مسؤول أمني في دبي إن التحقيقات الأولية ترجح أن الجريمة ارتكبت على يد عصابة إجرامية متمرسة كانت تتبع تحركات المجني عليه قبل قدومه إلى دولة الإمارات. وأكد أنه رغم سرعة تنفيذ الجريمة ومهارة مرتكبيها، إلا أن الجناة خلفوا وراءهم أثراً يدل عليهم وسيساعد على تعقبهم ومن ثم اعتقالهم في أقرب فرصة. وقال إن شرطة دبي لم تعد تعترف بعبارة «جريمة غامضة أو مجهولة». وأوضح المسؤول الأمني أن التحقيقات المبدئية أظهرت أن معظم المشتبه بهم يحمل جوازات سفر أوروبية، مؤكداً أن شرطة دبي ستباشر كافة الترتيبات اللازمة مع الإنتربول الدولي من أجل اعتقال الجناة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة في أقرب وقت ممكن ونوه بأن الأثر الذي حصلت عليه جهات التحقيق سيساعد بشكل كبير في سرعة تعقب مرتكبي الحادث. وكان المبحوح وهو فلسطيني الجنسية «دخل إلى دولة الإمارات بعد ظهر الثلثاء الموافق 19 كانون الثاني (يناير) الجاري قادماً من إحدى الدول العربية، وعثر على جثمانه ظهر اليوم التالي في الفندق الذي كان يقيم فيه في دبي». وفي دمشق، قال مسؤول في «حماس» لوكالة «رويترز» إن المبحوح قتل في دبي في 20 كانون الثاني، وانه كان هدفاً لإسرائيل منذ أن دبر لأسر جنديين إسرائيليين قبل 20 سنة. وقال رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في خطبة حماسية أمام آلاف المشيعين امس في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين على مشارف دمشق، ان المبحوح «رجل عظيم» حارب الإسرائيليين على مدى 30 سنة. وقال محذراً «الصهاينة» الذين اتهمهم بقتل المبحوح من أن أبناءه سيقاتلونهم، وأن المقاومة ستستمر. وبمقتل المبحوح (50 سنة) تزيد قائمة من تطلق عليهم الحركة الإسلامية «شهداء»، ويشكل انتكاسة أخرى للحركة التي تتحدى اسرائيل وترفض إلقاء السلاح والاعتراف بالدولة اليهودية. وكانت اسرائيل قتلت عشرات من الزعماء والشخصيات العسكرية في «حماس» التي تأسست قبل 20 سنة كحركة دينية مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. وقال عضو المكتب السياسي ل «حماس» عزت الرشق انه ليس بوسعه كشف ملابسات مقتله، وان الحركة تعمل مع السلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة. وذكر أن المبحوح كان عضواً «مهماً» في «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري للحركة. وقال ان الكتائب سترد على مقتل المبحوح في التوقيت والمكان المناسبين، لكن «حماس» لن تسمح للاغتيال بأن يخرج الجهود الرامية لترتيب صفقة لتبادل الأسرى مع اسرائيل عن مسارها على رغم أن الصفقة تواجه صعوبات. وأضاف ان المبحوح ولد في قطاع غزة، لكنه كان يعيش في سورية منذ عام 1989، وانه اغتيل بعد يوم من وصوله الى دبي. وتابع أن المبحوح هو الذي دبر أسر اثنين من الجنود الإسرائيليين خلال الانتفاضة في الثمانينات، مع العلم ان الجنديين قتلا لاحقاً. وأضاف ان القوات الإسرائيلية سجنته مرات عدة وهدمت منزله في غزة بالجرافات. وكشف مصدر من «حماس» في غزة ان المبحوح كان قائداً ناشطاً «حتى لحظة اغتياله»، فيما ذكر مصدر فلسطيني آخر انه تم العثور على المبحوح ميتاً في غرفته في فندق في دبي. وكان المبحوح وضع مقاعد وراء باب غرفته كإجراء احترازي من رجل يشعر أن الاستخبارات الإسرائيلية تسعى الى قتله منذ 20 سنة. وأضاف: «صدر أمر لاحقاً بتشريح جثته وعثر على آثار للسم في جسده. وكان المبحوح مريضاً. لكن حماس تسيطر على المعلومات في هذا الشأن». وتابع: «كان واحداً من الرجال العسكريين للحركة، لكنه لم يكن شخصية رئيسة». وقال فايق شقيق المبحوح لوكالة «رويترز» في غزة ان شقيقه قتل خنقاً بعد أن تلقى صدمة كهربائية، وان شخصين تورطا في قتله. وأفاد ديبلوماسي في دمشق انه من السابق لأوانه القول ان مقتل المبحوح له صلة بماضيه، وقال: «الإسرائيليون عندهم ذاكرة قوية بالتأكيد، لكن يصعب على المرء ان يخلص الى نتائج بعد. قد يكون من الأسهل للإسرائيليين ان يقتلوه في دبي عن دمشق».