أثار حكم محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار المجلس الأعلى للأزهر منع ارتداء النقاب في المعاهد الأزهرية، ارتباكاً شديداً في المؤسسة الدينية الأرفع في مصر. ففي وقت ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن «مجمع البحوث الإسلامية» التابع للأزهر أعاد تأكيد القرار السابق خلال اجتماع عقده أمس بعد يوم من صدور الحكم، أكد الناطق باسم مشيخة الأزهر أحمد توفيق ل «الحياة» أن المجمع لم يتخذ قراراً رسمياً في هذا الصدد. وكان المجلس الأعلى للأزهر اعتبر في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أنه «ليس من المعقول أن تستعمل المرأة النقاب إذا وجدت في مكان كله من السيدات، لأن الإصرار على استعماله في وجود النساء مع النساء هو لون من التشدد الذي تأباه شريعة الإسلام». ومُنعت الطالبات في المعاهد الأزهرية من ارتداء النقاب داخل فصول الفتيات، لكن طالبة أزهرية تدعى هدى رمزي أقامت دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بعد منعها من الانتظام في الدارسة بسبب رفضها خلع النقاب وقضت المحكمة أول من أمس بوقف تنفيذ قرار المجلس الأعلى للأزهر وتمكين الطالبة من الانتظام في دراستها. وذكرت الوكالة الرسمية أمس أن «مجمع البحوث الإسلامية» أكد في اجتماعه القرار السابق الذي يقضي بحظر ارتداء النقاب داخل الفصول التي تدرس فيها فتيات وتتولى التدريس فيها مدرسات وكذلك منعه داخل المدن الجامعية الخاصة بالفتيات مع جواز ارتدائه في الأماكن التي يوجد فيها طلاب أو مدرسون من الذكور. لكن الناطق باسم الأزهر أكد ل «الحياة» أن الأزهر لم يتخذ أي موقف رسمي في ما يخص الحكم القضائي، وأن المجمع لم يُعِدْ أمس التأكيد على قراره السابق، مشيرا إلى أن ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية «لا يعبر عن موقف رسمي للمجمع الذي إن أراد أن يوجه رسالة ما سيصدر بياناً بها». وعن التزام المعاهد الأزهرية تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري، أكد توفيق احترام الأزهر لأحكام القضاء عموماً، لكنه قال: «لا تعليق على هذا الحكم... ولا أعرف كيف ستسير الأمور». واندلع الجدل في شأن النقاب في مصر عندما طلب شيخ الأزهر خلال تفقده بدء العام الدراسي الجديد في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي من طالبة في معهد أزهري في القاهرة رفع النقاب في صفها حيث لا وجود سوى لتلميذات ومعلمتهن. ونُقل عن شيخ الأزهر قوله للفتاة (13 عاماً) بعدما اعترضت على نزع نقابها إن النقاب «عادة» وليس فرضاً دينياً. وأثارت «أزمة النقاب» قضية احترام مؤسسات الدولة لأحكام القضاء في ظل إصرار وزير التعليم العالي هاني هلال على عدم تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر، وهي أعلى جهة قضائية في محاكم مجلس الدولة، بإلزام الجامعات المصرية بالسماح للطالبات المنتقبات لديها بأداء الامتحانات الدراسية الفصلية والنهائية وهن يرتدين زيهن، وهو الحكم الذي اشترط وزير التعليم العالي لتنفيذه حصول كل طالبة على حكم منفرد وأن لا ينسحب حكم المحكمة العليا على كل الطالبات، وأمر مسؤولي الجامعات بالاستمرار في تنفيذ قرار منع المنتقبات من أداء الامتحانات بزيهن، لكن الطالبات تحايلن على هذا القرار ووارين وجوههن خلف كمامات كبيرة بحجة الحيطة من «إنفلونزا الخنازير». وقال نائب رئيس محكمة النقض المستشار أحمد مكي ل «الحياة» إن «هناك نصاً (قانونياً) يعاقب على الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء، وهذه خاصية مصرية بحتة لأنه غير متصور أن تمتنع الحكومة عن تنفيذ أحكام القضاء لأن القانون يعبر عن سيادة الدولة... لكن هذه الكلمات في مصر مجرد شعارات». وأوضح أنه «وفقا لأحكام القانون، يعاقب المسؤول الذي يمتنع عن تنفيذ أحكام القضاء بالعزل والحبس، لكن في مصر نتعمد إصدار قوانين ونعلم أنها لن تنفذ لأن فكرة الدولة غير صحيحة وتقوم على فكرة الغلبة». وأضاف أن امتناع مؤسسات الدولة عن تنفيذ أحكام القضاء «ينتقص من هيبة الدولة وشرعية الحكومة... وللأسف هيبة القضاء غير مراعاة في مصر».