تشارك في استقلاب السكريات والبروتينات والدهنيات. تساهم في صنع المئات من البروتينات اللازمة لبناء خلايا جديدة في مختلف أنحاء الجسم. تنتج مادة الصفراء التي تعمل على تكسير الدهون لتحويلها أحماضاً دهنية وغليسرول. تحوّل سكر الغلوكوز الفائض الى سكر معقد اسمه الغليكوجين يلجأ اليه الجسم عند الحاجة. تحوّل الأمونيا الناتجة من البروتينات الى مادة اليوريا التي تتولى الكلية إزالتها. تصنع القسم الأكبر من الكوليسترول اعتباراً من الشحوم الغذائية. تتولى عملية إمداد الجسم بالطاقة في الحالات الطارئة. تشارك في عملية تنقية الدم من السموم والمخلفات والمواد الضارة. تعمل على ترشيح الدم من الكثير من الميكروبات العالقة به. تملك انزيمات تستطيع من خلالها التعامل مع الآلاف من المركبات الكيماوية والأدوية. تخزن بعض المعادن والفيتامينات ومن أهمها الحديد والفيتامين أ. تحفظ التوازن الهورموني في الجسم. ومهمات أخرى كثيرة... هذه باختصار لمحة عن وظائف الكبد، فتصوروا ما الذي يحدث إذا عجز هذا العضو عن القيام بعمله؟ ان الكبد يملك قدرة عجيبة على الصمود، وعلى أداء عمله وخدمة الجسم حتى ولو بقي منه ربعه، ولكن الكارثة، بل قمة الكارثة، هي عندما تنهار خلايا الكبد كلها فتعجز عن القيام بوظائفها، وقتها يحصل الفشل الكبدي الذي تترتب عنه عواقب وخيمة للغاية. وأسباب الفشل الكبدي كثيرة منها الحاد ومنها المزمن، ومن بينها: - التهابات الكبد الفيروسية، خصوصاً التهاب الكبد بالفيروس بي، والتهاب الكبد بالفيروس سي، وتؤدي هذه الالتهابات الى تشكل أنسجة ليفية كبدية تحل محل الخلايا الطبيعية، وتسبب تضخماً في الكبد، وزيادة الضغط على الوريد البابي، فيصبح الكبد أكثر استعداداً للإصابة بالسرطان. - تضيق القنوات الصفراوية الكبدية الخلقي. - تليف الكبد الناتج من استهلاك المشروبات الكحولية. - الإصابة بداء البلهارسيا. - انسداد الشريان الكبدي أو الأوردة الكبدية. - سرطانات الكبد البدئية والثانوية. - التسمم الناتج من الأدوية والأعشاب والمبيدات. - الحمل. - ضربة الحر. - داء ويلسون الناتج من تراكم الحديد في الكبد. كيف يتظاهر الفشل الكبدي؟ في حال الفشل الكبدي الحاد، تكون المظاهر السريرية مفاجئة ومثيرة، ففي غضون يومين الى عشرة أيام تتدهور حال المصاب وتنقلب رأساً على عقب ليدخل في عالم الغيبوبة. أما في الفشل الكبدي المزمن فتكون العوارض شبه معدومة في المراحل المبكرة، ولكن هناك تبدلات خفية يجب أن تثير الشكوك من أهمها الشعور بالإرهاق عند بذل أي مجهود، فلا يستطيع المريض المواظبة على عمله من دون أن يأخذ أقساطاً من الراحة. ومع تطور الداء تبدأ العوارض بالظهور تباعاً وهي: 1- اليرقان، أي صفار لون الجلد وملتحمة العينين والأغشية المخاطية، وهو يعتبر من العلامات الأساسية، ويدل على عدم قدرة الخلايا الكبدية على التعامل مع مادة «البيليروبين» الصفراء، فتتراكم هذه في الجسم مسببة اللون الأصفر. 2- تدهور الحالة العامة، إذ يشعر المريض بالانحطاط والإعياء والنحافة والغثيان وضعف الشهية وغيرها من عوارض سوء التغذية. 3- الحمى، وهذه قد تكون واضحة تظهر فجأة، أو قد تكون مخاتلة، ويعود سببها الى تسلل الميكروبات من الأمعاء الى الدم، والى عدم قدرة الخلايا الكبدية على تصفية الدم من هذه الميكروبات. 4- ظهور تبدلات في الجلد، مثل احمرار الكفين (خصوصاً في قواعد الأصابع)، وبروز شعيرات دموية على شكل العنكبوت على الوجه والرقبة وأعلى الصدر والذراعين. 5- اضطرابات في تجلط الدم، بسبب تقاعس الخلايا الكبدية عن إنتاج العوامل التي تشارك في عملية تخثر الدم. 6- تسارع في جريان الدم، وتنتج منه اضطرابات في ضربات القلب وفي أرقام التوتر الشرياني. وتكون الأطراف دافئة متوردة او مزرقة. 7- الرائحة الكريهة من الفم، وتشبه هذه أحياناً رائحة الفئران، ويرجع السبب الى مواد تشكلت في الأمعاء ووجدت طريقها الى مجرى الدم. 8- تبدلات طارئة على الصعيد الجنسي لدى الرجل والمرأة. 9- تورم البطن (الاستسقاء)، وتورم القدمين. 10- اعتلال الدماغ، ويتظاهر في مجموعة من العوارض النفسية والعصبية، مثل ظهور اضطرابات في النوم، وتبدلات في الشخصية، والرعشة خصوصاً في الطرفين العلويين، وشيئاً فشيئاً يدخل المريض في عالم الغيبوبة التي تكون على شكل درجات، أبسطها اضطرابات في السلوك، والتشوش العقلي، والخمول، والنعاس، وصعوبات في النطق، ولكن المريض يظل قادراً على الاستجابة لأوامر الغير، ولكن في حال الغيبوبة الشديدة فإن المصاب لا يرد على أحد. ويتم تشخيص الفشل الكبدي بناء على المعطيات التي يتم الحصول عليها من الفحص السريري الى جانب نتائج التحاليل الدموية والمخبرية والشعاعية وفحوص أخرى، خصوصاً التصوير الطبقي المحوري والتصوير بالرنين المغناطيسي. ان تشخيص الفشل الكبدي الحاد يكون جلياً من العوارض السريرية، ومن التحاليل المخبرية التي توضح تراكم السموم في الدم، إضافة الى وجود مؤشرات حول وجود تقاعس في وظائف الكبد يتعلق بصنع المواد الأساسية الحيوية مثل بروتين الألبومين، وعوامل التخثر وغيرهما. ويعتمد علاج الفشل الكبدي على السبب الذي أدى اليه. وفي حال إفلاس الكبد نهائياً، بسبب تحوله الى نسيج ليفي لا قيمة له، فإن زراعة الكبد تبقى الحل الأمثل لإنقاذ حياة المصاب. ومن أجل مساعدة المريض على تجاوز المرحلة الحرجة التي يمر بها، يتم إخضاع المريض لنظام بيولوجي كي تتاح له فرصة زرع كبد صالح يحل مكان كبده العليل، إلا أن لائحة الانتظار غالباً ما تكون طويلة جداً. وكبديل لزراعة الكبد يحاول العلماء استنباط وسائل علاجية جيدة، من أهمها طريقة صنع خلايا كبدية اعتباراً من الخلايا الجذعية الموجودة في الجلد التي تبين للباحثين أنها تملك قدرة كبيرة على التكاثر، وتعتبر خطوة أساسية في اتجاه تطوير علاجات جديدة تكون بديلاً مثالياً لجراحة زراعة الكبد. وللعلم فإن زراعة الكبد ليست بالأمر السهل بسبب نفقاتها الباهظة جداً، عدا عن الاختلاطات المحتملة وما أكثرها. ختاماً، ان مريض الفشل الكبدي قد لا يشكو من شيء في البداية، وقد يشخص الداء عند أجراء فحوص تتعلق بأمراض أخرى لا علاقة لها بالكبد. والكبد عضو مدهش يستطيع ان يجدد نفسه حتى لو بقي 10 في المئة من خلاياه، والمهم هو رصد السبب الذي يعمل خلسة على تدمير خلايا الكبد عن بكرة أبيها لوضع حد له قبل فوات الأوان. [email protected]