كشف الأمين العام لصندوق الاستثمارات العامة منصور بن صالح الميمان عن صدور الموافقة السامية لإنشاء شركة تأخذ بمخرجات البحوث والبرامج التطبيقية من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وغيرها من المراكز البحثية وتنقلها إلى المرحلة التجارية، مؤكداً أن إنشاءها في المرحلة النهائية وتسير في طور التأسيس والتنظيم، لافتاً إلى احتمال إشراك القطاع الخاص فيها ولكن بعد المرحلة الأولى التأسيسية. وأشار في مؤتمر صحافي للإعلان عن المبادرة الوطنية لتحلية المياه بالطاقة الشمسية، إلى التعاون القائم بين المدينة والصندوق إثر صدور الموافقة على تنفيذ دراسة الجدوى الاقتصادية لهذه المبادرة، وتحدث عن دور الصندوق في دعم القطاعات التي تتطلب طبيعة عملها إيجاد الدعم الكبير لها، لافتاً إلى أن توجّه الصندوق هو دعم الاستثمارات الكبيرة ذات العائد المادي الجيد. من جهته، أشار نائب رئيس المدينة لمعاهد البحوث الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في مقر المدينة أمس، إلى مبادرة السعودية لإنشاء محطات لتحلية المياه بالطاقة الشمسية ستكون الأكبر في العالم، وستوفر أكثر من 1.5 مليون برميل من النفط يومياً لتحلية المياه، مشيراً إلى هبوط كلفة المياه إلى ريال للمتر المكعب بعد أن كان يكلف المتر المكعب لبعض المناطق 4 ريالات، كما أن الكمية والمكان لا يحددان كلفة تحلية المياه وقيمتها بخلاف طرق التحلية السابقة. وأضاف خلال تقديمه عرضاً عن المبادرة، أن السياسة الوطنية للعلوم والتقنية تعطي الأهمية الأولى لبحوث وتقنيات المياه، مشيراً إلى أن المدينة قامت بالتعاون مع شركة آي بي إم (الشريك التقني) بالعمل على تطوير تقنيات النانو المتقدمة في مجال تحلية المياه والطاقة الشمسية، ونتجت من ذلك التعاون تقنيات تعمل على خفض كلفة إنتاج الطاقة الشمسية وتحلية المياه بشكل كبير. وعن تفاصيل المبادرة أفاد بأنه سيتم تنفيذ المبادرة الوطنية لتحلية المياه بالطاقة الشمسية على ثلاث مراحل في مدة زمنية تبلغ تسع سنوات، إذ تهدف المرحلة الأولى إلى بناء محطة لتحلية المياه المالحة بطاقة إنتاج تبلغ ثلاثين ألف متر مكعب يومياً لسد حاجة مدينة الخفجي من مياه الشرب من خلال بناء محطة لإنتاج الطاقة الشمسية بطاقة 10 ميغاوات وأغشية التناضح العكسي وذلك في مدة ثلاث سنوات، وبدأ التنفيذ العملي لهذه المرحلة منذ فترة قريبة، وستكون أكبر محطة تحلية مياه بالطاقة الشمسية في العالم. وأضاف أن المرحلة الثانية تستهدف بناء محطة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية بطاقة إنتاج 300 ألف متر مكعب يومياً، يستغرق تنفيذها ثلاث سنوات، بينما سيتم خلال المرحلة الثالثة بناء محطات عدة لتحلية المياه المالحة بالطاقة الشمسية لمناطق المملكة كافة. وكشف نائب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لمعاهد البحوث عن أن مشاريع المبادرة الوطنية لتحلية المياه المالحة سيتم تنفيذها من خلال تجمع صناعي في المملكة يسوّق المنتجات على مستوى العالم، وهو ما يخدم ويعزز من توجّهات الاستراتيجية الوطنية للصناعة، إذ تملك المدينة الحقوق ويتم ترخيصها للآخرين، وسيتم تسويقها خارج المملكة. من جهته، أبدى وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف استعداد وزارة المالية لتقديم الدعم الكامل واللازم لتوجه المملكة الواعد في مجال استخدام الطاقة الشمسية بالتعاون مع الجهات الدولية المتخصصة، مشيراً إلى أهمية قيام رأس المال المحلي بالمشاركة وتطوير هذه الصناعة الواعدة التي تنفذها المدينة وغيرها من المجالات المهمة. من جهته، قال رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد السويل إن المبادرة تهدف إلى إيجاد الحلول التقنية بأقل التكاليف للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أنه تم تطوير تقنيات متقدمة من خلال المركز المشترك لأبحاث تقنية النانو بين المدينة وشركة آي بي ام العالمية، في خطوة تهدف إلى التطبيق العملي لتقنيات النانو المتطورة في مجال إنتاج أنظمة الطاقة الشمسية والأغشية لتحلية المياه. وأوضح أن أهمية هذه المبادرة الوطنية تأتي باعتبار أن تحلية المياه المالحة تعد الخيار الاستراتيجي لتأمين مياه الشرب للمملكة، إذ تنتج المملكة أكثر من 18 في المئة من الإنتاج العالمي للمياه المحلاة، إذ إن أسباب ازدياد كلفة إنتاج المياه المحلاة تنبع من الاستهلاك الكبير للطاقة في محطات التحلية، ولذلك فإن العمل على خفض كلفة إنتاج الطاقة سينعكس إيجاباً على خفض كلفة الإنتاج. وبدوره اعتبر وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين الإعلان عن هذه المبادرة نقلة نوعية في تاريخ صناعة المياه والكهرباء في المملكة باعتبار أن الطلب يزيد سنوياً في هذين القطاعين 7 في المئة، وهي تعتبر ثلاثة أضعاف النمو السكاني، وهذه نسبة نمو هائلة جداً أصبحت تشكل عبئاً مالياً كبيراً علينا وعلى إنتاج مصادر الطاقة في المملكة. وقال إن استخدام الطاقة الشمسية في تحلية المياه يعد أمراً مثالياً للمملكة لأسباب عدة تتمثل في أنها طاقة نظيفة لا تشكل عبئاً على البيئة، كما أن هذه الطاقة متوافرة بشكل كبير على مدار العام، إضافة إلى الكلفة المنخفضة لاستخدام هذه الطاقة في تحلية المياه المالحة. وأوضح انه بنهاية المرحلة الأولى للمبادرة فإنه سيتم القضاء بشكل نهائي على ما يواجه مدينة الخفجي من مشكلات في نقص المياه على المدى الطويل، اذ سيتم إنتاج 30 ألف متر مكعب عوضاً عن الكمية الحالية المقدرة ب 20 ألف متر مكعب والتي لا تكفي حاجات المدينة حالياً. ووصف وكيل وزارة التجارة والصناعة الدكتور خالد السليمان هذا الإنجاز بالعالمي بالنظر إلى الفوائد المتحققة التي تعود على القطاعات المستخدمة لهذه التقنية، مشيراً إلى أن هذا أبلغ جواب على من يتساءل عن دور البحث والتطوير في تحقيق التنمية، اذ أثبتت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بهذه المبادرة أن البحث ليس لمجرد البحث، وتطوير التقنية ليس لمجرد تطوير التقنية ولكن لسد حاجة استراتيجية للوطن. وقال إن الكلفة المستهدفة في هذا المشروع لتوليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية في حدود الثلاثين هللة للكيلووات في الساعة، بينما الكلفة الحالية لإنتاج الكهرباء تعادل أربعة أضعاف هذه الكلفة، وهو ما يعد إنجازاً كبيراً، إذ يتم خفض الكلفة إلى الربع، وذلك بلا شك يعطي مؤشرات قوية على أهمية المرحلة المقبلة التي ستشهد نمو صناعة وطنية واعدة في هذا المجال.