البصلة.... والشافعي قبل أن أكتب هذا المقال بدقائق، هاتفني أحد الأعزاء، وأخذنا في الحديث وتجاذبنا أطرافه، حتى وصلنا إلى أمور تجارية، وأن الشخص ينبغي عليه أن يدخل في مجالات تجارية وعقارية، حتى يضيف له أرصدة جديدة، بعيدا عن اعتماده على الراتب، وأيضا أن يستغني عن الناس، وأن يكون من الأشخاص اللذين يشار لهم بالبنان في هذا المجال التجاري، وقال إن ذلك لا يأتي والشخص على فراشه الوثير، بل لابد أن يخرج مع أصوات العصافير، ولا يرجع إلا وقد اكتنز من المال وجمع لإغناء العيال..... أقنعني إلى حد بعيد، حتى كأني دخلت في شباك ذلك الحلم، و كأني صرت مليونيرا، وأرى أمامي الحاشية وعن يميني ويساري...... تركت الكتاب الذي كان بين يدي أثناء تلك المكالمة، وقمت لاستجمع قواي العقلية في كيفية الدخول لذلك العالم، ولكن ما إن هممت بالتفكير في ذلك، حتى دخلت إلى غرفتي الخاصة، ووقع أمام ناظري مكتبتي، والتي يوجد بها المئات من المجلدات، فهالني منظرها، وكأنني أراها لأول مرة في حياتي، فنظرت إليها... وأخذني الحنين إلى كتاب)فتاوى شيخ الإسلام)- وكتاب (نيل الأوطار)- وكتاب( فتح الباري)- والكتاب الغالي على قلبي كتاب (الشرح الممتع) والذي قضيت في قراءته، والاعتكاف عليه الشهور الطويلة، والليالي الجميلة، وكذلك كتاب (التمهيد) وغيرها الكثير الكثير.... فتوقفت وقفة متأمل، وقلت في نفسي: كيف أستطيع أن أترك هذه الحسناء، والجنة الغناء، وأطرد وراء المكاتب والأراضي، وأشتغل بعالم قد أبعدني الله عنه، وآتاني ما يكفيني ويستر حالي....... يقول أبو تميم: تذكرت أن الشخص عليه أن يحدد مجاله، وأن ينطلق فيه بعد التوكل على الله ،وأن يجتهد في تطويره، فصاحب التجارة لابد أن يصبر حتى يحقق مناه.. والطبيب في عيادته يستكشف الجديد من البحوث والعلوم.. واللاعب في ملعبه يبحث عن قمة تألقه، ولكن لابد أن يواظب على تمارينه وصحته ولياقته.. والمدير في إدارته يبحث عن تطوير الذات، بالدورات المتقدمة، وتبادل الخبرات، ولا فإنه سيكتشف في يوم من الأيام أنه لازال حبيس تلك الطاولة من غير أن يتقدم ولو خطوة واحدة، بل ربما يجدون من هو الأجدر منه حينها سيقول ليتني وليتني.... أيها القارئ الكريم/ لابد أولا أن تعرف مجالك، ثم تبحر بحثا عن جزر جديدة، تأخذ منها مالذّ من أطايب الثمار، وظلال الأشجار، لابد أن ترسم خريطة حياتك، وان لا تتوه في بحار التخبط وعدم معرفة المجال الذي تتقنه، لأنك بذلك ستجد نفسك لاشيء، لأنك أصلا كنت لاشيء...... أترككم مع هذا المقال، الذي أتى من غير سابق إنذار، واستأذن منكم بالجلوس مع كتابي والاستذكار.... خاتمة: يقول الشافعي-رحمه الله-: لو كلفوني شراء بصلة،ما أدركت مسألة.........