شرع الله لنا أكمل الأديان ، وبعث فينا أكمل إنسان ، وأسكننا أكمل الأوطان فكأننا والكمال لله نخوض في خضم ينزع للكمال ، ويشرئب تلقاء التنزيه ويفرد شطيه على شاسع بون ٍ من النقاء لم يصل إليه ، ولم يسبر غوره إلا القائل (إنما بعثت لأتمم مكاeرم الأخلاق ) ومن هنا وعلى مدار سنين قضت ، وحوادث اضمحلت ، اختزنت ذاكرتي العديد من الصور المرفوضة واستقرت في بؤره وجداني مظاهر ممجوجة ، لم يكن مصدرها ضعف وازع ديني ، فكلنا في هذا البلد قد رضعنا التوحيد من أثداء مجتمع طاهر العقيدة سليم الفطرة ، ولم يكن الجهل عامل تحفيز لما نعانيه فالعالم يشهد أننا من أقل شعوب العالم أمية ، ولقد أنهك روحي التفكير ، وأعيا نفسي التأويل وأنا أستعرض في ساعة صفاء عددا ً من المشاهد التي تقافزت على مسرح ذكرياتي فلم أجد لنشوئها سببا ً ولا لتكرارها علة غير الوعي الذي يقتضي العلم والعمل , ذلك السمو الذي نفتقده ، والعلو الذي لم نصل إليه تبعا ً لتراكمات أعملت فينا معاولها ، وجلبت علينا برفشها صنوفا ً من مساوئ الأخلاق ومذموم الصفات أستميحكم العذر في سرد بعضها على مدار حلقات وسادسها الآن .....((ظاهرة 6- الإهمال وعدم المتابعة :: سعدت بصحبة زميل عزيز على نفسي أصيب بمرض أبويه واهتم لحالهما ، ونظرا ً لحرصهما على تربية الغنم فقد أراد البر بهما فاستأجر عاملا ً يقوم على رعايتها أثناء بعدهم عنها ، وخلص هو للعناية بأبويه مأجورا ً مشكورا ً ، لكنه أهمل متابعة العامل مع تلبية جميع طلباته ، وبعد مدة اصطحب الابن أبويه منطلقا ً بهما إلى منزل العائلة القديم ، وسط شعور حالم بالسرور حالما يطلعهما على ما قام به من إصلاحات كلف بها العامل المشار إليه من بعيد وعبر اتصالات دورية توهمه تنوب عن حضوره ، أو حتى مجرد عبوره ، ووصلوا جميعا ً مع بزوغ شمس الصباح ، وتسلل أشعتها فوق البطاح ، لتتراقص قلوبهم فرحا ً وسرورا ً بذكريات الماضي وإشراقة الحاضر وسط هبوب نسائم الصباح العليلة ماتعة بأريج الأرض البكر ، وشذا الأزهار الفواح بالعطر ، بحثوا عن الغنم والراعي فلم يعثروا لهما على أثر ، فقال الأب : ياله من عامل أمين يهتم بعمله فلقد خرج بالغنم مبكرا ً للمرعى تماما ً كما كنت أعمل منذ الصبا ، إنه يستحق الشكر والثناء ، وظلوا ينتظرون عودة الراعي والحلال حتى حلّ المساء ، فلا رجع العامل ولا رجع الحلال ، فذهبوا للسؤال عنه ، ومضى ثلث الليل الأول دون خبر ، فأدركوا بعد فوات الأوان أن الراعي قد هرب بالغنم عبر الحدود ولا جدوى من متابعته فلام الابن البار نفسه على الإهمال وعدم المتابعة ولآت حين مندم ، وعلى هذا قس عزيزي القارئ الأعمال والعمال والخسائر المترتبة على عدم المتابعة والاهتمام لا جهلا ً ولكن قيلولة وعي داعبه الكسل فأغمض عينيه وغفا . ....وإلى ظاهرة أخرى يغيب عنها الوعي الذي نحن بصدده وتكون مدار موضوعي القادم ،،،،، أترككم بحفظ الله تعالى. أ. جابر بن ملقوط المالكي