عندما تفكر الجهات الحكومية في تطبيق الأنظمة والتشريعات والأحكام واللوائح والمواد المتعلقة بموضوع ما يمس شرائح كبيرة في المجتمع فإنها تقدم على خطوة مهمة وضرورية تتمثل في طلب مرئيات العموم، للتعبير عن آرائهم فيما يطرح، وتقديم انتقاداتهم ومقترحاتهم، والإجابة عن الأسئلة المطروحة حول المعلومات والقضايا والموضوعات الواردة في هذا الطلب.. كل ذلك رغبة في الوصول إلى نظام تتحقق الفائدة المرجوة منه، ويلبي رغبات ومرئيات المجتمع المعني بتطبيق هذا المشروع، ويتماشى كذلك مع الواقع، ولنا فيما تقدمه وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وتطرحه على بوابتها الإلكترونية خير مثال على تعزيز الاهتمام بالمعنيين بالتطبيق. هذا المبدأ غاب تماما عن الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم عندما أصدر لائحة الانضباط الجديدة، وأعلن سريان مفعولها بدءا من تاريخ نشرها على الموقع الرسمي للاتحاد، وبدلا من تعميق مبدأ الشفافية والشورى بين الاتحاد وأبرز المعنيين بهذه اللائحة من رؤساء أندية وإداريين ولاعبين ومدربين ووسائل إعلام وجمهور رياضي، لأخذ آرائهم والاستئناس بأفكارهم وأطروحاتهم وانتقاداتهم حول هذه اللائحة وما ورد فيها فإن هؤلاء المعنيين وجدوا أن مهمتهم تنحصر فقط في ثلاثة خيارات لا رابع لها، بعيدا عن إبداء الرأي وتقديم المشورة وإثارة الجدل، وهي: الاطلاع، وتحميل اللائحة الجديدة من خلال الرابط المذكور على الموقع، وحضور اللقاء التعريفي لشرح هذه اللائحة التي يبدو أنها ظلت عصية على الفهم في نظرهم! وعندما يتم إقرار هذه اللائحة الجديدة التي لا تستند إلى أنظمة تخول لهذه الجهة إصدارها كما هو معمول به فإن هذا الأمر غير منطقي، والغريب والمضحك ما ذكر على الموقع وفي صدارة الخبر أن صياغة هذه اللائحة تتفق مع لائحة الانضباط المعتمدة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم ''فيفا''، ولا شك أن هناك بونا شاسعا بين دوري مكون من 26 جولة وبطولة مجمعة وحيدة يشرف عليها الاتحاد الدولي على نطاق الأندية، لذا فإن الاسترشاد بكل ما ورد في لائحة ''فيفا'' حرفيا وتطبيقه على واقعنا الرياضي فيه مجانبة للصواب، وهذا ما دعا رؤساء الأندية المكتوين بنار هذه اللائحة إلى الاعتراض والمجاهرة برفضها في وسائل الإعلام، لأنها مملوءة بالعقوبات المغلظة والغرامات المادية والإيقافات المتنوعة، وباعتبارها لم تلامس مرئياتهم، ولم تتفق أيضا مع واقعهم المادي والاحترافي. لقد اعتاد الاتحاد السعودي في الآونة الأخيرة خلال بياناته وقراراته التلويح بورقة الاستناد إلى رأي الاتحاد الدولي دون أن يطلع الوسط الرياضي على فحوى هذه المكاتبات، والذي أعرفه أن ''فيفا'' يترك الحرية الكاملة للاتحادات المحلية لتقرر بنفسها ما هو ملائم لمسابقاتها وبطولاتها ويتماشى مع واقعها، لكن الأسئلة المهمة التي تطرح نفسها هنا: ما الذي سيحدث للأندية بعد تطبيق اللائحة الجديدة التي غابت فيها آراء الخبراء الفنيين؟ وهل هي قادرة بالفعل على تفعيل بنودها وموادها؟ أم أنها ستنضم لركب المؤسسات والشركات المفلسة والمتأثرة بالأزمة المالية العالمية؟ وهل اتفاق صياغة هذه اللائحة مع لائحة الانضباط المعتمدة في الاتحاد الدولي ''فيفا'' كفيل بعدم مناقشتها من قبل الوسط الرياضي؟ إن الاجتماع العاجل للجنة التي ستتابع مستجدات تطبيق اللائحة وتعديلها السريع يكشف عن مدى ارتباك هذه اللائحة ومبالغاتها وأخطائها الواضحة التي وحّدت أصوات الأندية، وأجبرتها على أن تقف صفا واحدا للحفاظ على حقوقها، بعدما شعرت بخطورة الوضع، فهل سيكون هذا التجمع نواة لتشكيل رابطة لأندية زين تطالب بحقوقها وتعرف ما لها وما عليها، لتحقيق آمال الجماهير وتطلعاتها، بعيدا عن تحكّم وتخبط بعض القانونيين، الذي قد ينذر بخطف المتعة الرياضية من ملاعبنا، وقيادة هذه الأندية للإفلاس المادي، وبالتالي الاختفاء عن خريطة المنافسة؟!