هناك فرق شاسع بين الأداء الرجولي والعنف الذي يمارسه بعض اللاعبين في الملاعب بشكل عام وملاعب كرة القدم على وجه الخصوص، ولا شك أن ظاهرة العنف هي من الظواهر الممقوتة في الرياضة، لأن الغاية منم الرياضة - أي رياضة - هي المتعة والإثارة واستثمار المهارات والملكات التي اختص بها الله سبحانه وتعالى الرياضيين دون غيرهم من سائر البشر. صحيح أن الاحتكاكات واردة بين اللاعبين في ظل الحماس والرغبة في التفوق، ولكن أن يصل الأمر إلى حد تعمد الايذاء فهذا ما ترفضه كل القيم والأعراف والأخلاقيات.. لأن الكل في النهاية زملاء ملعب ليس بين أبناء الوطن الواحد فحسب.. وإنما أيضاً في المنافسات التي تجمع فرقاً ومنتخبات من دول مختلفة، ولذلك يشدد الاتحاد الدولي لكرة القدم دوماً على محاربة العنف وفرض العقوبات المغلظة على كل من يتعمد ممارسته داخل المستطيل الأخضر.ولا ننكر أن هناك بعض المواقف التي ترغم على ارتكاب (الفاولات) وهو ما اصطلح على تسميته (بالفاول التكتيكي) إذا ما كان الفرض منه هو منع الانفراد بحارس المرمى أو تعطيل اللعب لاتاحة الفرصة للاعبين للعودة من أجل التغطية، ويمكن أن يرتكب هذا الخطأ بدون الحاجة للعنف وعندئذ نسميه (فاول شيك) أو (فاول مهذب) ورغم ذلك يعرض مرتكبه نفسه للعقاب سواء بالأصفر أو الأحمر، دون أن يضع في اعتباره تأثير ذلك على فريقه إذا ما غادر الملعب ليكمل الفريق المباراة بدونه أو يمنعه من المشاركة في المباراة التالية وفي كلتا الحالتين هي خسارة للفريق. وهنا لابد وأن نعذر الحكام الذين يهمهم في المقام الأول السيطرة على أحداث المباراة وقد يضطر البعض منهم للاكثار من اشهار البطاقات الملونة لحسم الأمور قبل استفحالها خاصة في المباريات التي تحتدم فيها المنافسة ويشتد من خلالها الصراع على النتيجة.ورغم ذلك تنهال الاتهامات على الحكام وبالظلم ومجاملة الآخرين، بل وقد تصل التجاوزات لحد رميهم بالانتماء لفريق على حساب الآخر وتعمدهم الحاق الخسارة بالمنافس دون أن يبحث هؤلاء عن أسباب تلك الخسارة في فريقهم وكأن اللاعبين ملائكة منزهون عن ارتكاب الأخطاء، ولا شك أن التقليل من كفاءات وقدرات الحكام يقود بالتالي إلى كثرة اعتراضات اللاعبين على قراراتهم وتلك أصبحت ظاهرة ملحوظة في الآونة الأخيرة وهي ظاهرة غير حضارية وغير رياضية ومن شأنها أن تشوه صورة الرياضة التي تستهدف الارتقاء بمستوى الأخلاق وتحرم الجميع من الاستمتاع بها سواء من جانب من يمارسها أو من يتابعها.وليس أدل على صعوبة مهمة الحكم من أننا نادراً ما نرى لاعباً يمتهن التحكيم بعد اعتزاله، وهذا دليل على الهروب من هذه المهنة بكل ما يحيط بها من مد وجزر، ناهيك عن مردودها المادي الذي لا يمكن أن يقارن بالملايين التي يحصل عليها اللاعبون. وفي النهاية لابد وأن تتضافر كل الجهود لننقي الرياضة من كل الشوائب التي تسيئ إليها أو تشوهها أو تحرمنا من متعتها وإثارتها.