حاصر محتجون مصريون مبنى وزارة الداخلية بالقاهرة امس الجمعة لتدخل البلاد يوما ثانياً من الاحتجاجات تعبيرا عن الغضب لمقتل 74 شخصا في أسوأ مأساة كروية في مصر. وفي اشتباكات منفصلة بمدينة السويس قال شهود إن محتجين قتلا عندما اطلقت الشرطة المصرية الرصاص الحي لتفريق حشد كان يحاول اقتحام مديرية الامن في المدينة في الساعات الاولى من الصباح. وخرجت مظاهرات في مصر هذا الاسبوع بعد أعمال العنف التي شهدها ستاد بورسعيد يوم الأربعاء والتي سرعان ما حولت حادثا كرويا إلى أزمة سياسية. وحمل محتجون المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد حاليا مسؤولية إراقة الدماء. ووقعت الكارثة بعد انتهاء مباراة كرة قدم بين فريق النادي الأهلي القاهري وفريق النادي المصري في مقره بمدينة بورسعيد الساحلية. وفي القاهرة ظل عدة آلاف من المحتجين في الشوارع المحيطة بوزارة الداخلية مع حلول الظلام. وخلت منطقة وسط القاهرة تقريبا من أي سيارات باستثناء سيارات الاسعاف التي كانت تنقل المصابين في الاشتباكات مع الشرطة. وقال شاهد من رويترز إن سيارات إسعاف اضطرت للتدخل لتأمين خروج أفراد من الشرطة دخلت عربتهم بطريق الخطأ في شارع به الكثير من المحتجين. وكان المحتجون قد حاصروا العربة لمدة 45 دقيقة على الاقل وكان بها أفراد من الشرطة. وشكل بعض المتظاهرين بعد ذلك درعا بشريا لمساعدة أفراد الشرطة على الهروب. وقالت وزارة الصحة إن أكثر من 400 شخص أصيبوا في الاشتباكات التي اندلعت في وقت متأخر من أمس وأصيب الكثير منهم بحالات اختناق بعد استنشاق غاز مسيل للدموع أطلقته الشرطة التي تقول الداخلية إنها كانت تحمي المبنى. وتناثرت في الشوارع حجارة ألقاها محتجون. وكانت المنطقة قد شهدت قبل شهرين اشتباكات عنيفة بين الشرطة ونشطين يرون أن وزارة الداخلية لم يشملها الإصلاح بعد إنهاء حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وقال سامي عادل وهو من مجموعة من مشجعي كرة القدم تعرف باسم الألتراس ويبلغ من العمر 23 عاما "لن نرحل هذه المرة." وكان الألتراس يشاركون على خطوط المواجهة مع قوات الامن طوال العام الماضي.وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع أثناء الليل لابعاد المحتجين الذين أعادوا تنظيم أنفسهم مرة اخرى استعدادا لمزيد من المواجهة. وقال منشور حمل توقيع الألتراس إن الجرائم التي ارتكبت بحق القوى الثورية لن توقف الثورة ولن تخيف الثوار. وقال شهود في السويس إن اشتباكات اندلعت أمام مركز للشرطة. وقال طبيب "تم نقل جثتين الى المستشفى ووضعهما بالمشرحة" مضيفا أن الوفاة ناتجة عن "طلق ناري حي." وقال شاهد عيان "المحتجون كانوا يحاولون اقتحام مديرية الامن في السويس وقوات الشرطة ردت باستخدام قنابل مسيلة للدموع ثم الرصاص الحي." وأدى مقتل الكثيرين في ستاد بورسعيد إلى توجيه المزيد من الانتقادات للمجلس العسكري الحاكم الذي يدير شؤون البلاد منذ تخلي مبارك عن منصبه قبل نحو عام بعد احتجاجات حاشدة. ويرى منتقدون للمجلس انه جزء من نظام مبارك وعقبة أمام التغيير.ويقدم المجلس نفسه في المقابل على أنه حامي ثورة 25 يناير ووعد بتسليم السلطة إلى رئيس منتخب بحلول نهاية يونيو حزيران. وأصيب ألف شخص على الاقل في أعمال العنف بعد المباراة. واجتاح المئات من مشجعي النادي المصري أرض الملعب وهجموا على مشجعي الفريق الزائر وروعوا مشجعي الاهلي الذين تدافعوا للخروج من الاستاد لكن الابواب كانت مغلقة وقال شهود إن العشرات قتلوا دهسا أثناء التدافع. وتنوعت التكهنات بشأن السبب في العنف حيث يعتقد البعض إن المسؤول عن العنف هم فلول نظام مبارك الذين يسعون إلى تخريب عملية انتقال مصر إلى الديمقراطية. وقال وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم إن المشجعين بدأوا العنف. وأضاف لقناة (سي.بي.سي) المصرية الفضائية في اتصال عبر الهاتف إن الاحداث بدأت باستفزازات بين مشجعي الأهلي والمصري ثم إهانات إلى أن انتهى الأمر إلى هذه الأحداث المؤسفة. وخلال جلسة برلمانية طارئة عقدت أمس الخميس ألقي اللوم على إبراهيم على نطاق واسع في ما حدث. ودعا نواب بينهم نواب من الاسلاميين الذين يسيطرون على نحو 70 في المئة من المقاعد إلى محاسبة إبراهيم واتهموه بالتقصير. وقال صفوت الزيات وهو محلل إن أعمال العنف أضرت بشكل أكبر بصورة المجلس العسكري الحاكم. وأضاف لرويترز أن الاحداث الحالية تدفع باتجاه الاسراع في تسليم السلطة للمدنيين. وتعهد المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري بعد الاحداث بأن تبقى مصر مستقرة. وأضاف أن المجلس وضع خطة طريق لنقل السلطة إلى مدنيين منتخبين.