الشعراء لا يتوقفون عن الشدو، فهم بلابل الناس الذين يعبّرون عن أحاسيسهم وعواطفهم. وهم الذين يصوغونه بماء الذهب والمشاعر والصور التي لا يراها الناس حين يعْبُرون مسالك الحياة وصراعاتها وتقلّباتها. وكثير ممن لا موهبة له يريد الانتساب إلى دوحة الشعر. وقد ابتُلينا بملايين منهم، إلا أن المبدعين الموهوبين قليلون. وهذا أحد الذين يمثّلون خسارة كبيرة لإبداعنا بتوقف إنشادهم. - لماذا لم نسمع قصائدك منذ حين؟ - أنا شاعر قطع السكوتُ لسانه والبكمُ فيه طائرٌ ميمونُ! كم فرَّ من شفتي سؤالٌ ثائرٌ وهوى على الآذان وهو طعينُ خرَّ اللّسان مضرجاً بدمائه وأمامه عِرضُ الكلام مصونُ - ألا تهتم بقُرّائك الذين يسألون عنك؟ - أبكي عليكم وآهاتي مبعثرةٌ ووخزها عاد في جنبيَّ موصولا - إن كنت كذلك فلماذا الهجران؟ - في عمق أعماقي جراحٌ قد غدا دمها يصبُّ على فؤادي النازفِ - ومن سبّبها لك؟ -إني عرفتك حاسداً يا من لهُ في كلِّ بيتٍ ناقدٌ طبّالُ أعماك حقدك فانطلقتَ تذمني لتذمني من بعدكَ الأذيالُ - إذن هي تحاسد الشعراء. فماذا أنت فاعل؟ - سأظلُّ أصدح بالرّوائع شادياً فروائعي أقوالها أفعالُ - لكنك يا عبد المحسن متوقف وصامت. - قصيدتيَ التي ستظلُّ تبكي دماً حرّاً أمام السامعينا فهذا العصر لا يسبيه شعرٌ تُرنّحه شفاهُ المنشدينا - إن وصلنا لهذا القدر من الجفاف العاطفي، أتستطيع الري؟ - بقصائدي أوصلتُ أصغر عاشقٍ قمم الهوى ورفعته ببياني - وماذا تقول لقصيدتك؟ - إنني طفلك الصغيرُ وجرحي نازفٌ لا يطيقُ عنك ارتحالا وامسحي الدمع عن جفوني فإني مجهدٌ مُنهكٌ أذوب انتقالا إلام يظل هذا الشاعر الموهوب محروماً من الشدو وقد مضت فوق ثمان سنين. إنه صديقي وابن مدينتي عبدالمحسن حليت مسلم والأبيات من ديوانه "إليه". 0096626999792 فاكس [email protected]