منذ مطلع هذا العام، أصبح للمجر دستورٌ جديد. دستورٌ أقرّته أكثريّة الثلثين في البرلمان المجري، وهي أكثريّة حزب فيكتور أوربان المحافظ، على الرغم من احتجاج المعارضة اليسارية والعديد من حركات المجتمع المدني ومن انتقادات الاتحاد الأوروبي وملاحظات الولاياتالمتحدةالأمريكية. المعارضة المجريّة نزلت إلى الشوارع بمائة ألف متظاهر ٍ، مندّدة بالدستور الجديد الذي يعيد المجر بنظرها إلى الوراء ولأنه يلغي الحريات ويقوّي سلطات رئيس الوزراء وحاشيته من الأهل والأصدقاء. فدستور فيكتور أوربان، وعلى سبيل المثال، يزيل تسمية "جمهورية المجر" ليكتفي بتعريف "المجر"فقط. وفي هذا التعديل إشارة إلى أن هذا البلد لم يعد يقوم على أساس نظام سياسي، لأن الأمّة المجريّة قوامُه، داخل حدود الوطن وخارجه. وفي هذا التعديل أيضاً، تعبير عن نزعة قوميّة متجدّدة، كان اعتقد الأوروبيون، بعد قيام الاتحاد الأوروبي، أنها باتت من ذكريات القرون الماضية التعِسة. الأوروبيون، يتابعون إذن وبقلق شديد كل التعديلات الدستورية والسياسية في المجر، ولاسيما تلك التي تحدّ من استقلاليّة البنك المركزي المجري، أو تلك التي تطال وسائل الإعلام والحرية الدينية والقانون الانتخابي أو بعض الحقوق المدنية للمواطنين. نزعة تسلطية واضحة، يقول معارضو فيكتور أوربان، ويضيفون بأنها تعود بالمجر إلى فترة ما قبل انهيار جدار برلين. الأمر الذي دفع بواشنطن إلى الإعراب عن قلقها على مصير وأوضاع الديمقراطية في المجر، فيما تحدّث آلان جوبيه، وزير خارجية فرنسا، عن وجود مشكلة مجرية اليوم داخل الاتحاد الأوروبي. أما المفوّضية الأوروبية فهي تحاول، مدعومة من صندوق النقد الدولي، معالجة المشكلة المجرية بما تملكه من وسائل ضاغطة مهدّدة حتى بوقف المساعدات لبودابست. وذلك، في وقت ٍ تعاني فيه المجر من أزمة مالية خانقة، تضع فيكتور أوربان أمام خيار من اثنين: إما المضيّ في التغريد خارج السرب الأوروبي وإما أن يواجه وحده عواقب أزمة الديون التي لا ترحم.