أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس المسلمين بتقوى الله حق التقوى واتباع اوامره واجتناب نواهيه وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها امس على حين نهزة على عالم عج بالأزمات وضج بالتحديات وطغت فيه الماديات تتبدى قضية جوهرية محورية يتحقق من خلالها صلاح العالم وسعادة البشرية وتنتظم جراءها مصالح العباد كيف لا وهي بلسم الجراح واكسير النجاح وسبب الفلاح وتحقق الصلاح، تلك هي قضية مقاصد الشريعة علما واحتجاجا عملا وانتهاجا وتعرفا على حكمها وأسرارها ومراميها وأثارها في علاج القضايا والملمات يطلع بها قادة الأمة وعلماؤها وأهل الحل والعقد فيها ومثقفوها ومفكروها وحملة الأقلام ورجال الإعلام ورادة الإصلاح . وأضاف فضيلته يقول إن الشريعة الإسلامية الخالدة التي اصطفاها المولى سبحانه لتكون خاتمة الرسالات هي الملة البديعة في حقائقها التي عمت الخلق رحمة ويسرا وهداية وفوزا وصلاحا إنها الرسالة المباركة الميمونة التي اتسمت بالتطور والمرونة ومواكبة أحداث العصور ومستجدات النوازل والقضايا في جميع الدهور دون عجز أو إبطاء فهي شريعة الشمول والكمال وصلاح أحوال المكلفين في الحال والمأل وإن من عظيم محامدها الاجتهاد في استصلاح أحوال الناس في العاجل والأجل مستجلبة لهم اكبر المصالح وسواء كان ذلك في باب الضرورات أم الحاجيات أم التحسينيات وأنها في هذا الطرح المقاصدي المؤصل لتنبئ على أنها ليست موضوعة حيثما أتفق أو لمجرد أسر الناس تحت سلطة الدين، كلا بل وضعت لتحقيق مقاصد الشارع لانتظام مصالحهم في الدين والدنيا معا وتزداد إشراقا تلك المعاني الجليلة إذا دلفنا إلى ساحة العصر وميادينة وما تعج به من نوازل ومستجدات لتفئ بالأمة إلى مرفأ التطبيق الصحيح وذلك في تحقيق أعلى المصالح ودفع أعظم المفاسد في منظومة خيرة لتحقيق سليم لمقاصد الشريعة وأهدافها من حيث تدقيق النظر وسعة الفهم وعمق الاستنباط والمكنة في استحضار النصوص والغوص في معانيها وربطها بالوقائع وملابساتها خاصة في مثل هذا الواقع المعاصر وما امتاز به من سبق تقني مذهل أفرز كثيرا من القضايا التي تفتقر إلى بيان حكم الشريعة فيها من لدن اكفاء مؤهلين علميا ومقاصديا . وأردف فضيلته يقول ومع مكانة هذه القضية العظمى وأهميتها إلا أنها مازالت في حاجة ملحة لإبرازها وربطها بقضايا الأمة وحسن توظيفها لمعالجة مستجدات العصر العويصة وتحدياته التي لايعمد لها إلا الجهابذة الأفذاذ وقد أن الأوان لاستيعابها وتفعيلها وتحقيقها في عالم اليوم قبل أن يتسع الخرق على الراقع في تقعيد لفقه الترجيح المقاصدي وتأصيل وتطبيق للمقاصد الزاهرة لهذه الشريعة الربانية العالمية الزاخرة ونشرا لسامي مقاصدها على العالمين فالدين جاء لسعادة البشر وقصده التحقيق للمصالح والدرء للمفاسد . وأوضح فضيلته أن قضية المقاصد تبرز في أجلى صورها في تمام العبودية لله الحق والمصلحة والرحمة بالخلق وانتهاءا بهم إلى كل خير ومصلحة وتساءل فضيلته قائلا فهل تعي الأمة اليوم وهي تعاني الأزمات العالمية وتكابد التحديات الدولية هذه القضية المهمة في كل مجال من مجالاتها فتعرضها وهي المؤهلة بلا منازع لمواكبة الأحداث الراهنة المعاصرة ببحث مشوق وطرح متزن وخطاب معتدل لعلاج ما تتعرض له الأمة بل العالم من أزمات تهدد أمنه واستقراره وقيمه واقتصاده فليست إلا الشريعة التي قصدت الى احقاق الحق وإقامة العدل ونشر الأمن وتحريم الظلم والغش والغرر والربا والإبتزاز والمكاسب المحرمة . وشدد فضيلته على أنه لا بد من استنهاض همم العلماء وأرباب الفكر والإصلاح واستنفار جهودهم لإبراز الأنموذج الإسلامي المقاصدي الأقوم في إيجابية فعالة حيال متطلبات العصر وتحولاته وتموجاته واستحثاثهم لعلاج قضايا العصر ومستجداته لتتحقق للأامة مكانتها على خريطة العالم كيف لا وهي أمة الشهادة على الناس والرحمة للعالمين . وأكد أن ما يعيشه العالم من تخبطات وكوارث هي علة العلل الذي لاحل له ولامخرج منه إلا الفهم الصحيح لمقاصد شريعتنا الغراء وأهدافها السامية لتحقيق سعادة البشرية وصلاح لأحوال الإنسانية .. حتى إن عقلاء العالم تنادوا والمنصفون الشرفاء بضرورة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لانتشال البشرية من تحقق الهلاك وقال فهل يعي بجد مقاصد الشريعة في حفظ الدين من استخف بالعقيدة ونال من الثوابت وشكك في المسلمات واخضعها للمزايدات وثلم رموزها وسعى في اسقاطهم وبث الشائعات المغرضة عنهم وقلل من مكانة العلماء الربانيين وهز هيبتهم وأضعف ثقة العامة بهم واستهان بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشط عن منهج الوسطية والإعتدال وتقحم فلول الغلو والإرهاب أو إرتضى التميع في ركاب الإنهزامية والتبعية ، وهل يدرك بمسئولية واستشعار مقاصد الشريعة في حفظ النفس من أيقظ الفتنة وحمل السلاح على الأمة واتخذ العنف برهانا فلم يبالي بسفك الدماء المعصومة وانتهاك الحرمات فشق عصا الطاعة وفرا وحدة الجماعة وامتطى صهوة التكفير منهجا والتدمير مسلكا ولم يقم وزنا لأمن المة واستقرارها وهل يستبين مقاصد الشريعة في حفظ العقل من أرخصه بمسكرات وقضى عليه بالمخدرات تعاطيا وتسريبا وأسلم زمام عقله لقراصنة الفكر وغزاة العقول في تهديد مروع لأمن الأمة الفكري ونسيجها الاجتماعي المتميز وهل يستيقن بغيرة واقتدار مقاصد الشريعة من لم يبال بالإعراض فجعلها نهبا لرخيص الأغراض وأبرم دواعي الرذيلة خاصة في قضايا المرأة وشؤونها وما يزينها من حياء وحجاب وعفة والدعوة الى مايسمى زورا وبهتانا تحريرا للمرأة وهو في الحقيقة وواقع الحال تحرر لها من الدين والأخلاق والقيم وتسخير محطات الفضاء وقنوانه ووسائل الإعلام لهذا الغرض الدنئ المبتذل وهل يبقى للأمة من روح إذا أصيبت في أخلاقها وقيمها وأعراضها . وأضاف يقول أما ماقصدت إليه الشريعة في حفظ المال وجودا واستثمارا لا استنزافا وإضرارا فهو الطراز القشيب للإقتصاد الإسلامي الفريد الذي تتأكد إليه حاجة اليوم كيف وقد عصفت بالعالم الأزمات المالية والكوارث الإقتصادية فهلا أن الأوان لتطبيق منهج التحقق الصحيح للمقاصد الشرعية لإنقاذ العالم من أزماته الخانقة بتقديم النموذج الأمثل للإقتصاد الإسلامي المتألق حتى يتفيأ العالم ظلال الإفادة من مقدراتنا وتجتاز أمتنا الازمات لتحقيق مكتسباتنا لنجعل منها بإذن الله قوة اقتصادية عالمية تضمن الحق والعدل والخير والسلام لجميع المجتمعات . ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام إلى العناية الفائقة بهذه القضية وعرض نوازل الأمة ومستجداتها في هذا العصر لاستجلاء العضة منها والإعتبار واستخلاص الذكر والإبتكار . وقال فضيلته إن من فضل الله عز وجل مامن الله به على هذه البلاد المباركة من تطبيق لهذه الشريعة وعناية بمقاصدها وأهدافها والعمل على نشر قيمها السامية في الرفق والحق والعدل والتسامح والإعتدال والوسطية في العالم أجمع وما وفق إليه ولاة أمرها من أخذ التدابير الواقية لصد سلبيات هذه الأزمات عن هذه البلاد المحروسة بخصوصية مكينة ثابتة وهوية واقعية راسخة فمن أجدر من بلاد الحرمين الشريفين وهي التي تتمتع بالعمق الديني والثقل العالمي والمكانة الدولية المرموقة بل هي المؤهلة بجدارة دينيا وتاريخيا وحضاريا من حمل لواء انتشال العالم من نفق أزماته المظلم وذلك بإبراز النموذج الإسلامي الحضاري بإشراقاته وجمالياته في كل مجال من المجالات لاسيما الجانب الإقتصادي الإسلامي الوضاء ولن تعدم هذه البلاد المباركة السباقة الخير والتقدير والدعاء والشكر والثناء عن مثل هذه المبادرات التاريخية لإسعاد البشرية وإنقاذ الإنسانية فضلا عن علاج تداعيات الأزمة من الناحية الوطنية والإقليمية . وفي المدينةالمنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ صلاح البدير إن من أعرض عن الله فقد أغتر أكبر الغرة وإعوز أشد العوز ومن عصى الله وخالف أمره وشرعه سلط الله عليه من مصائب الدنيا وأسقامها وآفاتها وشدتها جزاء وفاقاً بما كسبت يداه ولا يظلم ربك أحداً . وأوضح في خطبة الجمعة التي ألقاها امس أن الله من تمام عدله وقسطه في حكمه لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه كما قال تعالى " ذَلِكَ بِأَنَّ اللهََّ لَمْ يَكُ مُغَيِّر ًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ " ، وقال تعالى " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بمَِا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " ، أي بأن النقص في الأموال والأنفس والزروع والثمرات بسبب المعاصي ابتلاءً من الله واختباراً ومجازاة على ما أحدث الناس من المنكرات لعلهم يتعظون، وعن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليه فلا يغيروا إلا أصابهم الله بعذاب من قبل أن يتوبوا ". وأضاف فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف أنه ليس شيء أدعى إلى الشجن وأحق بالأسى مما نراه من ظهور المنكرات وتمكن القنوات التي ترغب في الفجور وتهيج القلوب إلى الشر وتثير النفوس إلى الفسوق والجريمة وتمكنها وظهور آثارها المدمرة على الشباب والفتيات والعامة والخاصة، فكم من فتاة كانت ناعمة البال قريرة العين رغيدة العيش متقلبة في أعطاف الحشمة والستر والحياء أصبحت ضحية للظهور والبروز في الأسواق وبيوت التجارة يتبعها التأثر بما يعرض في تلك القنوات، وكم من شاب كان في حشمة ووقار وعفة وإباء سقط في الزنا والخمور والمخدرات وولغ في المجون والفسوق فوهنت قوته وسقطت كرامته وتبددت صحته وشقي وشقي أهله ومجتمعه، وظهرت المترجلات من النساء والمستخنثين من الرجال في أسواق المسلمين وميادينهم شباب يبالغ في التزين والتحلي والتخنث في الكلام والتغنج في المشي والتسكع في الأسواق والتمايل في مجامع النساء وفتيات يمشين بتكسر وأزياء منكرة وملابس فاتنة توجب سخط الله وعذابه وصور تفضي إلى الفاحشة والجريمة والبلاء العظيم فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ودعا فضيلة الشيخ صلاح البدير أولياء الأمور إلى أن يتقوا الله وأن يقوموا بما أوجبه الله عليهم من رعاية أولادهم وصونهم وتربيتهم، وبين أن على وسائل الإعلام ورجال التربية والتعليم وأهل الحسبة واجب عظيم في رعاية النشء وصناعة الجيل ومنع ضياعه وسقوطه في سبل الفاحشة والرذيلة والجريمة والمنكرات التي توجب حلول العقوبات ونزول النقمات .