حين تصبح الثقافة إنساناً    ميقاتي يتابع قضية اختطاف مواطن لبناني    دوري روشن: الفتح يلحق بتعادل إيجابي امام ضيفه الفيحاء    "فيفا" ينهي تقييمه لملف ترشح المملكة لإستضافة مونديال 2034    بورنموث يواصل التألق ويلحق الهزيمة الأولى بالسيتي في الدوري الإنجليزي    فرع الصحة بجازان ينظم مبادرة "مجتمع صحي واعي" في صبيا    القبض على شخص لترويجه 14 كيلوغراما من الحشيش بالمنطقة الشرقية    بلدية محافظة البكيرية تنفذ فرضية ارتفاع منسوب المياه وتجمعات سطحية    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    وزير الإعلام يرعى ملتقى المسؤولية المجتمعية الثاني في 20 نوفمبر    المملكة تُعلن عن اكتشاف أكبر موقع تعشيش للسلاحف البحرية في البحر الأحمر    الجوف تكتسي بالبياض إثر بردية كثيفة    فان نيستلروي: يجب أن نكون وحدة واحدة لنحقق الفوز على تشيلسي    257,789 طالبا وطالبة في اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول بتعليم جازان    الهلال يطوي صفحة الدوري مؤقتاً ويفتح ملف «نخبة آسيا»    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعقد المؤتمر العالمي لطب الأعصاب    اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر    الأردن: لن نسمح بمرور الصواريخ أو المسيرات عبر أجوائنا    إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    حقيقة انتقال نيمار إلى إنتر ميامي    ضبط (21370) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    السعودية تعرب عن قلقها إزاء استمرار القتال في السودان الشقيق وتصاعد أعمال العنف التي طالت المدنيين من نساء وأطفال    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    ما الأفضل للتحكم بالسكري    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    الدبلة وخاتم بروميثيوس    صيغة تواصل    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    الأنساق التاريخية والثقافية    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المطوف المستشار محمد سليمان تقي عضو مجلس إدارة أول مؤسسة طوافة: الطوافة شكَّلت كل ملامح شخصيتي
نشر في البلاد يوم 22 - 12 - 2011

ذاكرة المهنة كتاب وثائقي من إصدار الهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف قدم له معالي وزير الحج السابق الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي الذي عده الأول من نوعه في هذا المجال.
وفي مقدمة الكتاب وعن الرعيل الأول قال المطوف فائق بن محمد بياري رئيس الهيئة التنسيقية إن مهن أرباب الطوائف تزخر بكثير من القامات السامقة من الرجال الذين قاموا على خدمتها على مدى عقود طويلة وواكبوا تطوراتها وشهدوا تحولاتها.
ويضم الكتاب التوثيقي الفخم بين دفتيه لقاءات مع الرواد الأوائل نشرت في نشرة الهيئة الفصلية الرفادة من عام 1427ه إلى 1430ه.
احتوى الكتاب أيضاً على تمهيد عن مؤسسات أرباب الطوائف، حيث تحدث الأستاذ محمد بن حسين قاضي الأمين العام للهيئة عن منظومة المؤسسات ومراحل الطوافة في العهد السعودي الزاهر والواجبات والمهام وغير ذلك مما يتعلق بأعمالها ولجانها.
أوضح المطوف الشيخ محمد سليمان أحمد تقي - الذي كان عضوا في أول مجلس للإدارة لمؤسسة مطوفي حجاج تركييا ومسلمي أوروبا وأمريكا واستراليا عند تأسيسها، ونائباً لرئيس المجلس الثاني لها - في حديث له ل"الرفادة" نشرته في عددها "الخامس" الصادر بتاريخ 28 ذي الحجة 1429ه، الموافق 26 ديسمبر 2008م، أنه لشدة المنافسة التي كانت قائمة بين المطوفين في الماضي، كان كل مطوف يحرص على تحسين خدماته، سعياً وراء كسب رضا الحجاج والظفر بأكبر عدد منهم، وأشار إلى أن الطوافة مرت في العهد السعودي الزاهر، بأربع مراحل لتصل إلى ما وصلت إليه في الوقت الحالي من رقي وتقدم، وأن مؤسسات الطوافة نجحت نجاحاً باهراً في التفاعل مع متطلبات الحاج وتقنين الخدمات المقدمة له. وعبّر عن سروره برؤية الكفاءات الشابة والمؤهلة تتولى قيادة مؤسسات أرباب الطوائف، لتضيف إليها كثيراً من الجوانب العملية والأكاديمية.
ذاكرة حية
المطوف الشيخ محمد سليمان تقي، اسم معروف في عالم الطوافة، وعلم من أعلامها، بدأ ممارسة الطوافة منذ طفولته كمعاون لوالده المطوف، وشب وترعرع على حب هذه المهنة الشريفة، التي مارسها طوال فترة حياته طفلاً، ثم صبياً يافعاً، ثم شاباً، ولم يتركها وهو في هذه السن المتقدمة، له فيها سجل حافل، ومعها مشوار طويل، حيث مارس مهنة الطوافة عندما كان العمل فيها يتم بصفة فردية، كما مارسها في ظل المؤسسات، حيث كان عضواً في أول مجلس إدارة، جرى تشكيله لأول مؤسسة طوافة، ألا وهي المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج تركيا ومسلمي اوروبا وأمريكا واستراليا. ثم نائباً لرئيس مجلس إدارة المؤسسة، في التشكيل الثاني لمجلس إدارتها منذ نشأتها، ويعد بمثابة ذاكرة حية ومتنقلة لمهنة الطوافة التي عاصر كل مراحلها، وواكب كل تطوراتها، وشارك فيها كممارس وإداري. كما يعد من المتابعين لتاريخ هذه المهنة والمهتمين بها، ومن الراصدين لتطوراتها، إذ يحفظ في ذاكرته الكثير من المعلومات عنها وعن المراحل التي مرت بها. جلسنا إليه في هذا اللقاء - منصتين ومستمعين، أكثر من متسائلين ومحاورين - ليتيح ل "الرفادة"، هذه السانحة، ولقرائها فرصة الوقوف على تاريخ مهنة الطوافة.
تاريخ متجذّر
بدأ حواره معنا بالحديث عنها قائلا: "أولاً أشكر للمسؤولين عن هذه النشرة إتاحة هذه الفرصة للإطلالة عبرها على القراء، وأعود وأقول إنه شرف لايدانيه شرف أن أحسب من عشاق هذه المهنة الشريفة، ومن المهتمين بها وبتطوراتها، وأود أن أبدأ حديثي بلمحة سريعة عن تاريخها المتجذر، الذي بدأ بنداء الخليل إبراهيم للحج، وصولاً إلى ما مرت به من تطورات في العهد السعودي الزاهر - الذي مرت فيه بأربع مراحل _ لتصل إلى ما وصلت اليه في الوقت الحالي من رقي وتقدم، فقد كانت مرحلة التوسع والانتشار التي بدأت منذ عام 1343ه تمثل أولى هذه المراحل، حيث صدر قرار خاص لتنظيمها بتاريخ 3- 11 - 1376ه، بموجب أمر سام كريم، يقضي بإقرار نظام المطوفين، ومن أبرز ملامح هذه المرحلة نلحظ قيام المطوف بزيارة الحجاج في بلدانهم، للتعرف على أكبر عدد منهم واستقطابهم، ولشدة المنافسة بين المطوفين، فقد كان كل مطوف يحرص على تحسين الخدمات المقدمة لهم لكسب رضائهم، والظفر بأكبر عدد منهم". ويواصل المطوف محمد تقي حديثه عن هذه المراحلة قائلاً: "أما المرحلة الثانية، فقد كانت مرحلة إلغاء التقارير وارساء حرية السؤال، حيث تم في هذه المرحلة إلغاء التقارير التي طبقها العثمانيون وارساء حرية السؤال، طبقاً للمرسوم الملكي الكريم الصادر من جلالة الملك فيصل - طيب الله ثراه - فأصبح المطوف في هذه المرحلة غير مقيد بتطويف جنسية معينة كما كان يحدث في السابق، وله حرية التعامل مع الحجاج الذين يفضلون خدماته من مختلف الجنسيات، والمرحلة الثالثة، والأخيرة من المراحل التي مرت بها مهنة الطوافة في العهد السعودي، فهي مرحلة التوزيع، حيث تم في عام 1395ه إلغاء نظام السؤال وتطبيق نظام التوزيع، وذلك حسب متوسطات كل مطوف في الأعوام 29- 93 -1394ه، والمرحلة الرابعة والأخيرة فهي مرحلة قيام مؤسسات أرباب الطوائف، وبداية العمل المؤسسي المنظم، والتي بدأت في عام 1395ه، بقياد مكتب الوكلاء الموحد، وانتهت في عام 1405ه، بقيام مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية.
اهتمام متعاظم
ويمضي المطوف الشيخ محمد تقي في سرد ذكرياته مع هذه المهنة فيقول: " هذا قليل من كثير مما اسعفتني الذاكرة على تذكره من ماضي هذه المهنة العريقة وتاريخها الموغل في القدم، كما انه جزء يسير من اهتمامات القايدة السعودية بها، منذ عهد المؤسس الباني الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - مروراً بأبنائه البررة الملوك: " سعود، وفيصل، وخالد، وفهد"، يحرمهم الله جميعاً، الذين ساروا على دربه، ونهجوا نهجه، وصولاً إلى هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله - الذي يتجسد اهتمامه بهذه المهنة الجليلة، ورعايته - يحفظه الله - للعاملين فيها، في تلك اللقاءات السنوية المتكررة، التي يتيحها لرؤساء مجالس إدارات مؤسسات أرباب الطوائف، للتشرف بالسلام عليه، والاستماع لنصائحه وتوجيهاته السديدة، في كل عام، في رحاب مكة المكرمة، وبجوار الكعبة المشرفة، وفي العشرة الأواخر من شهر رمضان المعظم". وبكثير من الزهو والفخر، تحدث المطوف الشيخ محمد تقي عن التطورات التي شهدتها مهنة الطوافة في عهد الملك عبدالعزيز، قائلاً في هذا الصدد: " تطورت الطوافة تطوراً كبيراً في عهد المؤسس الباني الملك عبدالعزيز آل سعود - يرحمه الله - فبما أنه لم يكن للمطوفين تنظيم يضمن لهم حقوقهم ويحدد واجباتهم وينظم اعمالهم ويدر عليهم دخلاً مادياً ثابتاً قبل العهد السعودي، فمن مأثر الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - أن أول الأمور التي اهتم بها عقب دخوله إلى مكة المكرمة وتسلمه زمام الأمور فيها، أن جمع أهل الرأي والعلماء والمثقفين فيها بتاريخ 12-5-1343ه، ليوضح سياسته وثقته في أهل هذا البلد الأمين، ووزع بلاغاً جاء فيه مما يخص المطوفين: "كل من كان من العلماء في هذه الديار، أو من موظفي الحرم الشريف، أو المطوفين ذي راتب معين، فهو على ما كتن عليه من قبل، إن لم نزده فلا ننقصه شيئا، إلا رجلاً أقام الناس عليه الحجة، أنه لا يصلح لما هو قائم عليه، فذلك ممنوع مما كان له.. الخ". فإن ما ورد في هذا البلاغ التاريخي، يعد عهداً موثقاً للمطوفين، وبرهاناً على حرصه - يرحمه الله - على إيلاء امورهم اهتماماً خاصاً، وقد حافظ على هذا العهد كل من تولى الأمر من أبناء الملك عبدالعزيز، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله - وقد كان اهتمامهم بالمطوفين دليلاً على أهمية ما يقومون به من اعمال جليلة في توفير الخدمات المباشرة لحجاج بيت الله الحرام، وحفاظاً على عهد مؤسس البلاد الذي أبقى لهذه الفئة عملها، وقد اعتبر المتابعون والمؤرخون هذا البلاغ بمثابة عهد من الملك عبدالعزيز لهذه الفئة لبقائهم على ما هم عليه من عمل، كما حرص - طيب الله ثراه - أن يضع تنظيماً لأفراد الطوائف يحدد لهم أجوراً مقابل ما يقدمونه من خدمات".
نشأة المؤسسة
كما تحدث المطوف محمد تقي في هذا اللقاء، حول معاصرته لنشأة مؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي اوروبا وامريكا واستراليا بقوله: "تم تأسيس أول مؤسسة من مؤسسات الطوافة، في عهد معالي الشيخ عبدالوهاب عبدالواسع - يرحمه الله- وزير ا لحج والاوقاف آنذاك، بموجب قرار وزاري رقم 445 / م، وتاريخ 19-11-1402ه، بمسمى: "المؤسسة التجريبية لمجموعة حجاج تركيا ومسلمي اوروبا وأمريكا"، وتم تشكيل مجلس إدارة للمؤسسة مكوناً من عشرة من المطوفين، برئاسة المرحوم المطوف السيد جعفر شيخ جمل الليل، كرئيس لمجلس إدارة المؤسسة، وشخصي كعضو لمجلس الإدارة، ثم اصدر معالي المرحوم الشيخ عبدالوهاب عبدالواسع - رحمه الله - قرارا وزارياً آخر برقم 456/ ق / م، وتاريخ 28- 11- 1412ه، بإعادة تشكيل مجلس إدارة المؤسسة، حيث تكون التشكيل الجديد من كل من: "المطوف السيد جعفر شيخ جمل الليل رئيساً لمجلس الإدارة، والمطوف عبدالله عمر علاء الدين نائباً لرئيس مجلس الإدارة للشؤون المالية والادارية، وشخصي الضعيف نائباً لرئيس مجلس الإدارة للشؤون الميدانية"، وكذلك تعيين اعضاء لمجلس الإدارة وهم: "المطوف عبدالرحمن هرساني، والمطوف عدنان حسن خياط، والمطوف حسن رشاد عجيمي، والمطوف فوزي برنجي، والمطوف عبدالوهاب زواوي، والمطوف صديق حسن اوزبك، والمطوف عبدالقادر أحمد زكي، والمطوف غالب معلم"، ثم أصدر معالي وزير الحج الشيخ عبدالوهاب عبدالواسع رحمه الله قراره رقم 6806/ 413/ 1 وتاريخ 12-9-1413ه بتعيني مستشاراً لمجلس إدارة المؤسسة، بالميزات نفسها التي كنت اتمتع بها، عندما كنت نائباً لرئيس مجلس الإدارة، على أن تتم دعوتي لحضور جلسات المجلس".
مراحل العمل
وحول علاقته الوطيدة بمهنة الطوافة، ومسيرته الطويلة والحافلة معها، تحدث المطوف محمد تقي قائلاً: " لقد تركت هذه المهنة آثاراً كبيرة على شخصيتي، فالطوافة هي مهنة الاجداد والآباء منذ قديم الزمان، والذين شرفهم الله بخدمة الحجاج، وسخرهم للعمل في هذه المهنة الشريفة، وخصهم برفادة الحاج ووفادته، منذ لحظة وصولهم، إلى يوم مغادرته، ولقد بدأت ممارسة عمل الطوافة منذ ان كنت صغيراً يافعاً، حيث كان والدي يحملني على أكتافه خلال قيامه بأعباء هذه المهنة وأعمالها ومهامها، وعندما اشتد عودي، وفي ربيع العمر كنت أساعد والدي - يرحمه الله - اثناء عمله في مواسم الحج، بما كنت اقدر عليه من اعمال، مثل توفير بعض متطلبات الحجاج، وحمل بعض الاغراض الخفيفة، وشراء بعض المستلزمات من الاسواق، وفي مرحلة تالية كنت اقوم بالمساعدة في تجهيز الخيام في المشاعر المقدسة، وتجهيز وسائل نقل الحجاج، وتوفير الغذاء والماء، وفي مرحلة لاحقة كنت اعمل كصبي مطوف، حيث كنت اصطحب الحجاج الى الحرم لأقوم بتطويفهم، فكبرت المسؤوليات بكبر سني، ليوكل إليّ الوالد - يرحمه الله - كل أعباء هذه المهنة عندما تقدم به العمر، وذلك بالتعاون مع اعمامي وابنائهم واخواني الكبار، وكنت اشعر بسعادة لا تضاهيها سعادة، وبارتياح كبير لقيامي بهذه الأعمال الإنسانية النبيلة، وانا في مثل ذلك العمر".
مسميات المطوف
ورداً على سؤالنا حول مسميات المطوف التاريخية في الماضي، أجاب المطوف محمد تقي بقوله: " كان للمطوف في بدايات مهنة الطوافة كثير من المسميات التي تنبع من جنسيات الحجاج الذين يقوم بخدمتهم، فكان الذي يقوم بتطويف الحجاج العرب، يسمى ب "المطوف"، أما الذي يقوم بتطويف الحجاج الآخرين، امثال الحجاج الهنود والحجاج الباكستانيين، فكان يسمى ب "المعلم"، أما الذي يقوم بتطويف إندونيسيا وماليزيا، وحجاج جنوب شرق آسيا، فكان يسمى ب "الشيخ"، كما كان لكل فئة من فئات مطوفي الحجاج مشيخة او معلمة، وهي بمعنى "مجلس الإدارة الذي يجمعهم"، وكان يترأسها شخص من المطوفين او المعلمين او الشيوخ، فكان الشيخ عبدالرحمن مظهر هو شيخ المعلمين، وكان مقره في برحة القطان في الشامية، وكان المقر يتكون من "صُفة"، وهي عبارة عن غرفة مخصصة للمجلس، كما كانت هنالك "مشيخة"، برئاسة الشيخ الهرساني، الذي كان يرأس المطوفين العرب، ثم تطور الأمر وأصبحت "طوائف"، مثل طائفة حجاج الهند وباكستان وسريلانكا، التي كان يترأسها الشيخ عبدالرحمن سقاط، وقد ادى هذا النظام إلى تقسيم الحجاج الى نوعين في تلك المرحلة، هما حجاج "التقارير"، وحجاج "المشاع"، أو من لم يقرر لهم مطوف محدد، وهؤلاء هم الذين يتم توزيعهم على المطوفين بعد وصولهم الى الديار المقدسة، وتم بعد ذلك إلغاء نظام التقارير، ثم إعادته وتعديله عدة مرات خلال فترة الحكم العثماني، كما جرى في تلك الفترة، تنظيم اجور المطوفين - كتعرفة عام 1326ه - وحتى ذلك التاريخ كان يعتبر الاجر الذي يتقاضاه المطوف لقاء خدماته عبارة عن إكرامية يقدمها له الحاج تقديراً لضيافته، كما يرى الحاج ويقدر، دون تحديد لقيمة الخدمات من قبل المطوف".
"برزة" المطوف
وتحدث المطوف الشيخ محمد تقي، حول أبرز ذكرياته مع خدمات الحجاج خلال هذه المسيرة الطويلة التي قطعها في خدمتهم، وذكر بعض مما علق بالذاكرة منها، قائلاً في هذا الشأن: "إن الذكريات كثيرة، فهي لا تعد ولا تحصى، فالمشوار طويل والأحداث التي تمر بالشخص خلاله عديدة، خاصة الذكريات الخاصة بقيامنا بزيارة الحجاج في بلادهم في بعض الاحيان، ومن الذكريات الخاصة بأعمالنا، فقد نبدأ التجهيز والاستعداد بعد عيد الفطر المبارك مباشرة لأعمال الحج القادم من كل عام، ومن الذكريات العالقة في الذهن، أن بعض المطوفين بمكة المكرمة كانوا يقومون بعمل "البرزات" لاستقبال الحجاج بعد أدائهم لصلاة العشاء في الحرم في طريق عودتهم لمقرات سكنهم، حيث كانوا يتجمعون في هذه الجلسة لسماع مقرئ القرآن الكريم، وتناول الشاي ثم بعد ذلك يذهبون الى مساكنهم، وعند قدوم الحجاج إلى مكة المكرمة، نقوم باستقبالهم وتسكينهم بمساكنهم المجهزة لهم، ثم نقوم بتطويفهم طوافي القدوم والعمرة للمتمتعين، ونقوم بعد عودتهم من الحرم بتقديم وجبة الافطار أو الغداء او العشاء بحسب موعد عودتهم، وعند قرب حلول الوقوف بعرفات، يقوم المطوف بتجهيز موقعه بعرفات ومنى بالخيام وما يلزم من الأدوات والمعدات اللازمة لخدمة الحجاج طيلة أيام منى، ويوم الوقوف بعرفات، لحين عودتهم لمكة المكرمة، استعداداً للعودة لبلادهم، وكنا نسمع الأناشيد الدينية والزغاريد عند ركوب الحجاج بالحافلات للذهاب إلى منى وعرفات، وهكذا يكون الحجاج تحت نظر ورعاية المطوف، الذي يسعى لتوفير كل سبل الراحة له، فقد كانت علاقة المطوف بالحاج علاقة حميمية تمتد على مدى سنين العمر، ويبقى التواصل بين ابناء المطوف وابناء الحاج، الذين يقوم آباؤهم بتوصيتهم بالسؤال عن المطوف الذي استقبل آباءهم واجدادهم في فترات حجهم، وعن ابنائه وكل أفراد أسرته".
مواكبة التطورات
وتطرق المطوف محمد تقي، خلال هذا اللقاء للحديث حول التطورات التي مرت بها مهنة الطوافة في الوقت الحالي، قائلاً في هذا الخصوص: "من خلال معاصرتي لهذه المهنة ورحلتي التاريخية الطويلة معها التي امتدت لعدة عقود، فقد لاحظت التطورات الكبيرة التي مرت بها لمواكبة الزيادة الكبيرة في اعداد الحجاج، والتي تمثلت في أكبر صورها ومعانيها في قيام مؤسسات ارباب الطوائف ومنها مؤسسات الطوافة الست التي نجحت نجاحاً باهراً في التفاعل مع متطلبات الحاج، وتقنين الخدمات المقدمة له وتقديمها في قالب عصري حديث ومتطور يواكب متطلبات العصر الحديث الذي اصبحت فيه الخدمات تقدم بشكل احترافي متخصص ومدروس ومخطط له، خاصة بعض الامور التي خضعت لكثير من الرؤى الجديدة والخطط والدراسات وورش العمل كموضع التفويج لجسر الجمرات والاستقبال والسكن والنقل والإعاشة على سبيل المثال، كما نجحت هذه المؤسسات في استقطاب المطوفين وابنائهم وتوظيفهم في اقسامها وإداراتها المختلفة للاستفادة منهم ولإتاحة الفرصة لهم في مواصلة العمل في خدمة ضيوف الرحمن".
واختتم المطوف محمد سليمان تقي، نائب رئيس مجلس الإدارة السابق لقاءه مع "الرفادة" قائلاً: مما يسعدني أن أرى كثيراً من الكفاءات الشابة والمؤهلة تتولى قيادة هذه المؤسسات لتضيف الى هذه المهنة الكثير من الجوانب العلمية والاكاديمية، ولتسيير دفة العمل فيها بأسلوب عصري حديث، يواكب متطلبات العصر، ويضاهي احدث وأفضل نظم الإدارة في المنشآت الخدمية المشابهة في مختلف دول العالم، فيوجد كثير من اصحاب المناصب القيادية والمناصب العليا، كالوزراء ومديري الجامعات، ووكلاء الوزارات والمهندسين والاطباء والتربويين والمهنيين اعضاء في كثير من مجالس إدارات مؤسسات أرباب الطوائف، بل رؤساء لمجالس إداراتها".
السيرة الذاتية
المعلومات الشخصية
الاسم: محمد سليمان أحمد تقي
مكان الميلاد: مكة المكرمة
تاريخ الميلاد: 1350ه
الحالة الاجتماعية: متزوج، وله ولدان وبنتان
المراحلة التعليمية:
درس المرحلة الابتدائية بالمدرسة "الرحمانية" بمكة المكرمة
درس مرحلتي الاعدادي والثانوي بمدرسة "البعثات" بمكة المكرمة أيضا
اعماله وأنشطته
كان عضواً في أول مجلس إدارة، للمؤسسة الاهلية لمطوفي حجاج تركيا ومسلمي اوروبا وامريكا واستراليا.
عمل نائباً لرئيس مجلس إدارة المؤسسة الأهلية لمطوفي في حجاج تركيا ومسلمي اوروبا وامريكا واستراليا، في التشكيل الثاني لمجلس إدارتها منذ نشأتها.
مآثره ومناقبه
اسم معروف في عالم " الطوافة" وعلم من أعلامها
بدأ ممارسة "الطوافة" منذ طفولته كمعاون لوالده المطوف الشيخ سليمان تقي يرحمه الله.
شب وترعرع على حب هذه المهنة الشريفة، وله فيها سجل حافل ومشوار طويل.
مارس مهنة "الطوافة" عندما كان العمل فيها يتم بصفة فردية، وذلك قبل ان يمارسها في ظل المؤسسات.
يعد بمثابة ذاكرة حية ومتنقلة لمهنة "الطوافة" التي عاصر كل مراحلها، وواكب جميع تطوراتها، وشارك فيها كممارس وإداري.
يعد من المتابعين لتاريخ هذه المهنة والمهتمين بها، ومن الراصدين لمسيرتها، إذ يحفظ في ذاكرته الكثير من المعلومات عنها، وعن المراحل التي مرت بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.