يعيش الشارع الليبيى حاليا على مخاض دولة مدنية حديثة تشمل مؤسسات المجتمع المدنى وقياد دولة القانون والدستور من خلال اختيار جمعية تاسيسية من اجل اختيار لجنة من قبل حكومة الدكتور الكيب التى مدتها 8 شهور من اجل وضع الدستور الذي تقام عليه الدولة المدنية ووضع قانون للاحزاب.. فيما يناضل رئيس الحكومة حاليا بالدرجة الاولى من اجل تأمين الوضع الامني الذي هو الأهم بالدرجة الاولى، ومن أجل جمع السلاح الذي اصبح فى ايدي الشباب دون العاشرة مع ما يمثله من خطورة من ذلك ما رايته امامي عندما أطلق شاب اعيرة النارية في الهواء بمنطقة النوفليين، واذا من بين المارة سيدة كبيرة اغمي عليها وسقطت على الارض من الخوف والفزع. كما ان دمج كتائب الثوار والمجالس العسكرية والتي نرى منها فى العاصمة حاليا، اكثر من 300 -350 والشعب يتساءل متى ينفض هؤلاء، من اجل العمل والتنمية بعد ان شكلت الحكومة.. لابد من مساعدة الحكومة والدولة حتى يعيش الشعب فى آمان. ويشتكى العديد من سكان العاصمة حاليا سواء فى العلن او فى الخفاء من وجود كتائب من شتى المدن الليبية فى العاصمة وكل يتظاهر ويستعرض حسب قول احد المراقبين الليبين. كما دعا العديد من الليبين بطرابلس الى ضرورة السرعة فى جمع السلاح وعودة الثوار الى مدنهم . ويعتبر الكثير من المحللين أن نهاية القذافي جاءت نتيجة طبيعية للسياسة الفاشلة التي حكم بها شعبه؛ سياسة الحديد والنار لأكثر من أربعين سنة، وكذلك نتيجة طبيعية لسياسته الخارجية المشوبة بالقلاقل؛ حيث لا يخفى على أحد وقوف ذلك الرجل وراء عدد من الاضطرابات؛ ولاتزال الوثائق تكشف تورطه في أكثر من بلد. الجميع تأذى من النظام السابق داخليا وخارجيا وان كان ابناء البلد عانوا اكثر. الجميع تأذى من شرق الى غرب ومن جنوب الى شمال لكن لابد ان يسود مفهوم الحوار والمصلحة الوطنية لابد ان تتغلب على المصالح الشخصية فى ليبيا الجديدة.. ليبيا بلد ذو مساحة كبيرة مترامية الاطراف وبها ثروات نفطية وغازية وموارد بشرية هائلة.. وعدد سكانها 6.5 مليون نسمة بهذا الفراغ الامني والسياسي والتجاذبات ستكون مطمع للقوى الاقليمية والدولية.. لذا لابد ان يعرف كافة الليبين ذلك ويغلبون مصالحهم القيمية العامة على المصالح الشخصية. يجزم الكثير من المحللين لوقائع الأحداث على الساحة الليبية أن الطريق لن تكون سالكة أمام المجلس الانتقالي الليبي، ولا الحكومة الحالية بل لابد من تدخل الحكماء ومشايخ وسلاطين القبائل الليبية من اجل درء باب الفتنة والدخول فى حرب أهلية لايحمد عقباها. وهناك من يتربص بليبيا سواء فى الداخل او الخارج، وخاصة في ضوء التدخل العسكري الغربي في الثورة. فليبيا تحتل موقعا جغرافيا حساسا قد يغري الغرب بالاستيلاء على ثرواتها النفطية بأشكال مختلفة، ولا يتصور عاقل أن الحلف الأطلسي، وبعد دوره الكبير في الإطاحة بالقذافي، سيغادر في النهاية ليبيا من دون أن يحصد غنائم تفوق أضعاف أضعاف مجهوده ودوره الذي لا ينكره أحد في انتصار الثورة الليبية. لذلك يبدي كثيرون تخوّفهم من عملية تقسيم الغنائم على الطريقة العراقية من خلال مكافأة دول الأطلسي بصفقات نفطية وتجارية تحت غطاء إعادة إعمار ليبيا، وربما التدخل عبر عَصَبِ الاقتصاد في الشئون السياسية للبلاد وربما حتى في صوغ نظام ليبيا السياسي الجديد لمزيد الاستفادة أكثر فأكثر من هذه البلاد النفطية. ولاشك أن القيادة الليبية برائاسة المستشار عبد الجليل البلاد خلال الاطاحة بنظام القذافى باقتدار وحافظ مع اعضاء المجلس الانتقال على وحدة ليبيا والكل يشهد بذلك ..لكن الاهم الآن جهاد النفس فى الداخل الليبيى حتى يمكن المحافظة على البلاد ووحدتها.. مما لاشك فيه ان القيادة الليبية الجديدة تدرك مخاطر الهيمنة الغربية في ليبيا، وبالتالي لن يكون الأمر بهذا القدر من السهولة. كما أن الشعب الليبي لن يفرّط في حقه في تقرير مصيره، بعدما قدّم الآلاف من شبابه شهداء وتضحيات لأجل حريته وكرامته والسيطرة الذاتية على ثروات وطنه.. ومن هنا جاء تأكيد الكثير من المختصين في الشأن الليبي على ضرورة عزل ليبيا عن الأصابع الدولية. حقاً إن الشعب الليبي أمام تحديات خارجية ليست أقلّ من التحديات الداخلية والثابت أن الشعب الليبي الذي انتصر على واحد من أخطر أنظمة الاستبداد في العالم قادر على استكمال المسيرة والوصول إلى اللحمة بين أبناء الوطن.