أكد معالي نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور عبدالرحمن الحميدي أمس أن النظام المصرفي بالمملكة لن يواجه مشكلة في تطبيق معايير بازل 3 وذلك لكون النظام المصرفي تمتع على الدوام بإشراف صارم على كافة مكوناته متخذا سياسات رقابية وإشرافية تتابع كافة مكوناته حتى قبل وجود تلك المعايير. وأوضح الحميد في كلمته الافتتاحية لملتقى "استراتيجيات إدارة المخاطر للالتزام بمقررات لجنة بازل III والأبعاد المستقبلية" الذي نظمه المعهد المصرفي بالرياض بالتعاون مع شركة موديز أن أهمية موضوع وتوقيت الملتقى تأتي من استمرار تأثير تداعيات الأزمة المالية العالمية على العديد من اقتصاديات دول العالم، مشيرا الى أن العالم اليوم ما يزال متأثراً بالأزمة المالية العالمية التي بدأت في عام 2007م وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الحكومات والمصارف المركزية والسلطات الرقابية والهيئات المالية الدولية لتنشيط الأسواق والمؤسسات المالية في العديد من الدول المتقدمة إلا أن الانتعاش الاقتصادي ما يزال بطيئاً. وأكد أن من أبرز الدروس المستفادة من هذه الأزمة أن أحد الأسباب الرئيسة لها يتمثل في السياسات النقدية التوسعية لفترة طويلة بهدف تمويل النمو الاقتصادي في ظل تراخي الرقابة على الأسواق المالية خاصة المتقدمة، مشيرا الى أن أهمية حزمة الاصلاحات التي من أهمها إصدار بازل 3 لتعزيز الرقابة الدولية على البنوك العالمية والأنظمة المصرفية. وقال إن سلطات الإشراف المصرفي الدولية تعمل بجد لتحسين الرقابة المصرفية وتحولت الأزمة المالية إلى أزمة حقيقة في بعض الأسواق الأوروبية وعاودت تهديدها لسلامة بعض البنوك العالمية وما قد ينشأ عن ذلك من مخاطر العدوى لغيرها من المؤسسات المالية والأسواق، مبينا أن بعض الدراسات أظهرت عدم كفاية تعزيز الرقابة المصرفية وحدها بل لابد من انتهاج سياسات مالية ونقدية حكيمة وضرورية لسلامة ومرونة النظام المصرفي. ورأى أنه قبل الحديث عن بازل3 فإنه لابد من التعرف على أسباب فشل بازل2 الذي صدر في يونيو 2004م على أن يتم التنفيذ الكامل له في 1 يناير 2007م في منع حدوث الأزمة المالية العالمية. مجيبا بقوله إنه بالإضافة إلى التطبيق البطيء وغير المنتظم له خاصة في الأسواق المتقدمة فإن بازل2 أخفق في معالجة بعض نقاط الضعف الإشرافية في عددٍ من المسائل الهامة مثل عدم وجود تعريف موحد لجودة رأس المال وأسقف للائتمان، ومعايير مشتركة للسيولة إضافة إلى عدم استيعابه للمخاطر المفرطة للسوق في مجال عمليات المتاجرة والمشتقات المالية التي ارتفعت بشكل حاد بين البنوك الكبرى. ولذلك فإن بازل2 لم يف بشكلٍ تامٍ بالغرض المطلوب منه. وأفاد الدكتور الحميدي إن بازل3 لم يعالج فقط أوجه القصور في نسخته السابقة بل تجاوز ذلك من خلال تقديم مجموعة متنوعة من المفاهيم الجديدة في المعايير الرقابية العالمية التي اعتمدت على نتائج الدروس المستفادة بعد عام 2007م إضافة إلى ما توصلت إليه البحوث الجادة والتأملات من قبل سلطات الإشراف المصرفية العالمية. ومضى قائلا إنه قد ان إدخال بعض الإصلاحات الرئيسة على بازل3 مثل رفع مساهمة حقوق المساهمين في رأس المال الأساسي وأُستحدث مفهوم تعزيز الاحتياطيات في رأس المال لمواجهة التقلبات الدورية واعترفت بازل3 بأن السيولة لا تقل أهمية بل قد تتجاوز أهمية رأس المال لسلامة المؤسسات المصرفية ووضعت سقفاً للاستفادة من خدمات التمويل من المؤسسات المالية مما يقيد المصارف من الافراط في تحمل المخاطر. وشرح معاليه أبرز المزايا التي يتمتع بها بازل 3، مشددا على أن الرقابة والإشراف العالمي بدأ يعود للقيم الرئيسة لتيار المحافظة والحكمة والبساطة وأن هذه القيم اعتمدتها مؤسسة النقد العربي السعودي منذ أمد بعيد وداومت عليها وبالتالي فإن الانتقال إلى بازل3 لا يثير مخاوف أو يخلق تحديات كبيرة في النظام المصرفي السعودي.