برزت في الآونة الأخيرة نقاشات وفعاليات وأحداث ظهر فيها مصطلح الأقليات بقوة، حيث بدأت هذه ( الأقليات) بالظهور أو بالأحرى بالتشكل بعد أحداث 11 سبتمبر والذي أدى بالنتيجة الى احتلال وأفغانستان ثم العراق. ولو أردنا الاسترسال في تعداد الأقليات لما انتهينا من فرز المجموعات الأثنية أو الطائفية أو العرقية في الوطن العربي ولوصلنا الى الأقلية ذات العيون الخضر مثلا. ولكن من صنع مصطلح الأقلية وكيف أصبحت قضايا الأقليات تأخذ حيزا رئيسيا في صناعة الأحداث، فالأصل في الموضوع هو الانتماء للحدود الوطنية التي تجمع أبناء الوطن الواحد وبالتالي لا وجود لأقليات بل لجاليات أجنبية إذا لم تتعايش مع الوطن بحدوده الجغرافية وتنوع أثنيته وطوائفه وعروقه وكيانه الوطني، ولو أردنا صناعة التمترسات الشعبية لوصلنا الى تقسيم الوطن العربي الى أكثر من مليون أقلية. وهنا علينا التوقف والتساؤل عمن افرز نقاط الخلاف التي مترست مجموعات ذات معتقد واحد لتعيش داخل جسم سمته (أقلية) في كيان ذات هوية واحدة، فجموع الحكومات العربية تعامل أبناءه بانتمائهم الوطني لا بمعتقداته الداخلية (طالما بقيت داخلية لا تؤذي) . أن صناعة أقلية في منطقة معينة تصنع أقلية بالتأكيد متلازمة معها في منطقة أخرى.. ولا بد أن يتحمل الوطن الأم بسلطاته الفعالة جزءا من مسئوليته عن انفصام مجموعة من المواطنين ليتحولوا الى (أقلية) تنادي بحقوق مميزة لأنها عن خرجت عن المجموع العام، فالأصل في الموضوع بتر أسباب انسلاخ أية مجموع عن المركب الوطني وإبعاد أصحاب المصالح والمطامع الخارجية التي تبرع في استخدام نقاط الالتقاء الثانوية بالأصل لجذب أحصنة طروادة لمشروعها التخريبي . بالنتيجة إن مصطلحات الأغلبية والأقلية هي مصطلحات مؤقتة قد تطلق على تشكيلات حدثية مؤقتة لتكوين رأي عام أو قرار وطني بالأغلبية تماشيا مع روح الديمقراطية والأخذ بالرأي الأرجح والقرار الأصوب.. ولكن لا يمكن القبول بوجود مجموعة تنبري بالتجمع تحت أي بند معلنة انسلاخها عن الوطن تحت بند طائفي أو أثني والمطالبة بمزايا مرتبطة بأسباب التمترس التي اختلفت عن مصالح المجموع العام، ف(الأقلية) يمكن القبول بها جالية أجنبية لا ترتبط بالوطن إلا مؤقتا لحين عودتها (لأغلبيتها).