في الأول من أيلول عام 1969 قامت مجموعة من الضباط الليبيين يقودها معمر القذافي بإلإطاحة بالحكم الملكي وإعلان ليبيا جمهورية عربية تقوم على مبادئ الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية، لكن قائد الحركة بدأ في انتهاج سياسات وصفها خصومه بالمثيرة للجدل والمتشددة. خاض القذافي حروبا مع جيرانه، منها حربه القصيرة مع مصر في عام 1977 على خلفية الموقف من العلاقات المصرية الإسرائيلية. وتورط في الحرب اللبنانية وارسل السلاح الى المنظمات الفلسطينية واليسارية لمواجهة الاحزاب المسيحية، واتهم باختطاف الإمام الشيعي موسى الصدر في أغسطس 1978 حين كان في زيارة لليبيا في إطار جولة عربية قادته إلى عدد من الدول المؤثرة في الشأن اللبناني. أما لوكربي والطائرة الفرنسية والملهى الليلي في ألمانيا وقضايا أخرى، فقصصها رويت بإسهاب عبر وسائل الإعلام الدولية، والبطل هو نفسه: العقيد معمر القذافي قائد الثورة الليبية. تحدى الغرب مقيما علاقات مع منظمات مسلحة من شتى أنحاء العالم، فتعرض منزله في طرابلس الى ضربة جوية أميركية في العام 1986 على خلفية اتهام واشنطن لليبيا بتفجير ملهى ليلي في برلين. وفي عام 1992 فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على ليبيا بعد اتهامها بالضلوع بتفجير طائرة بان ام الأميركية فوق الأراضي الاسكوتلاندية عام 1988، واعترفت ليبيا بمسؤوليتها المدنية عن التفجير في وقت لاحق ودفعت تعويضات لأسر الضحايا. إلا أن القذافي أعلن مطلع هذا القرن تغييرات في سياسته الخارجية مبديا انفتاحا على الغرب ومتخليا عن البرنامج النووي الليبي بعد حرب العراق الثالثة، ليتوج هذا المسار بإعلان مجلس الأمن عام 2003 رفع العقوبات عن ليبيا، وبعودة العلاقات مع دول غربية كبرى. ظل القذافي يقود ليبيا لا بصفته رئيسا وإنما قائدا للثورة، وظهرت وجوه جديدة من النظام تحدثت عن الإصلاح منها نجله سيف الإسلام، إلا أن الخطوات الاصلاحية التي أعلنها القذافي ، سرعان ما قال معارضون إنه لا يعول عليها مع الاستمرار في التضييق على الصحافة والإعلام وغياب دستور في البلاد. وبعد نجاح الثورتين التونسية والمصرية، بلغت رياح الثورة ليبيا حيث بدأت الاحداث تتخذ منحى تصاعديا ودمويا منذ فبراير الماضي مع تحرك الاحتجاجات المطالِبة بالإطاحة بنظام القذافي، ومحاولات النظام الحاكم قمعها.