الجوائز العلمية في بلادنا، وبخاصة ذات الصبغة العالمية،أصبحت تستقطب،للمشاركة فيها، أكثر العناصر العالمية كفاءة وعلما وتميزا في المجال المعني.وعندما وجه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز بإنشاء جائزة عالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة كان هدف سموه الكريم هو أن تنطلق الجائزة من المحلية المنغلقة للعالمية الرحبة، لتكون ذات صوت دعوي عالمي. وها هي الجائزة في نسختها الخامسة،وقد تحقق لها الإنجاز تلو الإنجاز حيث تفرعت منها جائزة تقديرية لخدمة السنة النبوية،ومسابقة لحفظ الحديث النبوي.ومازال في جعبتها الكثير من المشروعات. فمثل هذه الجائزة العالمية،بلا شك ستقود إلى العودة إلى العلوم الأصلية في مجال علوم الحديث الشريف تصنيفا وتحقيقا ودراسة مما سيفضي إلى الإسهام الفعلي في ازدهار الحاضر والعمل على بناء مستقبل أزهر.ومن أولى مجالات هذه الدراسات مجال البلاغة النبوية،والفكر المحمدي،والهدي النبوي،من خلال دراسات أدبية وعلمية وفكرية شاملة تسهم في تشكيل عقول النشء وفي تبني الفكر الناضج للمسلمين،والعمل على ربط كل ذلك بالعلوم والنظريات العلمية الحديثة،وبالواقع المعاش في عصرنا الحاضر. فهذه الأبحاث والدراسات الأدبية العلمية الفكرية للسنة النبوية القولية والفعلية والتقريرية ستؤدي إلى الإسهام في إيجاد أعمال فكرية متميزة،وإخراج سلسلة ذهبية من الدراسات والأبحاث العلمية ستثري المكتبة العربية والإسلامية،ويدعم كل ذلك أن الحديث النبوي الشريف هو المصدر الثاني للتشريع في كل مناحي الحياة الإسلامية وبخاصة في مجال التربية والتعليم بكل أبعادها وأنماطها مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ). ولتأكيد ما ستعود به هذه الدراسات من فوائد جمة، يمكن الرجوع إلى ما وصف به كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في كل العصور، إذ كان وصفا جامعا لكل النواحي والمذاهب العالية في جوامع الكلم،وعمق المعاني،وفصاحة البيان،ومنها على سبيل المثال لا الحصر،قول الجاحظ: "لم يسمع الناس بكلام قط أعم نفعا،ولا أصدق لفظا، ولا أعدل وزنا، ولا أجمل مذهبا، ولا أحسن موقعا،ولا أسهل مخرجا، ولا أفصح من معناه،ولا أبين من فحواه، من كلامه صلى الله عليه وسلم ". فلتكن دراساتنا وأبحاثنا على قدر تلك الأوصاف.فتلك الصفات العالية بكل أبعادها الدنيوية و الأخروية جديرة بالاهتمام بالدراسات والأبحاث من أجل تحقيق الأهداف التي ترمي إليها الجائزة من خلال جهود هذه الشخصيات العلمية التي تتكون منهم هيئتها العليا.وبلا شك فإن الأعوام القادمة ستشهد على أن الجائزة بدأت على أرض صلبة من الارتكاز العلمي، وستتواصل هذه الجهود بصورة أعمق للوصول إلى حقيقة أن الجائزة كانت سببا مباشرا في خدمة السنة النبوية،وفي إثراء الدراسات الإسلامية المعاصرة.متمنيا التوفيق والسداد لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية،وكل أعضاء الهيئة العليا للجائزة، وللأمانة العامة على جهودهم المتميزة في مسيرة الجائزة وفي الانتقال بها من المحلية إلى العالمية.وما التوفيق إلا من عند الله.