تدور بنا الأيام وتسير بنا عجلة الحياة نحو المستقبل، وفي كل يوم جديد نحمل آمالاً جديدة ونواجه وجوهاً جديدة، قد نتسرع بالنفور منها لكن تثبت لنا المواقف معادنها الأصيلة، وقد نتسرع ونحبها فتكشف لنا الأيام ما كنا نجهل! لكن ليس هناك في نظري أسوأ من أن تلتقي في مسيرة حياتك بمن يتاجر بأهواء الناس أو همومهم وقضاياهم بمختلف فئاتهم لتحقيق أهداف شخصية على المدى القريب أو البعيد، فعلى سبيل المثال نجد مذيعاً لم يفتأ يردد كلمة "الشباب" و "يريد الشباب" و "يطمح الشباب" مع كل شهيق وزفير! وقد نجد كاتباً أو كاتبة ممن استبدل علامات الترقيم فيما سطر بعبارات مثل "من حقه" أو "الأولوية" فحشرها بين كل جملة وفي كل صنف أدبي سواء كان مقالاً أو قصة أو خاطرة! ولن أغفل عن ذكر الكلمة السحرية التي كثر استخدامها لفتح الكثير من الأبواب وهي "المرأة"! ترى .. ماالذي يحدث ؟! أقولها وبكل أسف.. إن حب الظهور وعشق التصفيق طغى على البعض لدرجة جعلته ينسلخ من إنسانيته وضميره وأعطى لنفسه الحق في استغلال هموم الآخرين والرقص على أوتار آلامهم وآمالهم، ولم يكتف بذلك بل استخدم أسلحة قذرة لزرع الحسد وبث الفرقة بين المسلم وأخيه الذي يتقاسم معه رغيف العيش وثرى الوطن! لكن ولحسن الحظ أن المتلقي لم يعد ذلك الإناء الفارغ الذي يكتفي بإستقبال ما يسكب فيه من أفكار، بل أصبح يفكر ويحلل ويفهم ما وراء السطور المنقوشة بماء الذهب، وقرون استشعاره جاهزة ومتأهبة على الدوام لتصنيف ما يواجه ليحدد موقفه الرافض أو المتبني أو المحايد. مع ذلك ولأن الكثير منا لازال يندفع ببراءة تجاه الآخر فلا مفر من بعض الألم، لكن الألم الكبير يحدث حين نكتشف بأن تلك الوجوه الرقيقة التي التقيناها وأحببناها لسنوات قد تطول تخفي أقسى القلوب وأغرب الأسرار. *كاتبة إعلامية