صديقتي انسانة رقيقة وشفافة ، حين أنظر إلى عينيها أقرأ الكثير ، فتارة أقرأ سطوراً من الحزن وتارة أقرأ السعادة وتارة لا أرى سوى شلال من الدموع.. صديقتي جاءت اليوم إلى العمل متورمة العينين تشكو قسوة الحياة وقسوة الرجل ، فغيرة زوجها وقسوته الناتجة عن تلك الغيرة العمياء من أي شخص وأي شيء تكاد تطبق على أنفاسها ، ولأنها أصبحت وحيدة بعد وفاة والدتها وجدتها التي قامت بتربيتها فهي تجد نفسها تتخبط .. قصتها تجعلني أتساءل لماذا نعطي الآخرين مفتاح سعادتنا ثم ننتظر منهم بترقب أن يعطفوا ويتجملوا ويمنحونا القليل منها؟ ولم الكثير منا حتى الآن لم يدرك أن السعادة شعور لا صلة له بماديات الحياة أو البشر من حولنا وبأنه خيارٌ داخلي يرتبط بالرضا وينبع من القلب! صديقتي الرقيقة قالت بأنها تحبه وكلها أمل بأن يتغير للأفضل ، لكني نصحتها بأن تتغير هي أولاً وتأخذ موقفاً صارماً تجاه ما يرتكبه بحقها من جرائم سب وشتم وإهانة تتطور أحياناً إلى الضرب! فكيف ننتظر ممن يعتقد بأنه على حق في ما يفعل - ولم يجد من يقف في وجهه يوماً - أن يتغير ؟ قدمت لها الكثير من الحلول للخروج من هذه المشكلة التي تعيشها ، لكنها كانت دوماً تكتفي بالنظر إلي وهي تقول بأني لم أجرب الحب ولن أفهم ما تمر به ! وبأني انسانة سعيدة لم تذق طعم الألم يوماً ولذا لن أفهم ما تعانيه حقاً! ولكن من قال بأن الحب يجب أن يرتبط بالألم والجرح ؟! وهل من يحبك بصدق قادر على أذيتك بحجة حبه الكبير ؟! وإن حدث وأن أحببنا وارتبطنا بالشخص الخطأ هل من العدل أن نتحمل منه الأذى حفاظاً على ما نحمله في قلوبنا من حب ؟! بمعنى أن تتحمل صديقتي الرقيقة الحياة مع من لا يرى أمامه إلا احتياجاته فقط ويتركها تغرق وسط دموعها ليلا ونهاراً لأنها تحبه !؟ أين المنطق في هذا؟ وماذا عنها هي وعن احتياجاتها العاطفية ، وماالذي تحتاجه المرأة في الحياة أكثر من الإشباع العاطفي والاحترام والتقدير كإنسانة ومن ثم زوجة ورفيقة درب؟ ترى هل تأثرنا بنتاج الدراما الخليجية وما تحمله بعض المسلسلات من مآسٍ وقلة حيلة ومصائب زاعمة بأن ما تقدمه هو من الواقع الذي نعيشه ؟! صديقتي ..لقد أرهقني التفكير في وضعك وبدأت أشعر بأنك تأقلمتِ مع نمط هذه الحياة ، وربما هناك سر لا أعرفه، لكني لن أكثر من تساؤلاتي فنحن نعيش عصر التناقضات الذي طمست فيه شخصية الفرد، وتكاد تختفي فيه القيم والمبادىء ! ألم تشاهدي كيف انتقلت بعض الشخصيات من غرف البالتوك إلى الشاشة التلفزيونية في شهر رمضان المبارك ليشاهدها الصغير والكبير ! عجبي. * كاتبة ومذيعة سعودية