يبدو أنه لم يكن يوماً مناسباً لتنفيذ مشاريع الصرف، فقد فعلتها الأمطار مرة أخرى في الأنفاق.. وتبخرت الأفكار ،وربما مزقت السيول كل المخططات الهندسية أيها الجداوي لا تنظر وراءك ، ولا عن يمينك أو شمالك أطلق ساقيك للسيول والمياه الجارفة بسحنتك الداكنة حين يصرخ رجال الدفاع المدني ذوو السترات الفوسفورية Be careful Be careful .. سينبطح الجميع،وتتعطل المركبات،وإشارات المرور، بينما أنت تهرب صوب محطات الوقود ، لأنها غالباً تكون في أرضية مرتفعة نسبياً. أو جرب حظك واركض في الأنفاق علّك تتعلم السباحة وتنجو وبذلك قد فعلوا منك رجلاً شجاعاً،وأخرجوك من الخوف والهلع ،أو علّ الزحام على الأرصفة يمنحك فرصة الهروب ..وان لم يكن هناك أشجار عليها والتسلق بها تنجيك من الغرق. اهرب بسمرتك الجداوية وقهرك القدري يلاحقك من حارة لأخرى أنت وسيارتك التي تلفظ أنفاسها. عيونك القلقة ودقات قلبك، وسحنتك أيضاً، لم تعطك الأمان من الحفريات المختبئة تحت المياه الجارفة.. في كل خطوة تتخطاها ..مرة يطير عقالك ..ومن ثم شماغك والكوفية الواسعة تسقط بكل سهولة،كي تسبح تحت أقدامك وانت متشنج وفي غضب شديد..ضاعت أناقتك يا جداوي. أطلق ساقيك للسيول مرة أخرى، لا تنظر بوجه عبوس في لوحة الإعلانات، كلم 55 او 66هللة للدقيقة،فإنها خبيرة في نهب الجيوب. لا تنظر للجانب الآخر حيث تعبر سيارات الإنقاذ كالسهم بوجوه تراقب خلف النوافذ، عيون وأكف تلتصق بالزجاج. لا تنظر خلفك حيث سدود تهشمت ،تريد أن تضعك بثلاجات الموتى،لتكن مع الأنفس المتراكمة على بعضها البعض. اركض باتجاه ضوء الشمس يتدفق من ثغرات السحب،علها جفت المياه..أو باتجاه أبحر، عسفان أو قرية ضائعة في وسط البحر. الوجه العبوس يبتسم من طرف شفتيه ياجداوي. وأنت كحصان تحمحم متوتراً . أسمع بتمعن صرخات أهل جدة من وراء النوافذ في لوحات الإعلانات: جدة تعبت غرقاً يا ناس. أهرب كي نرديك، ثم نتأكد من سلامتك. موتك بانتظارك وكفنك طين السيول ..كن مستعداً لا تخف ..فكلنا قادمون إليك أو اهرب بلا رجعة. . . . لقد فعلوها مرة أخرى بك وبجدة.