التخطيط هو النشاط الذي ينقلك من وضعك الحالي، وأهداف حاضرك إلى ما تطمح بالوصول إليه، وذلك عن طريق تصميم أعمالك، ووضع برامجك، وتطوير الخطوات الفعالة لتحقيقه، وكأني بهذا التخطيط قد حاز من اسمه نصيبًا، فهو بمثابة خطوط ترسمها بفرشاة الرسالة والرؤية، خطوط تصل بين وضعك اليوم، وما ينبغي أن تنجزه من أهداف؛ لكي تحول تلك الرسالة والرؤية إلى واقع من النجاح والتميز.بل يضيف عالم الإدارة هنري فايول إلى معنى التخطيط بعدًا هامًا حين يقول: (التنبؤ بما سيكون عليه المستقبل، مع الاستعداد لهذا المستقبل)، فليس المعنى من التخطيط أن ترسم الطريق إلى الهدف فحسب، بل أن تستشرف العقبات والمعوقات، وتسعى في إيجاد الحل الملائم لها مسبقًا.أو بعبارة أخرى هو عملية تجميع المعلومات، وافتراض توقعات في المستقبل؛ من أجل صياغة النشاطات اللازمة لتحقيق الهدف. الأسئلة الخمس.ولكي تتمكن من ترجمة مفهوم التخطيط إلى واقع عملي، فإن ذلك يكون بالإجابة على خمس أسئلة رئيسة: · ما: ونعني به الهدف الذي ستضع له خطة لتنفيذه. · متى: الزمن الذي تنفذ به الخطة. · من: الأفراد الذين سيقومون بتنفيذها. · كيف: عملية التنفيذ، بما فيها من خطوات عملية، وبرامج تنفيذية. · كم: عملية الرقابة والمتابعة والتقييم. فالتخطيط إذًا أداة إدارية رائعة تسهم في تحقيق أهدافك، فالسائر في الصحراء مثلًا، يحتاج إلى بوصلة تحدد له الاتجاه، ثم خريطة تحدد له الطريق الصحيح، فكذلك المؤمن الفعال في رحلته نحو تحقيق أهدافه، يحتاج إلى بوصلة هادية، والتي تتمثل في الرسالة والرؤية، ثم إلى خريطة مرشدة، وهنا يأتي دور الخطة الفعالة، لتكون بمثابة الخريطة إلى تحقيق الأهداف، وبدونها يصبح أي جهد يبذله الإنسان جهدًا ضائعًا لا قيمة له. ثمار التخطيط: (الخطة الذكية هي الخطوة الأولى للنجاح)بيسل إس والش.ولربما يسأل سائل فيقول: ألم يكن كافيًا أن أحدد رسالتي، وأوضح رؤيتي، وأصوغ أهدافي، ثم انطلق في تحقيقها؟! فلماذا أحتاج إلى التخطيط؟! وما الذي سيضيفه إلى من النجاح والتميز أن أضيع بعضًا من الوقت في التخطيط؟! ألم يكن من الأفضل استثمار هذا الوقت في العمل؟! والإجابة على صاحبنا سهلة يسيرة، فإن (مسألة الإدارة والاهتمام بها لم تعد مقصورة على المؤسسات والشركات فحسب، وإنما صارت مسألة شخصية أيضًا؛ لأن الإدارة باختصار تعني تحويل ما لدى الناس من قيم وأفكار، ومعارف وإمكانات، ونظم إلى عناصر إنتاجية تسهم في تقديم حياتهم؛ ولهذا فإن تحسين معرفة الأفراد بالمسائل الإدارية بات مسألة لا تحتمل التأخير)، وليس ذلك فحسب، بل دعونا ندعوه إلى أن يأخذ معنا جولة سريعة في رياض التخطيط؛ ليدرك بعد ذلك بإذن الله أهمية هذه الأداة في إدارة دفة الحياة نحو النجاح والتميز، فهيا بنا إلى رياض التخطيط: الروضة الأولى: من هنا نبدأ. فالشخص الذي نجح في وضع رسالته ورؤيته في الحياة، وحوَّل هذه الرؤية إلى أهداف واضحة؛ لا بد له أن يضع خطة محكمة لتنفيذ هذه الأهداف؛ وذلك لأنه يريد أن يتوجه بكل قوته نحو هدفه مباشرة، ويريد الوصول بأسرع وقت ممكن. وذلك بالطبع لا يكون إلا بالتخطيط لهذه الجهود قبل عملها، ولذلك فالتخطيط هو خير معين لك بعد توفيق الله U في الوصول إلى أهدافك، بل هو أساس النجاح، وبدونه يصبح الفشل أمرًا متوقعًا حدوثه، تمامًا كما تقول الحكمة الشهيرة: (إذا فشلت في التخطيط، فقد خططت للفشل). وربما يكون ذلك قد دفع أحد حكماء الإدارة وهو ستيفن إيه. برينان أن يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث يجعل التخطيط هو السبيل الأوحد للنجاح؛ فيقول: (يكمننا الوصول إلى أهدافنا فقط من خلال خطة نعتنقها بشدة، ونعمل على تنفيذها بقوة، ليس هناك طريق آخر إلى النجاح). فالتخطيط يُقسِّم حياتك إلى مراحل ومحطات، تقف عند كل محطة منها؛ لتراجع نفسك وتُقيِّمها، كما أنه يعينك على ترتيب الأولويات، ويجعلك تُقسِّم وقتك على وفق هذه الأولويات. الروضة الثانية: مفتاح التوازن. فصاحب الرؤية له جوانب عديدة لرؤيته (الإيماني، المادي، الاجتماعي، الشخصي)، ويتنقل بين العديد من الأدوار في الحياة، وبالتالي لا يمكن القيام بهذه الأدوار جملة واحدة بدون وجود خطة محكمة تنسق بين هذه الأنشطة، وتجعلها تتكامل معًا في نسيج واحد متداخل متكامل متسق مع بعضه البعض؛ وذلك لأن (قدرتك على أن تدير مشروعات ووظائف متعددة المهام هي عامل أساسي لنجاحك). وبالتالي فإن امتلاكك لمهارة التخطيط هو العامل الأساس في لحاقك بركب الناجحين العظماء، فكما تقول براين ترايسي: (الأشخاص العاديون لهم أمانيهم وآمالهم، والأشخاص الواثقون بأنفسهم لهم أهدافهم وخططهم) فمن أي الفريقين أنت؟! الروضة الثالثة: جوهر الإدارة. فالتخطيط يؤهلك لاستغلال أي مورد في حياتك الاستغلال الأمثل، واستخراج أقصى طاقة منه، كما يجعلك تستغل وقتك الذي هو أثمن مورد تملكه الاستغلال الأمثل؛ فجوهر الإدارة أن تستثمر الموارد المتاحة لتحقيق أعلى إنتاجية ممكنة، فمن خلال التخطيط سوف تتمكن من تحديد الأنشطة المطلوبة لتحقيق أهدافك، وبالتالي تستطيع أن توزع جهودك عليها، بما يمكنك من استغلال وقتك ومواردك أمثل استغلال، فلا تخطو خطوة في الحياة إلا وتقربك إلى أهدافك. الروضة الرابعة: حتى يصيب السهم الهدف. ففي التخطيط تتنبأ بالمشكلات وأبرز العوائق، التي ستعيقك عن تحقيق هدفك، وبالتالي تستعد مبكرًا لذلك، وتضع كل الاحتمالات والاختيارات؛ لمواجهة هذه المشكلات، والتغلب على تلك العوائق؛ مما يقلل من وقوع الأزمات من الأصل، كمثل القبطان الماهر الذي يملك خريطة واضحة لسيره، تبين له مواطن الأعاصير، والتيارات البحرية في قلب المحيط؛ حتى يستطيع أن يتجنبها في سيره، ويستعد لمواجهتها إن كان مروره بها أمرًا حتميًا؛ وبالتالي يقود سفينته وراكبيها إلى بر الأمان بأمان. الروضة الخامسة: مقياس التطور. فمن أبرز مزايا التخطيط أنه يوفر المعايير والأدوات التي بها تستطيع قياس التقدم الذي تحرزه، فلا يمر عليك يوم في حياتك، إلا وتستطيع أن تقيِّمَ فيه نفسك، ومدى تقدمك نحو أهدافك؛ لأن التخطيط يتضمن جدولة زمنية محددة؛ لتنفيذ خطوات عملية نحو الأهداف باستمرار؛ مما يعطيك الفرصة للتحسن المستمر، ومعالجة المشكلات المعيقة وغير ذلك، فكما يقول بيسل إس والش: (الشخص الذي يخطط يعرف إلى أين يتجه، ويعرف قدر ما يحرزه من تقدم). الروضة السادسة: القوة الدافعة. فالتخطيط حافز قوي للتحرك، فحينما تضع خطة واضحة ومحكمة لتحقيق هدف ما، يتولد لديك دافع أكبر لسلوك الطريق، وتنفيذ هذه الخطة من أجل تحقيق رؤيتك، فالتخطيط هو خير محفز للمرء حيث يدفعك إلى الأمام، ويقود خطاك إلى أعلى، ويرفع روحك المعنوية، ويحسن رؤاك وعلاقاتك مع الآخرين. الروضة السابعة: اغتنم فرص النجاح فكثير ما تمر على الواحد منا فرص للنجاح وتحقيق الأهداف، إلا أنها تحتاج إلى فترة إعداد طويلة، وهذا لا يتم إلا بالتخطيط الجيد؛ استعدادًا لاستغلال مثل هذه الفرص، فكما يقول إتش جاكسون براون: (الفرص تواتي المستعدين لاغتنامها).