أسئلة صادمة جدا تلك التي يطرحها من عاش حياته بفوضوية وعشوائية بلا هدف واضح ولا رؤية يسعي لتحقيقها و لا رسالة حياتية يبذل جهده لاستمرارية بثها في مجتمعه بإيجابية والنتيجة ضياع قد يؤدي إلى مالا تحمد عقباه أو إلى العيش كيفما اتفق، ولننظر في حياتنا ونقيمها بصدق ولربما نجد من يعيش بيننا بلا أهداف يناضل من أجلها باختلاف الفوارق العمرية والشواهد في ذلك كثيرة، فهل وضعنا لحياتنا خططا شخصية ذات رؤية ورسالة نحقق من خلالها أهدافنا الحياتية والشخصية والتعليمية والثقافية والأسرية والصحية والمجتمعية؟، وإن صممناها هل عملنا بما فيها أم سوفناه؟ والنتيجة إبحار سفن أعمارنا إلى غير ميناء إلى محيطات الضياع عندما أضعنا بوصلة حياتنا ، خططنا الشخصية التي سيتحدث عنها في هذا التحقيق عدد من الخبراء والمتخصصين علنا نحثكم أعزاءنا القراء في استدراك ما يمكن استدراكه مجتمعنا لا يخطط لحياته عن أهمية التخطيط الشخصي يقول الباحث في قضايا التدريب عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف الدكتور سعيد على الزهراني: التخطيط الاستراتيجي وسيلة وليس غاية، فهو خريطة إلى المستقبل ومن متطلباته القناعة و الالتزام والدعم ولاشك أن غرس وزراعة مفهوم وثقافة التخطيط لدى المجتمع بمختلف فئاته يحتاج إلى جهود وطنية مخلصة تساهم في إعداد جيل يخطط ويفكر على المستوى الشخصي أو المنظمة وهناك العديد من العوامل والتحديات التي تحتم على الفرد أن يبدأ في عملية التخطيط الشخصي كالنمو السكاني المتزايد والتغيرات والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والكفاءة والفاعلية والعولمة والتحولات الثقافية والمفاهيم الجدية المتعلقة بالعولمة كما أن التميز والإبداع والمواءمة مع سوق العمل والجودة الشاملة تحتل جانباً مهماً في ذلك وحول المفاهيم الخاطئة للتخطيط لدى البعض يوضح قائلا: للأسف نحن مجتمع لا يخطط لمستقبله لأن البعض يعتقد أن التخطيط يأخذ جهداً ووقتاً كبيرين نظرا لصعوبته ويعتقدون أنه يختص بمرحلة عمرية معينة وأن النجاح والتميز يأتيان بالصدفة وهذه أعذار تأخذ شكل اعتقادات خاطئة، وعن قياس أثر التدريب لمن انخرط في البرامج التدريبية المتعلقة بالتخطيط الشخصي يشخص الدكتور الزهراني الحالة بأنها في الغالب تأتي نتيجة سعي المتدربين في الحصول على شهادة للدخول بها في مفاضلة وترقية وليس لتمنية وتطوير القدرات والدليل عدم وضع خطة حياتية صادقة للمتدربين للوصول إلى الأهداف وفق منهج علمي واضح، ويحمل الدكتور الزهراني بعض المراكز التدريبية السبب في الإحجام عن الالتحاق بالدورات المتخصصة في التنمية البشرية إما لرداءة المحتوى أو لسوء أداء المدرب مما خلط الغث بالسمين في السوق التدريبية عموما ويُنصح الطامحون للتميز البحث عن البرامج المتميزة والمدربين المبدعين ومن ثم النية الصادقة في التطبيق الفوري لمهارات التخطيط التي تعلمها الشخص لاسيما وأن هناك محاولات عديدة من بعض المراكز الرائدة لتقديم ثقافة التخطيط بأسلوب سهل و مبسط. ثقافة اللحظة الأخيرة ديدننا الأستاذ فهد الثبيتي وعن أهمية دور البيئة المدرسية في نشر ثقافة التخطيط الشخصي للطلاب والطالبات يرى مساعد مدير عام التربية والتعليم للشؤون التعليمية الأستاذ فهد سعد الثبيتي بأن التخطيط ضرورة في حياة الأمم والأفراد والشعوب وبدونه لا تستطيع الأمم والأفراد أن تصل إلى أهدافها اليومية والاستراتيجية مما يجعل حياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية متخبطة إلى حد الفوضى، ويضيف الأستاذ الثبيتي: وقد غابت سياسة التخطيط عن حياة الأفراد بشكل ملحوظ وبشكل أقل حدة في حياة الأمم والدول في الأمتين العربية والإسلامية ونتيجة لذلك كان ذلك التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويعتقد الثبيتي أن بيئة المدرسة بيئة تخطيط لم يستفد منها ويؤكد أن حياة المدرسة والحياة التعليمية بكاملها قائمة على التخطيط بدليل تلك المنظومة من العمل على بناء أهداف لكل مرحلة من المراحل المختلفة في التعليم ويضرب مثلا ببيئة المدرسة التي تقوم على التخطيط من أول يوم حتى نهاية العام الدراسي وينفي الثبيتي تحميل المدرسة تلك الأخطاء الرهيبة في عدم الأخذ بالتخطيط الشخصي للمجتمع المتعلم كون الثقافة المتوارثة قائمة على العشوائية وثقافة اللحظات الأخيرة في أي عمل من الأعمال الفردية أو الجماعية التي يعيشها مجتمعنا الإسلامي عموما والسعودي على وجه التحديد، ويحمل الثبيتي المسؤولية كافة الأفراد والمؤسسات المتخصصين حيث يعول عليهم نشر ثقافة التخطيط بوسائل مختلفة إعلاميا وتعليميا وتبيان أهمية التخطيط في بناء مجتمع يتنافس للوصول إلى العالم الأول ويطالب بوضع الخطط الشخصية للفرد أولا من أجل المساهمة في استعادة أمجادنا الحضارية السابقة وتنميتها من جديد. الجامعة تبث طمأنينة المستقبل وفيما يخص دور التعليم الجامعي في التعامل مع طموحات خريجي الثانوية من الجنسين الذين يعتقدون أن رغباتهم هي تخطيط شخصي مستقبلي لحياتهم يؤكد معالي مدير جامعة الطائف الأستاذ الدكتور عبد الإله بن عبد العزيز باناجة بأن الجامعة تسعى دائما لتحقيق توازن بين طموحات المواطن واحتياجات المجتمع بما يحقق التنمية المستدامة للوطن وتحقيق طموحات المواطنين المستقبلية وسد احتياجاتهم أيضا، ويضيف: ولأجل تحقيق هذه الغاية فإن الجامعة تحرص كل الحرص على تهيئة المناخ المناسب للعملية التعليمية المثلى ووضع طلاب الثانوية على أعتاب المستقبل وبث الطمأنينة والسكينة في أنفسهم حيال المستقبل وعن كيفية التعامل مع طموحات الطلاب يشير معالي الدكتور بأن الجامعة توفر خططا طموحة لتأمين مستقبل طلابها وطالباتها، كما توفر لهم المرشدين الأكاديميين الذين يتابعونهم طوال دراستهم بالجامعة، بالإضافة إلى التحاقهم بالسنة التحضيرية التي تؤهل كل طالب حسب قدراته العلمية للالتحاق بالتخصص الذي يتوافق مع قدراته قدر الإمكان ويحث معالي مدير جامعة الطائف طلائع الخريجين والخريجات من الراغبين في الالتحاق بالجامعات ضرورة المثابرة والاجتهاد للحصول على الدرجات العلمية التي تؤهلهم للكليات التي تناسب رغباتهم انطلاقا من أن التعليم العالي في بلادنا لا يزال وسيظل المظلة التي يجتمع تحتها أبناؤنا الطلاب والطالبات حيث تعتمد المؤسسات الجامعية في المملكة على التخطيط الأمثل لإدارة العملية التعليمية في المرحلة الحالية والمستقبلية، وهناك وحدات وإدارات للتخطيط داخل الجامعات تعمل جاهدة على وضع الخطط القصيرة الأجل والطويلة الأمد لتحقيق أعلى درجات التميز في الأداء كما أن الجامعات بما لديها من إمكانات هائلة ودعم متواصل من حكومتنا الرشيدة- أعزها الله- تخطو خطوات واسعة نحو المستقبل بما يحقق التنمية الاقتصادية والبشرية والثقافية في المملكة. علاج المشكلة بأيدنا الدكتور عبدالمنان بار ولأن مسألة التخطيط الشخصي ترتبط بالنفس البشرية ودوافعها توجهنا لأستاذ الإرشاد النفسي للدراسات العليا رئيس قسم علم النفس بجامعة أم القرى الدكتور عبد المنان ملا معمور بار الذي قال: لا تزال ثقافة التخطيط ثقافة ضعيفة في أمتنا الإسلامية المعاصرة وعلى وجه الخصوص مجتمعنا السعودي لأننا لا ندرك بأن التخطيط عملية مستمرة لتحديد طريقة سير الأمر فالتخطيط رؤية مستقبلنا وبرامجنا التنموية الفردية والجماعية التي تحقق رؤيتنا ورسالتنا وأهدافنا الحياتية وذلك لا يتم إلا بالتطبيق العملي لخططنا الشخصية التي تحدد واقع العمل عبر الوسائل والأساليب الموضحة لنقاط القوة ونقاط الضعف والكاشفة للفرص المتاحة بإيجابياتها وسلبياتها لتحقيق المراد، ويصف الدكتور عبدالمنان بار تخطيط المجتمع السعودي بالعشوائي لأنه مجرد نوايا وأفكار تفتقد للمتابعة وبالتالي تفقد الأهمية وتتحول إلى طموحات غير دقيقة لا تلبث أن تتبعثر على هامش حياتنا برغم أن ديننا الإسلامي دين نظام في العبادات والمعاملات وفق توازن رباني عظيم فالمولى سبحانه وتعالى خلق الكون في نظام مخطط لا عشوائية ولا صدفة فيه وخلقنا في تنظيم متكامل لم ندبره كما يجب بل إن الكثير من أفراد مجتمعنا سعودي ربما يسلك سلوك التخبيط لا سلوك التخطيط لأننا نفتقد لثقافة التخطيط الشخصي. وعن علاج هذه المشكلة المجتمعية الخطيرة يقترح الدكتور عبد المنان بار عدداً من الوسائل العلاجية المتمثلة في أن تكون خطط التنمية متمركزة في غرس ثقافة التخطيط الشخصي في الجوانب التربوية والتعليمية والرياضية والمجتمعية ويرى الدكتور عبد المنان بأن ذلك مسؤولية كافة الجهات التربوية التعليمية والصحية والإعلامية والثقافية والاقتصادية والرياضية، ويناشد الدكتور عبدالمنان كلا من وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي وضع استراتيجية وطنية علمية عملية فاعلة لغرس وبناء أساسيات ثقافة التخطيط الشخصي عبر البرامج والمقررات والأنشطة والبرامج التدريبية المتخصصة مع تفعيل دور الإعلام التربوي بشكل أفضل، كما يناشد وزارة الثقافة والإعلام إعداد برامج إعلامية توعوية حول ذلك ومن خلال برمجة فعاليات الأندية الأدبية للمساهمة في رفع الحس التخطيطي الشخصي باستضافة الخبراء ورجال الفكر المتخصصين في التخطيط. وعن دور المرأة السعودية في النهوض بالفكر التخطيطي الشخصي يقول أستاذ الإرشاد النفسي: يجب أولا الاعتراف بأهمية دورها وتفعيله ثانيا لتحقيق ذاتها وإتاحة الفرصة لها من خلال البرامج الخاصة بثقافة التخطيط في المؤسسات الخيرية النسوية وباستغلال الإجازة الصيفية عبر المحاضرات والندوات والبرامج التدريبية النسائية لفتياتنا على مختلف أعمارهن. وفيما يتعلق بالشباب ينادي الدكتور عبدالمنان الرئاسة العامة لرعاية الشباب بتكثيف برامجها التثقيفية وبخاصة في الإجازة الصيفية لمساعدة عماد الأمة في رسم خططهم الاستراتيجية المستقبلية، ويؤكد على أن متابعة أثر هذه المقترحات في حال تنفيذها يقع على إمارات المناطق بتخصيص خبراء يقيسون مدى الاستجابة ويصححون المسار التخطيطي لهذه الشراكة المؤسسية. ويطالب في ختام حديثه أن يكون التغيير بعزيمة صادقة من ذات الفرد ومن ثم المجتمع للوصول للأهداف المنشودة كما خطط لها .