10.1 تريليونات قيمة سوق الأوراق المالية    1% انخفاضا بأسعار الفائدة خلال 2024    تستضيفه السعودية وينطلق اليوم.. وزراء الأمن السيبراني العرب يناقشون الإستراتيجية والتمارين المشتركة    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    البرهان يستقبل نائب وزير الخارجية    كاساس: دفاع اليمن صعب المباراة    قدام.. كلنا معاك يا «الأخضر»    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة    جواز السفر السعودي.. تطورات ومراحل تاريخية    حوار «بين ثقافتين» يستعرض إبداعات سعودية عراقية    5 منعطفات مؤثرة في مسيرة «الطفل المعجزة» ذي ال 64 عاماً    التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مترو الرياض    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    المملكة ترحب بتبني الأمم المتحدة قراراً بشأن فلسطين    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغير المناخ في العالم العربي .. التأثر والتكيف
نشر في البلاد يوم 30 - 08 - 2010

التنمية السياحية يجب أن تأخذ التغيرات المتوقعة في الاعتبار
على البلدان العربية، رغم أنها لا تسام بشكل رئيسي في انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، أن تباشر جهودًا تخفيفية كجزء من جهد عالمي. ويظهر استعراض للتقارير الوطنية العربية المرفوعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والمشاريع والمبادرات الحالية أن كثيرًا من البلدان العربية تنفذ في الواقع مجموعة من السياسات والتدابير الصديقة للمناخ، تشمل إجراءات لخفض انبعاثات غازات الدفيئة التي هي من صنع البشر، فضلاً عن إجراءات لتعزيز «خزانات الكربون» خصوصًا الغابات.
ومن الأمثلة المحددة في العالم العربي استخدامات طاقة الرياح على المستوى التجاري في مصر، واستعمال الطاقة الشمسية على نطاق واسع لتسخين المياه في فلسطين، وتونس، والمغرب، واعتماد الغاز الطبيعي المضغوط كوقود لوسائل النقل في مصر، وأول مشاريع الطاقة الشمسية المركزة في مصر، وتونس، والمغرب، والجزائر، وأول مجلسين عربيين للأبنية الخضراء في الإمارات ومصر، وبرنامج التخريج الضخم في الإمارات، والمدينة الأولى الخالية تمامًا من الكربون (مصدر) في أبو ظبي، والمشروع الرائد لاحتجاز الكربون وتخزينه في الجزائر، واعتماد إعفاءات من الرسوم والضرائب في الأردن لتشجيع استعمال السيارات الهجينة (هايبريد)
.لكن غالبية هذه المبادرات مجزأة، ولا يبدو أنها تنفذ كجزء من إطار سياسي شامل على المستوى الوطني، ناهيك عن المستوى الإقليمي، وفي تطور واعد بشكل خاص، اختارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) التي تم تأسيسها حديثًا، مدينة مصدر في أبو ظبي مقرًا لها، ولا تنحصر أهمية هذا الخيار في انعكاسه على العالم النامي برمته، بل يؤمل أن يفضي أيضًا إلى أبحاث جوهرية واستثمارات في الطاقة المتجددة في الإقليم العربي.ويمكن أيضًا تحسين التعاون بين البلدان العربية، وذلك، على سبيل المثال، في مجالات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، واستعمال الغاز الطبيعي المضغوط كوقود لوسائل النقل، والاستثمار في احتجاز الكربون وتخزينه. ونظرًا لأهمية صناعة الوقود الأحفوري في الإقليم العربي، فإن للبلدان العربي مصلحة خاصة في المساعدة على تطوير تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه للمساعدة في مقايضة الانبعاثات نتيجة استعمال الوقود الأحفوري.
وفي النهاية إذا كان ممكنًا جعل هذه التكنولوجيا قابلة للاستمرار بالشكل الكافي، فهي ستكون جزءًا مهمًا من استراتيجيات الحد من تغير المناخ العالمي. وبما أن الوقود الأحفوري سوف يبقى جزءًا مهمًا من مزيج الطاقة في أي سيناريو مستقبلي، فإن احتجاز الكربون وتخزينه هو مجال مهم يجب على العلماء العرب العمل عليه، كما يجب تكريس الموارد لدعم تطويره.
نظرة الجمهور إلى تغير المناخ
أجرى المنتدى العربي للبيئة والتنمية استطلاعًا لاستكشاف درجة الوعي بتغير المناخ لدى الجمهور العربي، وقدرته على فهم الحاجة إلى اتخاذ إجراءات، ورغبته في المساهمة في تدابير تخفيف تغير المناخ والتكيف معه.وقد أظهرت نتائج الاستطلاع تزايدًا في الوعي، إذ تبين أن 98 في المئة يعتقدون أن المناخ يتغير، ويعتبر 89 في المئة أن ذلك ناتج من نشاطات بشرية ويرى 51 في المئة أن الحكومات لا تفعل ما يكفي للتصدي للمشكلة، بينما يعتبر 84 في المئة أن تغير المناخ يشكل تحديًا خطيرًا لبلدانهم.ويعتبر أكثر من 94 في المئة أن بلدانهم سوف تستفيد من المشاركة في جهد عالمي للتعامل مع تغير المناخ، بينما تعهد 93 في المئة بالمشاركة في عمل شخصي لخفض مساهمتهم في المشكلة. ولدى الطلب من المشاركين أن يختاروا القطاعات التي سيكون لتغير المناخ تأثير كبير عليها في بلدانهم، تبين أن أحدًا منهم لم يقل إنه لن يكون هناك تأثير البتة. وأعطت الغالبية على المستوى الإقليمي أولوية للصحة، ومياه الشرب، وإنتاج الغذاء، تلتها المناطق الساحلية. وطلب أيضًا من الذين شملهم الاستطلاع أن يختاروا الإجراءات الثلاثة الأكثر أهمية لتخفيف أسباب تغير المناخ، والتكيف مع تأثيراته، وكان تغير الأنماط الاستهلاكية، وفي الدرجة الأولى خفض استعمال الطاقة، الإجراء الرئيسي الذي تم اختياره، تلاه التعليم والوعي، وأتت المصادقة على المعاهدات الدولية وتنفيذها في المرتبة الثالثة.
المشاركون في استطلاع «أفد» أبدوا رغبة واضحة بأن تشارك حكوماتهم وتتعاون استباقيًا للتوصل إلى حل لمشكلة تغير المناخ، ويبدو أن الجمهور العربي مستعد لقبول جهد وطني وإقليمي ملموس للتعامل مع تغير المناخ، ولكي يكون جزءًا منه. أما المواقف المشككة التي سادت لدى بعض المجموعات حول حقائق تغير المناخ وأسبابه، سواء التي تنكرها بالكامل أو تحصرها بأسباب طبيعية، فهي تتراجع، وتظهر نتائج الاستطلاع بوضوح أن تقاعس الحكومات لم يعد خيارًا.
المناطق الساحلية
المناطق الساحلية في الإقليم العربي ذات أهمية بالغة، ويبلغ الطول الإجمالي للسواحل العربية 34 ألف كيلو متر، منها 18 ألف كيلو متر مسكونة، كما أن أغلبية المدن الكبرى والنشاط الاقتصادي في الإقليم هي في المناطق الساحلية، وتقع الأراضي الزراعية الخصبة الفسيحة في مناطق ساحلية منخفضة مثل دلتا النيل، كما تعتمد النشاطات السياحية الشائعة على أصول بحرية وساحلية مثل الشعاب المرجانية والأنواع الحيوانية المرتبطة بها.البلدان العربية كل على حدة سوف تتأثر بشكل متفاوت في ظل توقعات متنوعة لارتفاع مستويات البحار المتعلق بتغير المناخ، وتعتبر قطر والإمارات، والكويت، وتونس الأكثر تعرضًا من حيث كتلتها البرية: سوف يتأثر واحد إلى ثلاثة في المئة من أراضي هذه البلدان، بارتفاع مستوى البحار مترًا واحدًا، ومن هذه البلدان، تعتبر قطر الأكثر تعرضًا إلى حد بعيد: ففي ظل توقعات مختلفة لارتفاع مستويات البحار، يرتفع الرقم من قرابة 3 في المئة من الأراضي (متر واحد) إلى 8 في المئة (3 أمتار)، وحتى إلى أكثر من 13 في المئة (5 أمتار).وبالنسبة إلى تأثير ارتفاع البحار، فإن اقتصاد مصر هو الأكثر تعرضًا إلى حد بعيد، مقابل ارتفاع مستويات البحار مترًا واحدًا، يكون أكثر من 6 في المئة من ناتج مصر المحلي الإجمالي في خطر، وهذه النسبة ترتفع إلى أكثر من 12 في المئة مقابل ارتفاع مستويات البحار 3 أمتار، وقطر، وتونس، والإمارات، معرضة أيضًا، إذ إن أكثر من 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل منها هو في خطر مقابل ارتفاع مستويات البحار مترًا واحدًا، وهذه النسبة ترتفع إلى ما بين 5.3 في المئة مقابل ارتفاع مستويات البحار 3 أمتار.وفيما يتعلق بالقطاع الزراعي، سوف تكون مصر الأكثر تأثرًا بارتفاع مستويات البحار، فأكثر من 12 في المئة من أفضل الأراضي الزراعية في دلتا النيل هي في خطر من ارتفاع مستويات البحار مترًا واحدًا، وتزداد هذه النسبة دراماتيكيًا إلى 25 في المئة (مقابل ارتفاع مستويات البحار 3 أمتار)، وحتى إلى 35 في المئة تقريبًا (في أقصى سيناريو لارتفاع مستويات البحار البالغ 5 أمتار).
صحة البشر
بدأ العلماء يدركون بشكل متزايد أن تغير المناخ يشكل عامل خطر ناشئًا على صحة البشر، وستكون لعدد من تأثيراته المتوقعة تداعيات سلبية على الصحة، والتأثيرات الصحية قد تكون مباشرة، كما في الأحداث المناخية المتطرفة، كالعواصف، والفيضانات، وموجات الحر، أو غير مباشرة كالتغيرات في نطاقات ناقلات الأمراض (مثل البعوض) ومسببات الأمراض التي تنقلها المياه ونوعية المياه ونوعية الهواء، وتوافر الغذاء ونوعيته، وعلاوة على ذلك، ستكون التأثيرات الصحية الفعلية مختلفة باختلاف البلدان العربية، وذلك وفقًا للأوضاع البيئية المحلية والظروف الاجتماعية والاقتصادية، ومدى الإجراءات الاجتماعية والمؤسساتية، والتكنولوجية والسلوكية المتخذة.وقد أظهرت الأبحاث المحدودة التي أجريت في البلدان العربية أن تغير المناخ يؤدي دورًا مهمًا في تفشى الأمراض المعدية التي تحملها الناقلات، مثل الملاريا والبلهارسيا (مصر، المغرب، السودان)، وهو يؤثر أيضًا على التركيزات الموسمية لبعض المواد المثيرة للحساسية في الغلاف الجوي، ما يسبب ردود فعل مثيرة للحساسية وأمراضًا رئوية (لبنان، السعودية، الإمارات)، ويفاقم تأثير موجات الحر على صحة الجمهور، خصوصًا في البلدان العربية التي تعاني من مناخات صيفية حارة.
ومن المتوقع أن تصبح موجات الحر أكثر شدة وأكثر تكرارًا وأطول مدة نتيجة تغير المناخ، وقد تناول عدد من الدراسات في الإقليم معدلات الوفيات المرتبطة بالحر، ووجدت بشكل متناغم علاقة جوهرية بين درجة الحرارة ومعدل الوفيات.وقد تمت على نطاق واسع دراسة العلاقة بين الأمراض المعدية التي تقتل عالميًا ما بين 14 و17 مليون فرد كل سنة والأوضاع المناخية، فالملاريا، التي تصيب نحو 3 ملايين فرد في الإقليم العربي كل سنة، قد تصبح أكثر انتشارًا؛ لأن ارتفاع درجات الحرارة يخفض مدة احتضان المرض ويمدد مجال البعوض الناقل للملاريا ويزيد تكاثره.هناك عدد من تأثيرات تغير المناخ التي تمت مناقشتها بشكل غير مباشر في أجزاء مختلفة من هذا التقرير، قد يكون لها أيضًا تشعبات صحية، فعلى سبيل المثال قد يؤثر ارتفاع مستويات البحار والفيضانات الساحلية على الأمن الغذائي ويؤدي إلى سوء تغذية ومجاعة، وقد يفاقم انخفاض المتساقطات وارتفاع درجات الحرارة شح المياه، ما يزيد تأثيره السلبي على صحة البشر، من الضروري إذًا أن تكون النظم الصحية في العالم العربي متكيفة ومستعدة للاستجابة لعواقب تغير المناخ.
المياه العذبة
المياه شحيحة في أنحاء الإقليم، حيث الموارد المائية المتاحة أدنى من 1000 متر مكعب للفرد سنويًا في جميع البلدان العربية باستثناء العراق، ولبنان، وسوريا، وعلى رغم أن الإقليم العربي يحتل 10 في المئة من الكوكب، فهو يحوي أقل من 1 في المئة من موارد المياه العذبة في العالم. والتأثيرات المتوقعة لتغير المناخ في الإقليم العربي، خصوصًا ازدياد درجات الحرارة وانخفاض المتساقطات المعرضة لمزيد من الاضطراب، من شأنها أن تفاقم حالة التأثر الحرجة أصلاً، وتلقي حتى بمزيد من الضغط على موارد المياه العذبة المحدودة.إن كمية الموارد المائية العذبة ونوعيتها في خطر، وارتفاع معدلات النمو السكاني في الإقليم وارتفاع معدل الاستهلاك الفردي للمياه العذبة يجعلان المشكلة مزمنة ويفاقمان تأثيرها، إذا إن نحو 80 في المئة من الموارد المائية العذبة مكرسة للزراعة.ومن المتوقع أن يؤثر تغير المناخ على تدفق الأنهار، ما قد يسبب نواقص مائية (في حال انخفض هطول الأمطار)، أو فيضانات (في حال حدوث ازدياد دوري في هطول الأمطار)، والأنظمة المائية في البلدان النهرية سوف تؤثر أيضًا على البلدان العربية التي تعتمد على أنهار تنبع من تلك البلدان، مثل العراق، وسوريا، ومصر، والسودان.
وتشمل تدابير التكيف التي أوصى بها تقرير «أفد» تغيير الأنماط الزراعية، وتبني تقنيات الاقتصاد بالمياه، واعتماد إدارة متكاملة للموارد المائية، وتطوير أنواع جديدة من المحاصيل تكون أكثر تكيفًا مع ارتفاع درجات الحرارة وملوحة التربة، وأخيرًا.. على البلدان العربية أن تعيد النظر في توزيع المياه على نشاطات إنمائية مختلفة بناء على كفاءة استعمال المياه، ممثلة بالإنتاج لكل متر مكعب من المياه، بدلاً من الإنتاج لكل وحدة مساحة من الأرض، أي الارتقاء باستعمال المياه خصوصًا في الزراعة، الذي يعطي حدًا أقصى من العائد الاقتصادي لكل وحدة حجم من المياه.
إنتاج الغذاء
الأمن الغذائي في العالم العربي كان منذ وقت طويل خاضعًا لضغوط بيئية واقتصادية واجتماعية، وحالات الجفاف السائدة، والموارد المائية المحدودة، والأنماط الزراعية المضطربة، والعري المفرط، والنمو السكاني، وانخفاض مستويات المعرفة والتكنولوجيا، تؤثر جميعًا على نظم إنتاج الغذاء في الإقليم.
النظام الزراعي السائد في معظم البلدان العربية هو الزراعة البعلية المعتمدة على هطول الأمطار، لذلك فإن الإنتاجية الزراية السنوية، والأمن الغذائي يرتبطان إلى حد بعيد بالتقلبات السنوية للمتساقطات، وتغير المناخ قد يزيد تقلبات هطول الأمطار وبذلك يزيد حالات حدوث جفاف.وقد يكون للتغيرات المناخية المتوقعة آثار كارثية على الإنتاج الزراعي في العالم العربي، وكما أظهر عدد من الدراسات، فإن ازدياد درجة الحرارة يسبب ارتفاعًا كبيرًا في كميات المياه اللازمة للمحاصيل الصيفية، ومن المتوقع أن يزداد شح المياه في الإقليم العربي، ولذلك فإن الزراعة معرضة بدرجة كبيرة لتأثيرات تغير المناخ، مع خطر انخفاض إنتاج الغذاء 50 في المئة إذا استمرت الممارسات الحالية، بما لهذا من آثار كارثية على الأمن الغذائي.
ما هي السياسات التي قد تساعد على تكيف القطاع الزراعي في العالم العربي، مع تغير المناخ؟. يوصي هذا التقرير الصادر عن «أفد» بأن تنويعات المحاصيل والأسمدة والري وغيرها من ممارسات إدارة المياه يجب أن تعدل، حسب اللزوم، في ضوء إمكانات التعرض للتغيرات المناخية، كما يجب تحسين المعلومات حول التقلبات المناخية والتوقعات المناخية الرسمية، بغية خفض الخطر الذي يتعرض له الإنتاج.
السياحة
السياحة مهمة لعدد من الاقتصادات العربية، لكنها مثل معظم قطاعات النشاط الاقتصادي، تتعرض لتأثيرات تغير المناخ.جاذبية المقصد السياحي تعتمد بدرجة كبيرة على المناخ، لكن من الواضح أن عددًا من العوامل الأخرى مهمة أيضًا وباستعمال مؤشر للعوامل المناخية المتنوعة، فإن «مؤشر الراحة السياحية» يقيس درجة المتعة المناخية في موقع معين، لكن مع تغير المناخ، تتغير هذه العوامل، فعلى سبيل المثال، سوف تتمدد الأراضي الجافة في الإقليم العربي، متحركة شمالاً في شمال إفريقيا.»مؤشر الراحة السياحية» قد ينخفض في العالم العربي خلال العقود المقبلة، ومعظم المناطق المصنفة حاليًا بأنها «جيدة» و «جيدة جدًّا» و»ممتازة» سينخفض تصنيفها إلى ما تحت المقبول بحلول سنة 2080، بحيث تقع الملامة على تغير المناخ، وكثير من التغيرات المناخية المتوقعة في العالم العربي سوف تؤثر على جاذبية المقاصد السياحية العربية، ومن الأمثلة على ذلك ارتفاع حرارة فصول الصيف، وموجات الجفاف، والأحداث المناخية المتطرفة، وشح المياه، وتدهور النظم الايكولوجية.
والشعاب المرجانية هي مفاتن سياحية مهمة لمصر والأردن، لكنها في الوقت ذاته معرضة إلى أبعد الحدود للتغيرات المناخية، التي تحدث نتيجة ازدياد درجات الحرارة وارتفاع حموضة المحيطات، مما يساهم في ابيضاض الشعاب المرجانية، كما أن تآكل الشوائط يشكل خطرًا على جاذبية المناطق الساحلية، والشواطئ الرملية الضيقة المنخفضة، سوف تتأثر إلى حد بعيد، وسوف يصبح كثير منها غير مناسب لمرتادي البحر.
مستقبل السياحة العربية يعتمد على الطريقة التي قد يتكيف بها هذا القطاع مع تغيرات المناخ، فالتنمية السياحية في المستقبل يجب أن تأخذ التغيرات المتوقعة في الاعتبار، من خلال التخطيط المتكامل والشامل، مثل وجود قواعد توجيهية أوضح تتعلق بالمسافة المسموح بها بين المنشآت الدائمة والخط الساحلي، ويجب استكشاف خيارات لسياحة بديلة وأكثر استدامة تكون أقل تأثرًا بالمتغيرات المناخية، مثل السياحة الثقافية والتراثية، أخيرًا يجب تطوير المزيد من المراكز السياحية الداخلية والصحراوية، كبديل عن الشوائط المعرضة للفقدان.
البنى التحتية
من المتوقع أن يؤثر تغير المناخ بشكل كبير على البنى التحتية في أنحاء العالم العربي، فالبنية التحتية للنقل معرضة عمومًا لزيادات متوقعة في شدة وتكرار الأيام الحارة، وهبوب العواصف، وارتفاع مستويات البحار. والبنى التحتية في المناطق الساحلية معرضة على الخصوص لارتفاع مستويات البحار والعواصف القوية المحتملة، وهذه الأخطار تبلغ ذروتها في مصر والبحرين والإمارات.وسوف تتأثر موثوقية نظم إمداد المياه بتضاؤل الإمدادات المائية العذبة وارتفاع معدل درجات الحرارة، وتتعرض شبكات المياه المبتذلة على الخصوص لأحداث هطول أمطار مفرطة في فترات قصيرة، وارتفاع مستويات البحار، وتوليد الطاقة سوف يعوقه ارتفاع درجات الحرارة المحيطة التي ستخفض كفاءة التوربينات الغازية وقدرتها، وتخفض كفاءة التبريد في المعامل الحرارية، وسوف تصبح شبكات نقل الطاقة وتوزيعها أكثر عرضة للأعطال، إذ تغدو الأحداث المناخية المتطرفة أكثر تكرارًا.ما الذي يجب فعله؟ يجب تعزيز البنى التحتية كي تتحمل تغير المناخ، وتحديث المعايير والعمليات التصميمية كي تأخذ ذلك في الاعتبار، كما يجب استخدام تكنولوجيات جديدة، وإشراك الجمهور في عملية صنع القرار.
التنوع البيولوجي
كثير من الأنواع النباتية والحيوانية في العالم العربي تواجه أصلاً تهديدات لبقائها، وسوف يتفاقم تعرضها نتيجة التأثيرات المتوقعة لتغير المناخ، وعدد الأنواع في العالم العربي منخفض أصلاً بحسب المقاييس العالمية، والقساوة العامة للمناخ الحار تجعل الإقليم معرضًا على الخصوص لخسارة جوهرية للأنواع، وباستخدام معايير التهديد لدى الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) يتبين أن لدى اليمن العدد الأكبر من الأنواع النباتية المهددة، إذ تبلغ 159 نوعًا، بينما لدى كل من السودان والصومال 17 نوعًا.ولدى جيبوتي ومصر، والأردن، والسعودية، والصومال، والسودان، واليمن مجتمعة أكثر من 80 نوعًا حيوانيًا مهددًا، وتأتي مصر في رأس القائمة إذ لديها 108 أنواع، وقد يعدل تغير المناخ البنية الحيوانية للنظم الايكولوجية برمتها.وتنوع الطيور ذخر رئيسي للعالم العربي، وهو مهدد جدًّا نتيجة تغير المناخ، وتقع بلدان عربية كثيرة على مسارات مهمة لهجرة الطيور، وتؤوي جيبوتي وموريتانيا والبحرين، على الخصوص ملايين الطيور المهاجرة ومستعمرات كبيرة للتكاثر.والأنواع الفريدة المحصورة في مجال موئلها، أو التي وصلت إلى حافة قدراتها على التحمل الايكولوجي، هي الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، وتشمل هذه الموائل في الإقليم العربي أشجار المنغروف في قطر، وغابات الأرز في لبنان وسوريا، وجزر جيبوتي، ومستنقعات (أهوار) العراق وسلاسل الجبال العالية في اليمن، وعمان، والأنهار الكبيرة، وهي النيل (مصر والسودان) ودجلة والفرات (العراق وسوريا) واليرموك (سوريا والأردن).العالم العربي، ككيان جغرافي مترابط، يجب أن يطور وينفذ آليات إقليمية لتنسيق النشاطات في هذا المجال، والتبدل في مجالات تواجد الأنواع وتأثيرات الأحداث المتطرفة غالبًا ما يحدث على نطاقات إقليمية، لذلك فإن إستراتيجية فعالة لتغير المناخ يجب أن تشمل آليات لتنسيق جهود الحماية على المستوى الإقليمي عبر الحدود السياسية ونطاق سلطة الهيئات المختصة.
ملاحظات ختامية
إن إمكانات التعرض للتأثيرات المحتملة لتغير المناخ في الإقليم العربي كبيرة، والقدرات والجهود الحالية غير كافية، والاستراتيجيات الفعالة لتخفيف تغير المناخ والتكيف معه مطلوبة بإلحاح، وكون مساهمة الإقليم في المشكلة صغيرة نسبيًا لا يعني أن غض النظر السياسي والدبلوماسي، هو خيار مقبول، فالبلدان العربية هي من الأكثر تعرضًا للتأثيرات المحتملة لتغير المناخ سبب إمكانات تأثرها الحالية، خصوصًا شح المياه وموجات الجفاف المتكررة.لقد وجد هذا التقرير المنذر بالخطر أن لا عمل ينفذ فعليًا لجعل البلدان العربية مستعدة لتحديات تغير المناخ، ولم تتضح أي جهود جماعية لجمع المعلومات وإجراء البحوث في ما يتعلق بتأثيرات تغير المناخ على الصحة والبنى التحتية والتنوع البيولوجي والسياحة، والمياه، وإنتاج الغذاء، ويبدو أن هناك تجاهلاً تامًا للتأثير الاقتصادي، ونادرًا ما توجد سجلات موثوقة للأنماط المناخية في الإقليم، وهذا يسلط الضوء على الحاجة إلى معلومات وأبحاث مناخية عالية الجودة، حيث إن التوقعات المناخية الإقليمية ضرورية للتخطيط وإدارة المخاطر.يجب أن تفرض على المباني والمنشآت والبنى التحتية معايير تأخذ تغير المناخ في الاعتبار، ومن الضروري التعجيل في تبنى سياسات حكومية تروج للسلع والخدمات القليلة الكربون والكفوءة، واعتماد إدارة مستدامة للموارد الطبيعية وحماية السواحل، كما يجب إشراك القطاع الخاص من خلال تقديم حوافز ملازمة لتنفيذ حلول فعالة.ويرى هذا التقرير أن الكيف، في حالة البلدان العربية، سوف يوفر فوائد محلية على المدى الغريب ويؤمن، كناتج ثانوي، حلولاً فورية لمشاكل عربية متأصلة لا يسببها بالكامل تغير المناخ، مثل الجفاف وشح المياه وتلوث الهواء.هناك عدد من المبادرات الواعدة في الإقليم العربي: شركة أبو ظبي لطاقة المستقبل (مصدر) تبني مدينة مستحدثة نظيفة الطاقة وخالية تمامًا من الكربون، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (KAUST) في السعودية تم تأسيسها كمركز للتفوق، يعني خاصة بدراسات الطاقة، وهما تجسيد مثالي لتحويل دخل النفط إلى تكنولوجيا المستقبل، وهناك أيضًا مبادرة الاقتصاد العربي الأخضر التي أطلقها المنتدى العربي للبيئة والتنمية، للمساعدة في التحول إلى نشاطات اقتصادية سليمة بيئيًا، من الضروري أن تصبح هذه المبادرات جزءًا من خطة إنمائية متكاملة.لقد أصدر مجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة إعلانًا شكل نقطة تحول عام 2007م، متبنيا الإجماع العلمي الذي توصلت إليه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والتي وافقت على أن ازدياد درجات الحرارة كان سببه في الدرجة الأولى نشاطات بشرية وعبر الوزراء عن «عزمهم أن يسعوا جاهدين إلى تحقيق» أهداف عدة، منها:تبني خطط عمل وطنية وإقليمية للتعامل مع قضايا تغير المناخ لتقييم تأثيراتها المحتملة، ووضع برامج التخفيف والتكيف، وترويج إنتاج واستخدام الوقود الأنظف، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في جميع الطاقات، وتنويع مصادر الطاقة وفقًا للظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة، والتوسع في استخدام تقنيات الإنتاج الأنظف التقنيات الصديقة للبيئة، والتوسع في استخدام الحوافز الاقتصادية لتشجيع استخدام المنتجات الأكثر كفاءة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.