نوه معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بالعمل الرائد، والنهج المتميز الذي تبناه، ورعاه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في سبيل تحقيق الأمن الفكري في المجتمع، وحمايته من الوقوع في براثن الأفكار المنحرفة والمتطرفة، مشيداً في هذا الصدد بسلسلة البرامج والأعمال المتتالية التوعوية والتثقيفية التي نفذها وينفذها الجهاز الأمني بمختلف قطاعاته بإشراف ومتابعة من لدن سموه الكريم لتحقيق هذه الغاية ترسيخاً للوسطية والاعتدال، ومواجهة للغلو والتطرف، وللفكر المنحرف الذي يتنافى مع سماحة الإسلام ووسطيته. وأبدى معاليه تقديره الكبير لدعم سمو النائب الثاني للندوات، والمؤتمرات التي تنظمها مختلف الجهات الحكومية، والأهلية ؛ بهدف تسليط الضوء على مشكلات المجتمع سواء كانت فكرية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، والتصدي لها، ووضع العلاج، والحلول المناسبة لها. وعبر معالي الشيخ صالح آل الشيخ بمناسبة تنظيم الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة لمؤتمر: (الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف) تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز في الثاني عشر من شهر ربيع الآخر الجاري 1431ه،في المدينةالمنورة عن شكره لسمو النائب الثاني على رعايته لهذا المؤتمر، مؤكداً أن هذه الرعاية تأتي امتداداً لرعايات سموه المستمرة، والمتواصلة للعديد من الندوات والمؤتمرات التي تنظمها مختلف الجهات الحكومية، والمؤسسات التعليمية في مختلف مدن المملكة. وقال "إن هذه الرعاية تتوافق وتأتي انسجاماً مع عناية سموه واهتمامه المستمر للجانب الأمني على وجه الخصوص في هذه البلاد المباركة باعتباره حفظه الله رجل الأمن الأول، كما تأتي هذه الرعاية متسقة مع رسالة الجهاز الأمني الذي يسهر على راحة القاطنين على ثرى هذه البلاد المباركة من مواطنين ومقيمين". وجدد معاليه التهنئة لسموه للنجاحات الأمنية، والضربات الاستباقية التي حققها الجهاز الأمني في مواجهة الفئة الضالة، وأصحاب الفكر المتطرف مثنياً على كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود وما حققه من إنجازات وإسهامات تجاه تنمية ثقافة الأمن الفكري ومعالجة الأفكار المنحرفة،وتقويم الدراسات والمشاريع والبرامج المتصلة بالأمن الفكري. وأكد معاليه أهمية الموضوعات التي سيناقشها المؤتمر على مدى ثلاثة أيام لصلتها المباشرة بواقع المجتمعات الإسلامية المعاصرة سواء في داخل هذه المجتمعات، أو بعلاقاتها مع المجتمعات الأخرى في مختلف الأرجاء حيث أصبح عالم اليوم مؤثراً ومتأثرا بعضه ببعض. وقال "إن الوضع المعاصر يحتاج منا إلى الكثير من الجهد في الفهم، ثم الجد في العمل؛ ذلك أن المتغيرات التي ابتلى الله بها هذه الأمة في السنوات الأخيرة تستوجب منا الكثير من التوقف والنظر دون تخرص، أو تعدد في الاجتهادات، أو نظر غير شرعي في تلك القضايا والمسائل". وأضاف إن واقع الأمة اليوم يحتم علينا النظر في كثير من القضايا ومنها ما يتعلق بتجديد الفكر الإسلامي بحيث نحتاج إلى بيان متصل في خطورة كثير من الظواهر قديماً وحديثاً، ومن ذلك ظاهرة الغلو والتطرف والإرهاب، والتأكيد على مفاهيم الوسطية والاعتدال، حيث إن محاربة ظواهر الغلو والتطرف والمناهج والأفكار الجديدة على المجتمع المسلم من أعظم الواجبات التي نحافظ بها على منهجنا الوسط وعلى بقاء الدين وتمسك الناس بالدين؛ لأن الزيادة والتشدد تنفر الناس. وأكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ على أهمية منهج التعامل مع الناس وضرورته مبدياً إحتياج الناس إلى حملة في كيفية التعامل في السلوك، والأخلاق لأن الدعاة إلى الله في أعمالهم وأقوالهم ينسبون إلى هذا الدين، وهذا الشرع وهذه الملة، لافتاً النظر إلى أن تاريخ الإسلام حفل بالكثير من الأمثلة العظيمة في أنواع التعامل والمنهج، والدعوة والبذل، والتضحية. واستعرض معاليه بعض الموضوعات التي سيناقشها المؤتمر، ومنها: محاربة الفكر المتطرف والإرهاب , والتصدي للأفكار الضالة ونشر أدب الاختلاف وثقافة الحوار, والى ترسيخ قيم التفاهم ونشر روح التسامح , والى قفل أبواب التآمر على الإسلام وتحسين صورة الدين والمتدينين، محذراً من خطر الفئات التي تنتسب للإسلام وتزعم دفاعها عنه وترفع راية الجهاد، وأنها تقاتل لنصرة الإسلام مبيناً أن خطر هذه الفئات أشد لأن شرهم من حيث يأمن الناس ولأنهم جاؤوا من جهة مأمن، فالناس في مأمن وهم يعتدون عليهم فالمسلم لا يتوقع شراً من أخيه المسلم، فكل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه، كما جاء في الحديث الشريف". وفرق معاليه بين الجهاد والإرهاب وقال "إن الجهاد عبادة تحت راية شرعية، ودفاع عن الحق ورد للمعتدين، أما الإرهاب فاعتداء وظلم وجور وقتل وتخويف وسلب للأمن، وبث الفرقة وترويع للصغير والكبير، وهو جرم كبير يفسد ما أمر الله به من نشر الأمن، ومحاربة الإجرام، والسعي في الأرض بالفساد، قال تعالى : (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)". وأكد معاليه أن الأعمال الإرهابية التي طالت عدداً من الدول جرَّت ويلات كثيرة على أمة الإسلام، وعلى كثير من الشعوب الإسلامية، ومن يحاول تبرير هذه الجرائم الإرهابية، أو يتعاطف معها، أو يفرح بها فعليه إثم فاعلها، كما قرر العلماء والفقهاء ذلك عند قوله تعالى : (إنكم إذًا مثلهم) فالسكوت عمن يدبرون هذه الأعمال مع العلم بذلك، أو الاشتباه بنوع من التعاون على الإثم والعدوان، ووقوف مع المجرمين المحاربين لله جل وعلا ورسوله. وأبان معاليه أن ترسيخ ورعاية الوسطية ليست مطلباً آنيّاً يرتبط بحادث يقع هنا أو هناك بل إن ذلك واجب شرعي لأن الله – جل وعلا – وصف هذه الأمة بأنها الأمة الوسط فقال جل وعلا : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا }، وسمات هذه الوسطية موجودة في كل كتب العقائد وكتب أهل السنة والجماعة وأهل الحديث والأثر والتي ينصون فيها على أن هذه الأمة وسط وعلى أن اتباع المنهج الصحيح وسط أيضاً بين الغالي والجافي وهذه السمات موجودة في سلوك الصحابة رضوان الله عليهم وفي سلوك أئمة الإسلام فالوسطية والاعتدال هي سمة الشريعة بنص القرآن الكريم وهذه الشريعة متسمة بأنها شريعة السماحة ورفع الحرج يقول جل وعلا {وما جعل عليكم في الدين من حرج}. وقال معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ " إن منهج الوسطية والاعتدال موافق للشرع، كما يقول العقل السليم، والفطرة السوية، لأنه يراعي اختلاف القدرات والإمكانات، واختلاف الأزمنة والأمكنة، مشدداً على أن ترسيخ ورعاية الوسطية والاعتدال يتطلب جهوداً مكثفة ومتواصلة تتسق وتتكامل لبيان ماهية الوسطية في الإسلام، وأثرها في حياة المسلمين بعيداً عن الإفراط أو التفريط بين العقل والعاطفة بين الحماس والخمول، فالأمر وسط أن نعمل جهدنا وفق المنهج الشرعي، مجدداً التأكيد على أن العمليات الإرهابية بما نتج عنها من إضرار بمصالح الأمة لا تقل عن خطر التفريط في الدين. ورأى معاليه أن مواجهة الغلو بجميع صوره وأشكاله يمكن أن تتحقق من خلال ثلاثة محاور، أولها: برامج وقائية تحد من انتشار الفكر الضال، فلا يتأثر به، أو يسقط في براثنه المزيد من الشباب، والمحور الثاني: برامج علاجية تستهدف مخاطبة من وقعوا فريسة لهذه الأفكار الضالة، أو من يتأثر بها، وأن يفتح باب الحوار، وهو المسمى في الشرع المجادلة بالتي هي أحسن، والحوار والمجادلة والبحث في هذه الأمور مقبول ومطلوب إلا من حمل السلاح ضد المسلمين واستخدامه ضدهم، وكثير ممن صار معهم ميادين مراجعة رجعوا عن أفكارهم الضالة، وصدرت كتيبات في هذه المراجعات بعد حوار مع المتخصصين من أهل العلم والعلماء، وهذا المنهج العلاجي القائم على الحوار يعطينا أيضاً بعداً وقائياً من التأثر بهذه الأفكار، لأن الشبه والمبررات التي يسوقها الغلاة والمتطرفون واهية وغير مقنعة، ولكن لابد من تفنيدها بالحجة والدليل من خلال الحوار، أما المحور الثالث فالقضاء والحكم والتأديب بالقوة، مؤكداً أن الوقاية مسؤولية الجميع. وربط معاليه تحقيق الاعتدال بأهمية منهج الحوار، وقال " إن الحوار يختلف باختلاف المُحاور، والمحاور، والموضوع، والفئة، فالحوار في ثقافته ليس ترفاً، أو مادة من مواد الجامعات التي تُدرس للتخرج منها، أو لدراستها، بل هو ضرورة من ضرورات التعايش مع الناس، وليس لأجل الناس "، موضحاً أن الحوارات الدينية أصعب هذه الحوارات؛ لأن الحوارات الدينية فيها العنصر الديني، أو الجانب الديني المقدس ؛ لذلك يحتاج الحوار فيها إلى دربة أكثر، وتخصص أكثر، وقدرة على التفاعل مع نوعية الحوار في ذلك ؛ لأنه يجتمع فيها العقلي، والنفسي، والنص، والقداسة، والإيمان ؛ وهذه الأمور الخمسة متنوعة بحيث تحتاج إلى دربة فوق الدربة. وأشار إلى أن الحوار له هدف، واستحضار الهدف يجعل نفسية المحاور وعقلية المحاور متميزة، فالحوار له غايات، وأهداف أهمها إشاعة روح المحبة والمودة بين الناس.