بحث قادة الدول الغنية والناشئة العشرين الكبرى الجمعة في بيتسبرغ اجراءات تكفل تعزيز الانتعاش الاقتصادي، تتراوح بين مكافحة اختلال الاقتصاد العالمي والاستمرار في خطط التحفيز مرورا بقطع تعهدات بمكافحة النزعة الحمائية. وينتظر من رؤساء الدول والحكومات ان يبتوا في مسائل السياسة الاقتصادية في وقت يسجل النمو انتعاشا في عدد كبير من الدول وتلوح بوادره في دول اخرى. وقالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي كارولين اتكينسون الخميس خلال مؤتمر صحافي في واشنطن "انتظر من القادة هذه المرة ان يركزوا جهودهم على ما يتحتم عليهم القيام به وما يتحتم على العالم القيام به للتثبت من ان الانتعاش الذي بدأنا نرى بوادره سيكون من التوجهات المستديمة، وان يتم تعزيز النظام الاقتصادي العالمي، وذلك باستخلاص العبر من الازمة". غير ان هذه المسألة هي من المواضيع التي لا تزال موضع تجاذب بين الولاياتالمتحدة واوروبا والدول الناشئة. وتؤيد واشنطن "اعادة رسم توازن النمو" داعية الى قيام نموذج اقتصادي جديد لا يعود فيه المستهلك الاميركي محور العالم وتقوم فيه الدول المصدرة الكبرى وفي طليعتها الصين والمانيا بزيادة وارداتها. وطرح وزير الخزانة الاميركي تيموثي غايتنر الخميس فكرة "الزام الدول بالتحرك بشكل مبكر لمعالجة (نقاط الخلل في الاقتصاد العالمي) وعدم تركها تتفاقم"، وذلك في اطار رقابة صندوق النقد الدولي على الاختلال الاقتصادي في العالم. لكنه اقر "اقول صراحة ان ذلك اصعب (من تنسيق القواعد الحسابية بين المصارف) لاننا دول ذات سيادة ولان اي دولة لن تتخلى عن ممارسة سيادتها في خياراتها الجوهرية المرتبطة بسياستها الاقتصادية". وابدى الاتحاد الاوروبي وعلى رأسه المانيا شكوكا وتحفظات بهذاالصدد. وقالت المستشارة انغيلا ميركل "يجب عدم التركيز على نقاط اختلال التوازن في التجارة العالمية لمجرد ان البعض لا يريدون بحث اعادة هيكلة الاسواق المالية". وقال مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس انه لم يسبق ان وصلت المحادثات حول هذا الموضوع الى هذا المستوى المتقدم خلال اي قمة سواء لمجموعة السبع او مجموعة الثماني او مجموعة العشرين. واشاد غايتنر مطولا على هذا الصعيد بالصين منوها ب"التزامها من اجل اقرار اصلاحات مالية أساسية بالنسبة لهذا الانتقال من الصادرات والصناعات الثقيلة الى نمو يكون الطلب الداخلي محركه". غير انه من غير المضمون ان تخفض بكين في المقابل نبرة انتقاداتها للنزعة الحمائية الاميركية بعد اسبوعين على زيادة واشنطن الضريبة على اطارات السيارات المستوردة من الصين. وسيسلم الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا الجمعة الى قادة مجموعة العشرين رسالة موقعة من 88 بلدا ناميا تندد بمخاطر الحمائية، وفق ما افاد مصدر دبلوماسي برازيلي. وتسعى اوروبا ايضا لتحقيق تقدم حول هذا الموضوع واعتبر رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو ان انجاز مفاوضات جولة الدوحة حول تحرير التجارة العالمية سيكون "اكبر تجل" للتنسيق الدولي. ويطالب الاتحاد الاوروبي ايضا بتحقيق تقدم في مسألة الخروج من الازمة والتوصل الى التزامات عملية بخفض العجز في الميزانيات العامة. وقلل غايتنر من اهمية هذه النقطة الاخيرة مفضلا تركيز الجهود على مواصلة خطط الانعاش الاقتصادي. وقال "سنواصل تطبيق هذه الخطط الى ان نصبح واثقين تماما بأن النظام المالي قادر على تأمين الاعتمادات الضرورية للانتعاش".