في يوم الاثنين من هذا الأسبوع، عاد السابع من أكتوبر من جديد، كذكرى سنوية أولى، يتباكى فيها النظام العنصري في الدولة الصهيونية، على يوم واحد، أوعلى الأصح ثماني ساعات، هجم فيها الفلسطينيون الواقعون تحت الاحتلال في غزة، على جنوب إسرائيل، في خطوة أصابت العدو الصهيوني برعب شديد، اتضح حجمه الضخم من خلال ردة الفعل الانتقامية التي لم تنته، وربما لن تنتهي بسهولة، خاصة وأن هذه الحرب امتدت لتصل إلى الدولة اللبنانية في الشمال. إرتكب هذا النظام المارق، الكثير من جرائم الإبادة في غزة، ومازال يرتكبها حتى اللحظة، حيث استشهد حتى الآن أكثر من 42 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء. ترك الفلسطينيون منازلهم في شمال قطاع غزة، واتجهوا نحو جنوبها، هرباً من جحيم الطائرات، التي تقصف منازلهم ليل نهار، ثم بعد أن احتل هؤلاء اللصوص مدينة رفح في جنوب قطاع غزة في مايو الماضي، وجد أكثر من 2.2 مليون شخص من الغزاويين أنفسهم في العراء، دون مأوى، أو غذاء، تحت أنظار العالم. ومع هذا كله، لم يستطع النتن ياهو أن يحقق أهدافه، التي سعى إليها منذ أكثر من 365 يوماً، جاءت بعد يوم السابع من أكتوبر، حيث لم يستطع تحرير الرهائن، رغم الدمار الهائل الذي لحق بغزة، ولم تستطع جرافاته القاتلة أن تجدهم. المفارقة المبكية: أن الإعلام الغربي وخاصة في بريطانيا وأمريكا، يتحدث عن إسرائيل وهي تعيش الذكرى الأولى للسابع من أكتوبر، وكأنها الضحية! فتبرز على الصفحات الأولى في جرائدها ومواقعها الإخبارية، كيف أحيت إسرائيل هذه الذكرى، وكيف استمع أهالي الضحايا والرهائن إلى الأغنية الأخيرة في المهرجان الموسيقي، الذي كان قد أقيم في إحدى البلدات المتاخمة لغزة في ذلك اليوم، وكيف هجم الفلسطينيون المحاصرون في غزة، التي تعتبر أكبر سجن في العالم، على روّاد هذا المهرجان بلا رحمة. هذا بالرغم من أن تقارير إخبارية موثوقة ذكرت أن رصاص الجيش الإسرائيلي، بسبب صدمة ورعب الموقف، هو من أصاب مرتادي هذا المهرجان لحظة هروبهم. ثم عليك كقارئ أن تتحمّل في صبيحة هذا اليوم القصص الملفَّقة، والمعاناة الزائفة التي تنشرها الجرائد الغربية حول أقارب الضحايا في الطرف الإسرائيلي، وكيف عاشوا هذه الدراما خلال ثماني ساعات من ذلك اليوم، دون أن تقرأ شيئاً عن مئات الألوف من القتلى والجرحى والمصابين والجوعى، والذين فقدوا منازلهم، وأصبحوا ينامون في العراء، من الفلسطينيين، ومعظم هؤلاء من النساء والأطفال. لم يحدث ذلك في يوم واحد فقط؛ بل امتد ذلك إلى أكثر من 365 يوماً، ومازالت الطائرات الصهيونية تنشر الدمار والقتل في الشمال والجنوب. لقد كان حجم الرعب الذي عاشته إسرائيل بقيادة النتن ياهو، كبيراً إلى الدرجة التي تجعل الحرب مستمرة حتى كتابة هذه السطور. لا يبدو أن إسرائيل قد وجدت الأمن الذي تبحث عنه من خلال هذه الحرب، والسبب واضح وبسيط، وهو أن هذه الحرب قد أوغلت الصدور ضد هذا الكيان السرطاني عند جيرانه. يقول أحد الصهاينة الذين تم إجلاؤهم من القرى المتاخمة لغزة، ويسكن الآن في فندق على ضفاف البحر الميت لأكثر من سنة: "حان الوقت لطيّ هذا العَلَم إلى الأبد، والعودة إلى النرويج مرة أخرى".