– السلام عليكم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. – كيف حالك عصام . إن شاء الله طيب. – الحمد لله . – أين أنت الآن ؟ – أنا في ميناء ضباء. وصلت للتو ، وسأدخل العبَّارة الآن – الحمد لله على السلامة – الله يسلمك . – كيف كان الطريق إلى ضباء ؟ – والله متعب، ومملّ. أنا مجهد الآن ولديّ رغبة كبيرة في النوم. – إذا كان الطريق طويلاً ومملّاً ، لماذا لم تأخذ كتابا معك يسلِّيك في رحلتك؟ – أنا معي أفضل كتاب: القرآن الكريم. أول شي سأفعله عندما أدخل العبَّارة الآن، هو أنني سأحجز كبينة خاصة، لكي أنام طوال الرحلة – هل اتصلت بأهلك في مصر؟ – نعم وهم ينتظرونني بفارغ الصبر – انتبه لنفسك وكن على اتصال بنا – إن شاء الله. – إن شاء الله توصل بالسلامة. سأتصل عليك إن شاء الله عندما تصل إلى سفاجة، في أمان الله – مع السلامة. كانت تلك، آخر مكالمة مع عصام النجّار، الموظف البسيط في مطار القصيم الإقليمي. نام عصام النجّار ومعه المئات غيره، ولا أحد يعرف ماذا حصل لهم خلال ظلام الليل في عرض البحر الأحمر إلا الله سبحانه وتعالى. بدأت الأخبار تتوالى حول غرق العبارة المصرية المتوجهة من ضباء السعودية إلى سفاجة المصرية. جاء الخبر كالصاعقة! يا الله! السفينة تغرق وعلى ظهرها أكثر من 1400 راكب، وفي عرض البحر، وفي الليل البهيم، وفي هذا الطقس البارد. السلام 98 . هي نفس العبارة التي استقلها عصام ! كيف لي أن أتخيل عصام وهو يصارع الأمواج العاتية في هذا الظلام الدامس وفي عرض البحر؟ مشهد مروع لا يمكنني أن أتخيله! هذا الصديق الذي كنت أتسامر معه، وأتحدث إليه طويلاً.. " لو بطّلنا نحلم نموت ". كانت هذه العبارة، هي شعاره الدائم، عندما يمازحه صديقه الدائم أبو عزام :" يا كثر أحلامك يا عصام!" ذهب عصام في إجازة لكي يتزوج ، كان متلهفاً للذهاب إلى مصر، ماذا ستفعل خطيبته وهي تستقبل هذا النبأ المأساوي؟ وماذا عن هديته البسيطة كأحلامه لوالده ؟ اشترى هاتفا جوّالاً جديداً لوالده. "سيفرح أبي كثيراً عندما يرى هذه الهدية، وقد أحضرتها إليه من المملكة" كان يردِّد قبل سفره . – هذا ميناء سفاجه ؟ – نعم – أرجوك نريد أن نعرف مصير الركاب في عبارة السلام 98 – والله الظروف صعبة. ربنا يقوِّيكم وشدّ حيلك. عمليات الإنقاذ مستمرة، ولا تتوفر لدينا أي قائمة. – طيب، هل أستطيع أن أعرف قائمة الركاب الذين كانوا على ظهر السفينة؟ – نعم ، ما اسم الراكب ؟ – عصام النجار – انتظر لحظة…نعم ، اسمه موجود ضمن الركاب. – ………… قناة النيل للأخبار تسرد أسماءً، يمكن لهم أن يحلموا مجدّداً! لم يكن اسم عصام ضمن القائمة! الأخبار تتواترعن نجاة 300 شخص ومن ضمنهم 46 من ملاحي السفينة! يا الله! مازالت تلك الصورة المروعة تعود إليّ! عصام يصارع الأمواج وحيداً حتى الموت في الليل القارس! هل فعلا " بطّل " عصام " يحلم " ؟!