باريس تستعد لانطلاق الألعاب الأولمبية وسط إجراءات أمنية مشددة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية ليبيريا بذكرى استقلال بلاده    "أوبن إيه آي" تختبر محرك بحث ينافس "جوجل"    الراجحي يستعرض جهود المملكة في تمكين المرأة    النفط والذهب يرتفعان بدعم من بيانات أمريكية    الأرصاد: الأمطار تتواصل على 5 مناطق    ترمب يتفوق على نائبة بايدن بفارق ضئيل    كامالا هاريس: لن أصمت إزاء ما حدث في غزة خلال الأشهر ال 9 الماضية    استمرار ارتفاع سعر الروبل أمام العملات الرئيسية    لندن: مجموعة قرصنة سعت إلى سرقة أسرار عسكرية ونووية    أداة جديدة لإنشاء قوائم الموسيقى ب "آيفون"    أخضر الطائرة يتأهل للمرحلة الثانية من البطولة الآسيوية    اللجنة السعودية للآيكيدو تسلم سيدات الرياض الأحزمة .. وتكرّم بطلات الدوري    البورصة الأمريكية تغلق على انخفاض    TCL تكشف النقاب عن «مهرجان نمط الحياة العصري»: أول حدث ترفيهي خاص وأفضل مكان للاسترخاء مع العائلة خلال موسم الصيف    "Falcons Vega MENA" أول فريق عربي للسيدات في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    أرقام اللاعبين    الخريف يبحث استقطاب الشركات البرازيلية للاستثمار في التعدين بالمملكة    400 حقيبة إيوائية لنازحي الدمازين    إصابة 16 بينهم سعوديتان في حريق برج سكني بمصر.. ومسؤول ل«عكاظ»: اختناقات فقط    مصالحة الذات.. كيف نصبح أصدقاء مع أنفسنا؟    «بودي جارد» مشاهير «السوشال ميديا»    الذهاب للعمل بالدراجة يقلل احتمالات الوفاة %50    5 أساليب لتهدئة الغضب    ماذا يريد حسن نصر الله؟!    «صح» هو الصح!    الصحة: قرارات التجمعات الصحية تحت إشراف المجالس التأسيسية    ما أحد طلب رأيك    الشكل والأخلاق    أخضر الشاطئية يواجه مولدوفا في افتتاح مباريات بطولة EBSL لكرة القدم    انطلاقة جديدة للمدرب الوطني في بطولة المنتخبات    أنصاره هم نقطة ضعفه    قررت أن أصبح طبيبة !    جائزة القلم الذهبي للرواية من هيئة الترفيه    بنات الشاعر    مدير الشؤون الإسلامية في جازان يتفقد إدارة مساجد الداير ومركز الدعوة والإرشاد ويطلع على أعمالهما    حرس الحدود: ضبط (8) يمنيين في جازان لتهريبهم (115) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    رئيس لجنة الأديان بمقدونيا: السعودية بلاد حضارية تصدر ثقافة التسامح والسلام    الله الله يا بلادي    8 تحديات تواجه اقتصاديات الإعلام    موسوعة السعودية الشاملة تنقل المشهد الحضاري للمملكة إلى العالم    إنذار أحمر بأمطار غزيرة في المناطق الجنوبية    نائب أمير المدينة يدشن فعاليات اليوم العالمي للكبد الوبائي    الصحة تؤكد التوثيق الإلكتروني لشهادات تطعيمات الأطفال الورقية    "الأمر بالمعروف" في الباحة تفعِّل المنصة التوعوية بمتنزه غابة رغدان    نائب أمير الشرقية يستقبل أمين المنطقة    فيصل بن مشعل يستقبل امين مجلس القصيم والقائم بأعمال محافظ محافظة عنيزة    القتل تعزيراً لمصري روّج "الإمفيتامين" بالمملكة    «إنذار أحمر».. أمطار على 4 مناطق.. وغبار في مكة    نماذج ملهمة و شراكات مجتمعية تخدم 550 دارسا ودارسة    جمعية مكافحة السرطان: نقدم الدعم النفسي والإسكان للمرضى    الاحتلال الإسرائيلي يهدم خمسة منازل في الضفة الغربية    المرور ينفي خبر وفاة 8 أشخاص من أسرة واحدة في حادث سير    مجمع الدكتور سليمان الحبيب بالعليا يجري عملية ناجحة لاستبدال مفصلي الركبة ل «ثمانيني» بحالة صحية معقدة    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ جابر دعيج الصباح    أمير الشرقية يستقبل القاضي القريشي    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقاء الأسبوعي    ولادة 4 أشبال للفهد الصياد المنقرض منذ 40 عاماً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طه حسين في المشاعر المقدسة 2-2
نشر في البلاد يوم 10 - 07 - 2024

بعد عودة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين إلى القاهرة ،أجرى معه الصحفي والشاعر الكبير الأستاذ كامل الشناوي حواراً نشرته مجلة آخر ساعة في عددها الصادر بتاريخ 16 فبراير سنة 1955م. وسأله كامل الشناوي: علمت أنكم سافرتم إلى المدينة المنورة في طائرة صغيرة خطرة، مع أنكم لا تركبون الطائرات أبداً، وسبق أن رفضتم دعوات مهمة جداً لأمريكا وروسيا والهند لأن تلبيتها كانت تستلزم ركوب الطائرة، ولم تلبُّوا حتى دعوات ابنتكم وصهركم لزيارتهما وهما في أي منصب في السلك الدبلوماسي في أي بلد لهذا السبب؟
فأجاب الدكتور طه حسين : لم يكن من الممكن أن أتخلَّف عن هذه الزيارة، ولم تكن هناك طريقة أخرى غير الطائرة، كنت أحس أنه لا بد لي من زيارتها، لولا خوف الغرور لقلت إنها كانت دعوة من خارج نفسي دعوة آمرة.
ويستفهم كامل الشناوي: دعوة آمرة؟..ويقول طه حسين: دعوة آمرة لا بد أن تلبّى. لقد قال لي الأستاذ أمين الخولى: "إن الطريق البرِّي إلى المدينة مقطوع بسبب السيول الغزيرة التي هطلت هذا العام. ألا تؤجل زيارة المدينة هذه المرَّة؟ فقلت له: "لن أغفر لنفسي أبداً. شوقي إلى هذه الزيارة يتزايد منذ أكثر من سنتين"… ! وحين سأله كامل الشناوي كيف كان شعورك وانت في هذه الاماكن المقدسة ،أطرق الدكتورطه حسين ومسح جبينه بيده وكأنما يحاول أن ينفض عن رأسه غبار بعض الذكريات وقال : "لقد سبق أن عشت بفكري وقلبي في هذه الأماكن المقدسة زهاء عشرين عاماً – منذ بدأت أكتب "على هامش السيرة" حتى الآن- ولما زرت مكة والمدينة ،أحسست أني أعيش بفكري وقلبي وجسدي جميعاً . عشت بعقلي الباطن، وعقلي الواعي ، استعدت كل ذكرياتي القديمة، ومنها ما هو من صميم التاريخ، ومنها ما هو من صميم العقيدة ، وكانت الذكريات تختلط بواقعي، فتبدو حقائقا حيناً ورموزاً حيناً، وكان الشعور بها يغمرني ويملأ جوانب نفسي".
ولما سئل: هل أخرجك هذا الشعور عن المألوف؟ ابتسم وقال: "على أي حال لم أصل إلى درجة الانجذاب، كنت دائماً في كامل وعيي، أخذتني الرهبة والخشية والخشوع كل مأخذ عندما كنت وحدي".
وفي إجابة على سؤال آخر ،عبر الدكتور عن طه حسن مشاعره الأولى حين حلّ بهذه الأراضي فقال: "أول ما شعرت به وما زلت أشعر به إلى الآن هو الذي يجده الغريب حين يؤوب بعد غيبة طويلة جداً إلى موطن عقله وقلبه وروحه بمعنى عام"،وحين غادر الدكتور طه حسين مدينة جدة قاصداً البيت الحرام ،قام بالتنبيه على مرافقة أن يتوقف بالركب عند الحديبية، فلما توقفوا عندها ،ترجّل وقبض من تراب الحديبية قبضة فشمّها ثم تمتم ودموعه تنساب على التراب قائلاً: "والله إني لأشم رائحة النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- في هذا التراب الطاهر". ثم مضى الركب في طريقه حتى دخل الحرم الشريف من باب السلام، والدكتور لا يكاد يخفي وجد إيمانه عن رفيقه، وتوجها إلى الكعبة فتسلم الحجر وقبّله باكياً واستمر يطوف ويسعى في خشوع ضارع وبكاء خفي.
يقول أمين الخولي صاحبه في تلك الزيارة: "حين استلم طه حسين الحجر الأسود ظل يتنهّد ويبكي ويقبّل الحجر حتى وقفت مواكب الحجيج انتظاراً لأن يغادر هذا الأديب الكبير المكفوف مكانه، ولكنه أطال البكاء والتنهيد والتقبيل، ونسي نفسه فتركوه في مكانه وأجهشوا معه في البكاء والتنهيد" !
وعن ذكرياتها معه ، تقول السيدة سوزان زوجة الدكتور طه حسين في كتابها (معك) عن أثر هذه الرحلة في نفسه:"وما كان يواسيه شيء لو لم يتمكَّن من رؤية المدينة المنورة، وأعرف كم كان متأثراً عندما يقول لي: حقاً إن الإسلام دين الصفاء والتسامح" رحم الله عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي لايزال يتمتع بعد رحيله بحضور فاعل في الوجدان الثقافي العام، بمواقفه وآرائه وكتاباته ومعاركه الأدبية، ورؤيته النقدية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.