الحرمان من التعليم يهدد بأضرار طويلة الأمد لأطفال غزة    26 قتيلاً على الأقل جراء إعصار ياغي «المدمر» في فيتنام والفلبين والصين    القيادة تهنئ الرئيس البرازيلي    تحت رعاية ولي العهد.. الثقافة تكرم الروّاد المبدعين    بيش تحتفل بانطلاق فعاليات الخريف    أمير الشرقية يرعى مؤتمراً دولياً عن مستجدات السكري    بتوجيه من القيادة.. وزير الداخلية يصل القاهرة في زيارة رسمية    تفكيك قمر اصطناعي عمره 24 عاما    240 محطة لقياس جودة الهواء    الاخضر يواصل تحضيراته لمواجهة الصين    منتخب الجزائر يعلن عن إصابة رياض محرز وحسام عوار    جماهير أيرلندا تستهدف ثنائي منتخب إنجلترا رايس وجريليش في دوري أمم أوروبا    بمشاركة 25 دولة.. السعودية تنظّم أول نسخة عالمية من أولمبياد «IAIO».. غداً    الخريف يبحث تعزيز التعاون الصناعي مع مسؤولين حكوميين في هونغ كونغ    غدا.. انطلاق أولى فعاليات مسار الأدب والثقافة والتراث في غرفة الخرج    رابطةُ العالم الإسلامي تُثمّن جهود مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان»    العلامات الدقيقة للسرطان لم تعد مخفية    حرس الحدود في ظهران الجنوب يحبط تهريب (13) كجم "حشيش"    غدا.. مؤتمر صحفي حول حفل روائع الأوركسترا السعودية في لندن    حرس الحدود بالمدينة المنورة يقدم المساعدة لبحار تعرض لأزمة صحية    تقسيمة مصغرة بتدريبات الصقور    استشاري سمنة ل «الرياض» : نسبة نجاح عمليات التكميم أعلى من المرارة!    برعاية أمير المدينة.. جامعة طيبة تنظم المؤتمر الدولي الرابع لمستجدات التأهيل الطبي..غداً    مذكرة تفاهم تجمع وزارة الاستثمار والصناعات العسكرية وشركة إليترونيكا الإيطالية    شرطة الرياض تقبض على سوداني اعتدى على زوجته ما أدى لوفاتها    زحل يتقابل مع الشمس .. غدا    البرلمان يستدعي نائب هاريس.. وترمب في ويسكونسن لكسب التأييد    فرص تعليمية ل 176 طالبا وطالبة غير سعوديين بجامعة الملك فيصل    توقّيع عقدا لمشروع صيانة طرق وشوارع بالبدائع    «يذرف دماً بدلاً من الدموع».. طفل يحير الأطباء!    مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري يعقد لقاءً إعلاميًا لإعلان أسماء الفائزين    د. مصلح الحارثي يشكر القيادة على تجدد الثقة وتعيينه عضوا في الشورى    بيان من «الداخلية»: ضبط 22021 مخالفاً وترحيل 11242    لأول مرة في الشرق الأوسط.. المملكة تستضيف الاجتماع الدولي ال (38) للمبادرة العالمية للشُعب المرجانية (ICRI)    انخفاض سعر الروبل أمام العملات الرئيسية    باكستان تعتزم إطلاق حملة تطعيم طارئة ضد شلل الأطفال الأسبوع المقبل    غُروس الخيرية تحصد جائزة الشارقة للاتصال 2024م من بين (3815) جهة عربية وعالمية    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم دورة تدريبية في مبادئ الإسعافات الأولية    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم جولة دعوية في محافظة ضمد    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة تطوعية للعناية بكتاب الله في المساجد والجوامع ابتداء من محافظة الداير    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم مبادرة اطمئنان لزيارة المرضى المنومين في مستشفى صبيا العام    4000 ريال قيمة ترخيص تأجير اليخوت لأغراض سياحية    منتخب المملكة يتوج بميداليتين عالميتين في أولمبياد المعلوماتية الدولي    البيت الأبيض: بايدن سيستضيف ستارمر في 13 سبتمبر    "المسابقات" تقرّر إقامة دوري الدرجة الأولى للسيدات بمشاركة 9 أندية    «هيئة الاتصالات» تعقد النسخة الرابعة من منتدى التقنية الرقمية في أكتوبر المقبل    الإسبانية "باتريسيا" تعزّز صفوف سيدات الشباب    مصر تستهل تصفيات كأس أفريقيا بفوز كبير على الرأس الأخضر    اكتشاف 3 مستعمرات تكاثر لنسور غريفون الأوراسية المهددة بالانقراض    الديوان الملكي: وفاة الأمير عبد الله بن تركي بن عبد العزيز بن عبد الله بن تركي آل سعود    الرياض: 900 مخالفة في مشاريع البنية التحتية    خطيب المسجد النبوي: الناس يتفاوتون في تحمّل صدمة وفاجعة وفاة قريب على قدر إيمانهم    خطيب المسجد الحرام: مِنْ ظُلْمِ العبد لنفسه أن يجد لنفسه عذراً في كل شيء    الوطن أولاً    السعودية تستضيف المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد الدولي لصون الطبيعة لدول غرب آسيا    ولي العهد يؤدي صلاة الميت على الأميرة لطيفة بنت عبدالعزيز    رحيل عبدالله رضوان… الإنسان    رفعوا الشكر لخادم الحرمين وولي العهد ونوهوا بالنهضة الكبيرة.. قيادات الشورى: الثقة الكريمة وسام سامق وحافز لمسيرة التقدم لبلادنا العزيزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشكل والأخلاق
نشر في عكاظ يوم 26 - 07 - 2024

بعض مجتمعاتنا الإسلامية تعاني من مشكلة ضعف الأخلاق والقيم والآداب؛ بسبب فكر أهل الغفوة. هذا الفكر لم يهتم بالأخلاق وإنما اهتم بالشكل والمظهر والطقوس بعيداً عن دلالاتها وأهدافها. لقد تلوثت العديد من عقول البشر بفكر أهل الغفوة أو ما كان يسمى بالصحوة، وما هم بالصحوة، بل هم في سبات يعمهون. وقد تميّز أهل الغفوة بالقدرة على تحريك الغوغائية من البشر. والقدرة على جعل كثير من الناس لا ينظرون لأخطائهم، وإنما لأخطاء غيرهم، وأصبح همهم تتبع الزلات وكأنهم حراس الفضيلة حتى تحوّل بعضهم إلى جلادين وقضاة محاكم التفتيش في القرون الوسطى. باسم الفضيلة ذبحت الفضيلة وقدمت قرباناً لغفوة ما زالت تبعاتها تحيط بمجتمعاتنا التي عاشت سطوتها. لقد ضاع الوعي مما ترتب عليه ضياع الأخلاق. إن فكر أهل الغفوة يكرس مفهوم التقليد والاتباع والنقل دون عقل أو تمحيص أو تفكير والتأكيد على وجوب اتباع سياسة القطيع. لقد نجح فكر أهل الغفوة في تكريس التقليد والمذهبية حتى ضاع الفكر والوعي والأخلاق بالرغم من العلاقة الوثيقة بين الدين والأخلاق. يقول المفكر الإسلامي علي عزت بيجوفيتش أنه «ومن الناحية التاريخية، يعتبر الفكر الأخلاقي من أقدم الأفكار الإنسانية، ولا يسبقه سوى الفكر الديني الذي هو قديم قدم الإنسان نفسه. وقد التحم الفكران معاً خلال التاريخ. ففي تاريخ علم الأخلاق، لم يوجد عملياً مفكر جاد لم يكن له موقف من الدين، إما عن طريق استعارة الضرورة الدينية كمبادئ للأخلاق، أو عن طريق محاولة إثبات العكس. ولذلك، يمكن القول إن تاريخ علم الأخلاق بأكمله قصة متّصلة لتشابك الفكر الديني والأخلاقي».
الأخلاق في جوهرها تتعلق باتخاذ قرارات تتماشى مع ما يعتبر صواباً أو خطأً، لهذا عندما يضيع الوعي تضيع الأخلاق؛ لفقدان القدرة على التقدير السليم لمبادئ الصواب والخطأ، وعلم الأخلاق يهتم بمعايير السلوك التي يجب على الناس الالتزام بها من أجل التعايش بأمان.
والشكل في معظم الحالات يأتي على حساب الموضوع والفكر والوعي. لقد كان فكر أهل الغفوة يرتكز على شكل ويهتم بالملبس والمظهر والتحذير من الفرح واللهو ومباهج الحياة، حتى أن بعضهم يرى أن إضاعة صلاة الفجر في المسجد أشد جرماً من زنا المحارم. لم يشتغل أهل الغفوة بالأخلاق ومفهومها الواسع الذي يشمل العدل والأمانة واحترام حقوق وحريات الآخرين، وتقديس حقهم في الاختلاف دون اضطهاد، وأمور أخرى كثيرة. ونسوا أن الأخلاق هي قوام الأمم، وأن الرسالة المحمدية جاءت لتتمم مكارم الأخلاق. لقد أثر فكر الغفلة على تقدم مجتمعاتنا وذلك نتيجة حتمية لارتباط الأخلاق بالحضارة ولا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض. وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي: «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا».
قيمة الوقت والعمل واحترام الأنظمة لم تكن الشغل الشاغل لأهل الغفوة. ومثال لذلك إذا حان وقت الصلاة فلا يهم بعض الحريصين على صلاة الجماعة أن يوقف سيارته في الطريق العام أو أمام مدخل عمارة أو مواقف خاصة، فلا احترام لأنظمة المرور ومصالح الآخرين والتسبب في تعطيلها. ومثال آخر الاعتداء على الأراضي تحت مسمى إحياء الأرض الموات، في حين أن هذه الأراضي إما مملوكة للدولة أو لشخص أضاع وثيقتها. ومثال آخر حرمان المرأة من التجارة، والسماح لها عن طريق تعيين وكيلٍ عنها، الأمر الذي تسبب في ضياع حقوق كثير من السيدات والنساء. فترة أهل الغفوة تزخر بالفتاوى التي فيها خروج صارخ على الأخلاق والعدالة واحترام حقوق الآخرين.
الشكل عندما يطغى على المضمون يصبح الوعي مفقوداً حيث إن هم المتلقي ينصب على الشكل وتوفره بعيداً عن الأهداف والغايات والمراد والمقاصد. فهدف العقوبة حفظ الحياة. قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، إذن هناك غاية للأحكام والقوانين والقواعد تتمثل في تحقيق المصلحة العامة وحماية الخاصة دون طغيان أو تفريط، والحفاظ على الثروة والصحة والسلم الاجتماعي. إن النازع الديني يجب أن يكون دافعاً لحسن الخلق ومكارم الأخلاق؛ لأنه المقياس الحقيقي والمعيار الصحيح لحسن تدين المرء.
نحن في حاجة ماسة لمراجعة المناهج التعليمية والمفاهيم والقيم مثل قيمة العمل والإتقان واحترام الآخر وإعادة الوعي المفقود؛ لأننا إذا نجحنا في ذلك أصبحت مجتمعاتنا مجتمعات أخلاقية قادرة على صنع المجد والحضارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.