عمّت المدن الكبيرة في الأعوام الأخيرة ظاهرة ملفتة وهي توصيل الطلبات. وظهرت الحاجة لها مبرّرة في زمن كورونا، إلى أن صارت جزءاً من حياة البعض في زمننا الحاضر. وظهرت تطبيقات إلكترونية سهّلت على الناس الحصول على الطلبات وبخاصة وجبات الطعام. باتت مهمة توصيل طلبات المطاعم مصدر دخل مجدٍ لقطاع لا يستهان من الوافدين. يتحدث بعضهم عن تحقيقه دخلاً يفوق راتبه الدوري من وراء هذه المهنة. ترى سيارة صغيرة أو دراجة نارية تجوب شارع بيتك، فتساورك الشكوك في البداية في نوايا هذه المركبة أو الدراجة، لتكتشف أنه وافد جاء يوصل وجبة طعام قد تكون تكلفة التوصيل أكثر من ثمن الوجبة! وفي هذه المقالة لست بصدد مناقشة هذه الظاهرة التي أراها مقلقة وبحاجة أكثر لمزيد من التنظيم، لكن لفت النظر دراجات نارية توصل طلبات من مطاعم وبقالات.. دراجات رديئة الصناعة منفرة الشكل.. دراجات نارية لا تحمل لوحات مرور ولا يعرف كيف سمح لها أن تسير في الشوارع والطرقات دون لوحة مرور رسمية تُعرِّفُ بها وتحدد هويّة من يملكها ومن يقودها. والأغرب عندما تريد البحث عمّن يملكها ولماذا هي بدون لوحة مرور رسمية ،لا تجد جواباً. فالعامل الذي يقودها يعرف أن ما يفعله غير نظامي لكن لا يفصح عن ذلك لأنه يعرف أنه مخالف. ولأن أحداً لا يوقفه ولا يستغرب فعله فهو مستمر في قيادة الدراجة وفي توصيل الطلبات على دراجة دون لوحات ومستمر أيضاً في نفث ملوّثات خطيرة في بيئتنا. أليس من شروط السماح بتوصيل الطلبات أن تسجل جميع الدراجات لدى الجهة التي تمنح مثل هذه التراخيص؟ لماذا تبدأ بعض المطاعم والأسواق التجارية في ممارسة البيع وتوصيل الطلبات قبل أن تستكمل كل متطلبات الخدمة؟ إن الجهود التنظيمية التي تبذلها الأمانات والبلديات جهود كبيرة مقدرة وملموسة، لكن ما نتمنى المتابعة فيه دون تراخٍ هو الاستمرار في الرقابة ومواصلة المتابعة، ذلك أن أي تراخٍ يبعث رسالة إلى هؤلاء يفهمون منها أن تشّديد الرقابة يكون في البداية ثم ما تلبث الجهات الرقابية أن تستكين للدعَة وتركن للراحة، وتترك المواصلة لشكوى قد تصل أو لا تصل من متلقي الخدمة.