اشتعلت الاشتباكات المسلحة بشوارع العاصمة الليبية طرابلس، مخلفة دمارا واسعا بالبنية التحتية، نتيجة الاستخدام المكثّف للأسلحة الثقيلة والقذائف الصاروخية من طرف الميليشيات المتنازعة، إذ أظهرت صورا ومقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، حجم الاشتباكات وآثارها الكبيرة على المدينة، حيث تسببت في تدمير عشرات المباني والعمارات السكنية وإحراق وتهشيم عدد من سيارات المواطنين، فضلا عن انهيار واحتراق جزء من أكبر مساجد العاصمة، وكذلك تضرر مصحة الأسنان ومستشفى عام ومرافق طبية وخدمية أخرى، تقع ضمن دائرة المعارك، بعد اشتعال النيران فيها كنتيجة لسقوط قذائف. ودفعت الاشتباكات الدائرة منذ أمس الأول عشرات السكان إلى الهروب من منازلهم نحو أماكن آمنة، وإغلاق المحلات التجارية والإدارية والمراكز الحيوية بالمدينة والتي تضرر بعضها، كما تم تعليق الدراسة والامتحانات، بينما نتج عن الاشتباكات خسائر بشرية، بعد مقتل 4 أشخاص على الأقل من بينهم فنان كوميدي مشهور وجرح العشرات، في حصيلة مرشحة للارتفاع، في قلب العاصمة طرابلس، بين جهاز "دعم الاستقرار" بقيادة غنيوة الككلي وكتيبة "177" التي يتزعمها هيثم التاجوري، بعد سيطرة ميليشيات غنيوة على مقر محسوب على التاجوري، وسط توقعات بتوسعها خلال الساعات القادمة. وقال جهاز الإسعاف والطوارئ الليبي إن الاشتباكات في طرابلس تمنع مساعدة المدنيين وإحصاء الجرحى صعب بسبب الاشتباكات، مطالبا بفتح كافة فروع الجهاز من تاجوراء إلى المنطقة الوسطى، كما طالب بهدنة لفتح ممرات آمنة في طرابلس. في وقت طالبت بلدية طرابلس المركز المجتمع الدولي بحماية المدنيين في العاصمة الليبية، وحملت مجلسي النواب والأعلى للدولة والمجلس الرئاسي والحكومتين مسؤولية تردي الأوضاع. وذكرت وسائل إعلام محلية أن مناطق الاشتباكات وسط طرابلس تشهد تحليقا للمسيرات. وقال شهود إن الاشتباكات اندلعت في وسط مدينة طرابلس وسط أزمة سياسية بشأن السيطرة على الحكومة الليبية شهدت حشداً متزايداً للجماعات المسلحة حول العاصمة في الأسابيع القليلة الماضية. وأظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة لوسط المدينة عربات عسكرية مسرعة في الشوارع، ومقاتلون يطلقون النار، وسكان محليون يحاولون إخماد الحرائق. وبدأت المليشيات الموالية لرئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا أمس التقدم باتجاه وسط طرابلس، بعد سيطرتها على البوابة الواقعة غرب العاصمة، بينما أعلنت المليشيات المحسوبة على رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة النفير العام، في خطوة تنبىء باندلاع صدام مسلح على السلطة، فيما قالت مصادر محلية إن مليشيا "فرسان جنزور" نجحت في صد تقدم المليشيات الموالية لباشاغا نحو وسط العاصمة، بينما شوهد رتل عسكري ضخم يضم عشرات العربات المسلحة تابع لباشاغا وهو يتوجه من مدينة مصراتة نحو العاصمة طرابلس، كما تحركت المليشيات التابعة ل"الواء أسامة الجويلي" الداعم لباشاغا جنوب العاصمة طرابلس. ونفت حكومة فتحي باشاغا في ليبيا، أمس، رفضها إجراء مفاوضات مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، واتهم باشاغا الدبيبة بعدم الاستجابة للمبادرات المحلية والدولية لحل أزمة انتقال السلطة، مشدداً على أن حكومة الدبيبة "فاقدة للشرعية بالنسبة إلى الليبيين". جاء ذلك بعدما قال الدبيبة أمس إن أطرافاً عسكرية وسياسية أجرت مفاوضات مع باشاغا في الأيام الماضية، مشدداً على تمسك حكومته بمواصلة مهامها، كما دانت حكومة الوحدة ما تشهده طرابلس من اشتباكات عنيفة في أحياء مكتظة بالسكان. وقالت الحكومة في بيان نشرته على حسابها في "فيسبوك" إن الاشتباكات "نجمت عن قيام مجموعة عسكرية بالرماية العشوائية على رتل مارّ بمنطقة شارع الزاوية في الوقت الذي تحتشد فيه مجموعات مسلحة في بوابة ال27 غرب طرابلس وبوابة الجبس جنوبطرابلس"، موضحة أن الاشتباكات تأتي تنفيذاً لما وصفتها "بتهديدات" من رئيس الحكومة المدعومة من البرلمان فتحي باشاغا باستخدام القوة للعدوان على المدنية.