تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مساراً تصاعدياً مدفوعاً بالإنتاجية والكفاءة والإبداع وقوة الروابط الاجتماعية. والجيلان اللذان يمهدان الطريق نحو التغيير والسعي وراء الامتياز في المنطقة هما جيل الألفية والجيل الجديد. وهؤلاء المواطنون الرقميون والأفراد المتمرسون في التعامل مع التكنولوجيا يستخدمون هذه الوسيلة خدمة لمصلحة الشركات والمؤسسات الجيدة والمحفّزة، بل وحتى لأنفسهم، وذلك بهدف الاستثمار على نطاق أوسع لتوفير فرص نوعية من الممكن أن تدفع عجلة النمو والازدهار على المستوى الفردي والمحلي والإقليمي. لقد تعلمنا من أزمة كوفيد-19 بأنه ليس هناك أي شيء مؤكد. كما أن أحداث العام الماضي لوحده قد أحدثت تحولاً جذرياً في الاهتمامات الشخصية الرئيسية لجيل الألفية والجيل الجديد. وتتمثل أبرز 4 اهتمامات لجيل الألفية على الصعيد العالمي فيما يلي: 1- الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض 2- البطالة 3- التغير المناخي 4- النمو الاقتصادي ومن قلب حالة عدم اليقين والتحديات تأتي الفرص ويتحقق النمو، لا سيما في الوقت الراهن ونحن نتجه نحو حقبة جديدة تتميز بالواقعية المفرطة، حيث يتداخل العالمان الواقعي والافتراضي معاً على نحو لم نعهده من قبل. يقضي الكثيرون المزيد من الوقت في العمل والتعلم والألعاب والتواصل عبر الإنترنت، مما يخلق لدى الجميع رغبة قوية في التعبير عن شخصيتهم الحقيقية في العالم الافتراضي. وبالإضافة لذلك، من الواضح أن الحكومات في جميع أنحاء المنطقة تبدأ بإعداد وتجهيز دولها للتوجه نحو اقتصاد المبدعين. في دولة الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال؛ تمنح دبي التأشيرات الذهبية للمواهب في مجال الثقافة والفنون. ومع استمرار المزيد من الأشخاص في استكشاف إمكاناتهم والانضمام إلى اقتصاد المبدعين، فإن فهم الفرص التي من الممكن أن يوفرها البث المباشر والمجتمعات المتصلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سيثبت بأنه مفيد للغاية في تسريع وتيرة النمو على مستويات الاقتصاد الثانوي والجزئي والكلي. تأسيس حضور بارز في عالم الميتافيرس تكتسب السلع نفسها التي يستخدمها الأشخاص للتعبير عن أنفسهم في العالم الحقيقي، مثل الموضة وتصميم المساحات الداخلية في المنازل، أهمية غير مسبوقة، لا سيما مع تزايد الإقبال على عالم الميتافيرس والبث المباشر. ينفق الأفراد 54 مليار دولار أمريكي على السلع الافتراضية كل عام، معظمها مخصص للتعبير عن هويتهم الافتراضية. وغالبًا ما تتخذ هذه الهوية الافتراضية شكل "أفاتار"، وهو تمثيل جرافيكي للأشخاص الذين يرغبون بتأسيس حضور لهم في العالم الافتراضي. وبإمكان الفرد تخصيص الشخصية التي ستمثله على نحو أكثر أصالة وأكثر واقعية. وتتيح شخصيات "الأفاتار" لصانعي المحتوى عبر البث المباشر ابتكار طرق جديدة للتفاعل مع جماهيرهم من خلال تبني مفاهيم وشخصيات جديدة. في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، أطلقت "بيجو لايف"، وهي إحدى منصات التواصل الاجتماعي عبر البث المباشر الرائدة، مؤخراً إصداراً جديدًا من الصور الرمزية ثلاثية الأبعاد القابلة للتخصيص لدعم المستخدمين في الربط بين شخصيتهم "الحقيقية" والافتراضية عند إجراء البث المباشر والتواصل مع جمهورهم. ويتمثل العنصر الأساسي في المنصة في القدرة على تمكين المستخدمين من تغيير صورهم الرمزية الواقعية، سواء كانت تسريحة شعرهم أو ملامح وجههم أو ملابسهم، بما يلبي ميول شخصيتهم الفريدة عند التواصل مع شرائح مختلفة من المجتمع وكافة الخلفيات الثقافية. تكوين مجتمعات تفاعلية قامت العديد من وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر" و"واتساب" و"بيجو لايف" بإضافة ودمج ميزة "المجتمعات المترابطة" في تجربة المستخدم، وذلك استجابة للطلب المتزايد على هذا النوع من "غرف الدردشة المشتركة" الافتراضية. وقد أظهرت النتائج الحديثة بأن العديد من الأشخاص الذين يعانون من صراعات شخصية غالباً ما يلجؤون إلى المجتمعات عبر الإنترنت لطلب الدعم والمؤازرة. كما أن البعض يلجؤون إلى قنوات الدردشة النصية التي تضم أصدقاء مقربين للتنفيس عن مشكلاتهم وطلب النصيحة. يفضل البعض الآخر طلب المساعدة بشكل خاص من الأشخاص الذين لديهم تجارب مماثلة في منتديات الدعم، والتي غالبًا ما تضم أكثر من 1,000 عضو عبر الإنترنت في أي وقت. وبالتالي، ومن خلال إحاطة أنفسهم بأشخاص يشاركونهم طرق التفكير ذاتها، بإمكان المستخدمين الحفاظ على خصوصيتهم وتفادي ما يعرف بوصمة العار الاجتماعية التي غالباً ما تترافق مع طلب المساعدة الشخصية، كما أن هذا التواصل مع النظراء الذين يشتركون معهم في الثقافات ووجهات النظر لا يتأثر بالحواجز الجغرافية. وفي أعقاب طرح هذه الميزة قبل بضعة أشهر فقط، شهدت "بيجو لايف"، انضمام أكثر من مليون مستخدم إلى "مجتمعات البيجو". وإلى جانب أن هذه الميزة الجديدة تتيح لعشاق البث المباشر الالتقاء والتواصل معاً بدافع الاهتمامات والمخاوف المشتركة التي يشعرون بها خارج إطار البث المباشر، فهي تجعل من السهل أيضاً على المستخدمين الوصول إلى كم هائل من المحتوى المتدفق عبر البث الماشر، والذي قد يكون محط اهتمامهم ويدفعهم للإنضمام إلى المجتمعات ذات الصلة التي تحاكي ميولهم. وقد شهد التطبيق في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نمو وازدهار مجتمعات تهتم بجوانب متعددة كالعناية بالجمال والموسيقى وكرة القدم. وفي الواقع، أنشأ عشاق كرة القدم غرف دردشة مباشرة تجمع معاً مجتمعات كرة القدم لتبادل الشغف والنقاش حول مباريات دوري أبطال أوروبا وبطولة كأس العالم القادمة وغيرها المزيد. وفي الآونة الأخيرة، تقوم المنصة بتشغيل برنامج حوافز تشجيعي لحثّ مستخدميها على بناء مجتمعات نوعية ومتميزة. دور البث المباشر في تعزيز الترابط المجتمعي إن المجتمعات بمفهومها تخلق نوعاً من الشعور بالانتماء، وتوفر أيضاً فرصاً فريدة للحصول على الدعم ونشر الوعي عند الحاجة، سواء كانت تلك المجتمعات أفراداً أو شركات صغيرة أو مؤسسات كبيرة. حتى أن بعض صانعي المحتوى المؤثرين يصفون المجتمعات عبر الإنترنت بأنها ملاذهم الرئيسي. واليوم، حتى تتمكن الشركات من أن تستمر وتزدهر؛ ينبغي أن تنال ثقة كل من يتعامل معها، سواء كانوا موردين أو شركاء أو عملاء أو أي أطراف محتملة. وعلى الرغم من أن المستخدمين يقدرون الإبداع والفن الكامن وراء المحتوى، إلا أنهم يرغبون بالمزيد دائماً. بمعنى أنهم يريدون أن يشعروا بالارتباط بالعلامة التجارية والأشخاص الذين يقفون وراءها لبناء علاقة معينة مع الشركة. لقد قدم مزيج المجتمعات عبر الإنترنت والبث المباشر حلاً جيدًا لجذب واستبقاء الجمهور المستهدف. بمعنى آخر، عندما يكون هناك تفاعل وتواصل مباشر وفي الوقت الحقيقي بين الشركة وجمهورها أثناء البث المباشر، فهذا يكسبها زخماً أكبر ويجعلها أقوى وأكثر فعالية، لأنها تخلق ثقة راسخة بينهم، بمعنى أن بإمكان المستخدمين الحصول على فرصة للرد على جميع تساؤلاتهم من قبل الشركة بطريقة سريعة ونقاشية وسهلة الفهم. كما أنهم يحظون أيضاً بفرصة التفاعل الدائم مع المتحدثين الرسميين باسم الشركة من خلال تدفقات المحتوى عبر البث المباشر، والتعرف عن كثب على شغفهم ومعرفتهم الواسعة بمنتجهم، مما يدفع المشاهدين إلى زيادة ارتباطهم العاطفي بالعلامة التجارية. وتبقى العلامات التجارية بعد ذلك على تواصل مع جمهورها من خلال التفاعل معهم داخل مجتمع الإنترنت، مما يلعب دوراً مهماً في تأسيس علاقة وطيدة وطويلة الأمد ستثمر بمبيعات مستمرة من خلال جمهورها المستهدف. تتجلى قوة البث المباشر في زيادة مبيعات الشركات والمؤسسات التجارية من خلال قطاع البث المباشر الذي يقدر بحوالي 600 مليار دولار أمريكي. كما يشهد التسوق عبر البث المباشر نمواً بوتيرة متسارعة في أوساط الجيل الجديد وجيل الألفية، حيث يشاهد 17 بالمائة من المستهلكين جلسات البث المباشر الخاصة بالتسوق لصانعي المحتوى المؤثرين. كما تولي الشركات مزيداً من الاهتمام بالبث المباشر وتوجه أنظارها نحو صانعي المحتوى الذين يؤثرون في الجماهير ذات الصلة بعلامتهم التجارية وتتعاون معهم بشكل متكرر من أجل الترويج لشركاتهم ونشر الوعي حولها وزيادة أرباحها. وقد ساهم ذلك بشكل كبير في نمو سوق الإعلام والترفيه في الشرق الأوسط والذي من المتوقع أن يصل إلى 47 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026. كما تتخذ الدول الكبرى في دول مجلس التعاون الخليجي مثل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية خطوات لتوفير بيئة حاضنة وداعمة للمبدعين حتى يتمكنوا من تحقيق النمو والازدهار، على سبيل المثال، طرحت دولة الإمارات العربية المتحدة التأشيرة الذهبية، وهي تأشيرة صالحة لمدة 10 سنوات، والتي يمكن منحها للخبراء المبدعين الذين يساهمون في دعم نمو وازدهار الاقتصاد. إن فرص كسب العيش، من خلال الاستثمار بالشغف الفريد لكل فرد في الشرق الأوسط، لا حصر لها، وخاصة المبدعين منهم الذين يتواصلون مع جمهورهم عبر البث المباشر ويتفهمون احتياجاته. إن البث المباشر يضع في متناول أي شخص فرصة مواتية لتكوين المزيد من علاقات التواصل الشخصية مع جمهوره. كما أنه يمنحهم المرونة الكافية لجذب الانتباه نحو الأفكار التي تهمهم بطريقة فريدة لا تتمكن طرق التواصل الأخرى الجامدة من تحقيقها، بل إن البث المباشر قد أصبح الوسيلة الرئيسية والأكثر أهمية لتحقيق التميز في السوق والاستمرار في الوصول إلى آفاق جديدة على النطاق المالي والاجتماعي.