وسّع أنصار التيار الصدري في العراق من دائرة الاحتجاجات لتمتد إلى مقر مجلس القضاء الأعلى بالمنطقة الخضراء، وذلك بعد أيام من انتهاء مهلة السبعة أيام، التي منحها الصدر للقضاء الأعلى بغية حل البرلمان والمضي بتحديد موعد لانتخابات تشريعية مبكرة. وتوجه العشرات من أنصار التيار الصدري، أمس إلى مجلس القضاء الأعلى وشرعوا بنصب سرادق الاعتصام أمام مبنى المجلس ببغداد، مطالبين بحل مجلس النواب، في تطور جديد للتصعيد طال السلطة القضائية بعد السلطة التشريعية في ظل أزمة سياسية خانقة تمرّ بها البلاد، بينما أعلن مجلس القضاء الأعلى تعليق عمله وعمل المحكمة الاتحادية العليا والمحاكم التابعة له. ومنذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في أكتوبر 2021، يعيش العراق جمودا سياسيا، مع العجز عن انتخاب رئيس جديد للبلاد، وتشكيل حكومة جديدة، في ظل خلافات سياسية متواصلة بين فرقاء البلد. وإثر التطورات السياسية في البلاد، قطع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، زيارته إلى مصر، وعاد إلى بغداد لمتابعة تطورات الأحداث، ومتابعة أداء القوات الأمنية العراقية في حماية مؤسسات القضاء والدولة، محذرا من أن تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرض البلد إلى مخاطر حقيقية، كما أكد أن حق التظاهر مكفول وفق الدستور، مع ضرورة احترام مؤسسات الدولة للاستمرار بأعمالها في خدمة الشعب. وطالب الكاظمي جميع القوى السياسية بالتهدئة، واستثمار فرصة الحوار الوطني؛ للخروج بالبلد من أزمته الحالية، داعيا إلى اجتماع فوري لقيادات القوى السياسية؛ من أجل تفعيل إجراءات الحوار الوطني، ونزع فتيل الأزمة. فيما حذر رئيس العراق برهم صالح، أمس، من تداعيات تعطيل المؤسسة القضائية في البلاد بعد اعتصام التيار الصدري أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى في المنطقة الخضراء المحصنة وسط العاصمة بغداد. وقال إن "تطورات الأحداث في البلد تستدعي من الجميع التزام التهدئة وتغليب لغة الحوار، وضمان عدم انزلاقها نحو متاهات مجهولة وخطيرة يكون الجميع خاسراً فيها، وتفتح الباب أمام المُتربصين لاستغلال كل ثغرة ومشكلة داخل بلدنا"، لافتا إلى أن "التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق مكفول دستورياً، ولكن تعطيل عمل المؤسسة القضائية أمر خطير يهدد البلد، وينبغي العمل على حماية المؤسسة القضائية وهيبتها واستقلالها، وأن يكون التعامل مع المطالب وفق الأطر القانونية والدستورية"، مشيرا إلى أن بلاده تمر بظرف دقيق يستوجب توحيد الصف والحفاظ على المسار الديمقراطي السلمي، والعمل على تجنّب أي تصعيد قد يمس السلم والأمن المجتمعيين. من جهتها، أكدت بعثة الأممالمتحدة في العراق "يونامي"، ضرورة عمل مؤسسات الدولة دون عائق، وذلك تعقيبا على بدء مناصري التيار الصدري باحتجاجات أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى. وقالت إن "الحق في الاحتجاج السلمي عنصر أساسي من عناصر الديمقراطية. ولا يقل أهمية عن ذلك التأكيد على الامتثال الدستوري واحترام مؤسسات الدولة"، مشددة على ضرورة أن تعمل مؤسسات الدولة دون عوائق لخدمة الشعب العراقي، بما في ذلك مجلس القضاء الأعلى. ومنذ أسابيع ارتفع مستوى التصعيد بين التيار الصدري وخصومه في الإطار التنسيقي، عندما اقتحم مناصرو الأول مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء، مطالبين بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة، بينما يريد خصوم الصدر في الإطار التنسيقي تشكيل حكومة قبل الذهاب إلى انتخابات مبكرة، ويقيمون هم أيضا اعتصاما أمام المنطقة الخضراء منذ نحو أسبوعين.