على مر العقود الماضية، بقيت العلاقات السعودية الأميركية مثالاً يحتذى به لحليفين إستراتيجيين؛ كونها مبنية على قواعد راسخة، وفق أسس طويلة الأمد، ولم تتأثر أو تتبدل حتى مع أعنف الهزات التي تعرضت لها المنطقة والعالم، بفضل حكمة القيادات السياسية في البلدين وإرادتهما، وحرصهما على دعم وتعزيز العلاقات وتجنيبها أي انعكاسات لأي تطورات أو أزمات ناشئة في المنطقة والعالم، واحتواء أي وجهات نظر، في حينه عبر الحوار المعمق. زيارة رئيس الولاياتالمتحدة الأميركية إلى المملكة، المقررة في منتصف الشهر المقبل، لها أهمية خاصة؛ كونها البلد العربي الوحيد الذي سيزوره جو بايدن خلال جولته في الشرق الأوسط، وهو ما يعكس الأهمية البالغة التي تنظر بها قيادة الولاياتالمتحدة للمملكة ودورها الحيوي في تعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم. زيارة الرئيس جو بايدن إلى المملكة ولقاؤه مع خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد، تعكس استشعار قيادتي البلدين لحجم التحديات المشتركة وأهمية رفع التنسيق إلى أعلى مستوياته، تعزيزًا للنهج الثابت الذي تتميز بها العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. وتدعم الولاياتالمتحدة الأميركية جهود المملكة العربية السعودية من خلال قيادتها للتحالف العربي في تحقيق أمن واستقرار اليمن، وجهود الحل السياسي، وإنهاء العمليات العسكرية، من خلال ما تضمنته مخرجات اتفاق الرياض، وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي وتسلمه السلطة، بما يساعد في تخطي الأزمة الحالية وعودة الأمور إلى نصابها. كما تؤمن المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية بأهمية جعل منطقة الشرق الأوسط خالية تماما من أسلحة الدمار الشامل، وهي الرؤية التي ينطلق منها البلدان في سعيهما بأن يضمن أي اتفاق نووي مع إيران عدم تمكنها من إنتاج قنبلة نووية؛ تجنبيا للمنطقة سباق تسلح سيكون الخاسر فيه أمن واستقرار المنطقة والعالم. زيارة الرئيس بايدن للمملكة، سترسل رسالة إيجابية لأسواق النفط العالمية، كما أنها ستبعث الأمل لمستهلكي البنزين في الولاياتالمتحدة في انخفاض محتمل للأسعار التي تسجل ارتفاعاً غير مسبوق. وينظر العالم إلى العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية كمرتكز أساسي لتعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم، لما يشكله البلدان من دور محوري في جهود تعزيز الأمن والسلم الدوليين، انطلاقًا من مكانتهما السياسية والأمنية والاقتصادية وعضويتهما في مجموعة الG20. ولم يغب عن السعودية بالها قط مدى ارتباط مصالحها بالإقليم والعالم. ولم تتخلَ في أحلك الظروف عن التزاماتها تجاه العرب والمسلمين. فالقوة والحكمة التي لدى قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، مكنت المملكة منذ تأسيسها على التعامل مع القوى الكبرى، واضعة مصالح المملكة الاستراتيجية في المقام الأول، مما عزز مكانة المملكة في توازنات القوى الإقليمية والعالمية؛ عسكريا ونفطيا وسياسيا وتجاريا، في المنطقة والعالم. ختاما.. المواقف الإيجابية للإدارة الامريكية مؤخرا أظهرت حرصها على تعزيز الشراكة التاريخية الممتدة منذ عام 1945م بين الولاياتالمتحدة (أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم) والمملكة (أكبر مصدر للنفط في العالم).