ليس هناك خلاف أن المجتمع الدولي ينظر للرياض وواشنطن كمرتكز أساسي لتعزيز أمن واقتصادالمنطقة والعالم، لما يمثله البلدان من قوة نفطية وروحانية وعسكرية واقتصادية، فضلا عن أدوارهما الجيو - استراتيجية المحورية على صعيد المنطقة وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، انطلاقًا من مكانتهما السياسية والأمنية والاقتصادية وعضويتهما في مجموعة الG20. ومن المؤكد أن المراقبين يتابعون عن كثب وباهتمام كبير، ليس فقط زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمملكة منتصف شهر يوليو المقبل ولقائه الأول مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فحسب؛ بل مخرجاتها الايجابية حيال تعظيم الشراكة السعودية - الأميركية وتفعيل الحوار الاستراتيجي الأميركي - الخليجي، وتحقيق التقارب الأميركي - العربي؛ وأخيرا وليس آخرا إيجاد حلول لقضايا المنطقة وفق المرجعيات وإنهاء التوترات والأزمات والتدخلات الاقليمية في شؤون المنطقة. ويرى محللون أميركيون أن زيارة الرئيس بايدن للمملكة ستتمخض عن مخرجات إيجابية تجاه ردع سلوكيات إيران المُزعزعة لأمن واستقرار المنطقة والعالم، وتحييد خطر الميليشيات الإرهابية المدعومة من طهران. ويؤكد المراقبون أن تغيّر نهج الإدارة الأميركية تجاه قضايا المنطقة وعودة الشريك الأميركي سيعمل على تعزيز الثقة بين الشركاء في علمية السلام خصوصا أن هناك رغبة في البيت الأبيض لاعادة ترتيب أولوياتها وعلاقاتها مع الدول المحورية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وأكدت مصادر موثوقة في البيت الأبيض ل»الرياض» أن إدارة الرئيس بايدن شعرت بضرورة عدم ترك الشرق الأوسط وهي منطقة نفوذها؛ وعليها الاستدارة في سياساتها الخارجية تجاه دول الاعتدال العربي، بعد فترة من الابتعاد عن ملفات المنطقة الاستراتيجية بسبب الحرب الأوكرانية والملفات السياسية والاقتصادية الأميركية الداخلية فضلا عن حدوث تغيير في تفكير الإدارة الديمقراطية حيال ضرورة عدم ترك الحلفاء والشركاء لواشنطن في المنطقة. وأضافت المصادر أن مصالح أميركية الاستراتيجية لا تزال متغلغلة في المنطقة سواء كانت على محور عملية السلام في الشرق الأوسط؛ أو الملف النووي الإيراني والسلوكيات الإيرانية العدوانية تجاه حلفاء واشنطن في المنطقة فضلا عن استقرار سوق النفط العالمية وانعكاسات ذلك على السوق الأميركية البترولية الداخلية مع اقتراب الانتخابات النصفية للكونجرس. وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي قال: إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيناقش إنتاج الطاقة خلال رحلته الى السعودية. وأبلغ كيربي قناة «إم إس إن بي سي» (MSNBC) - أن «إنتاج النفط سيكون جزءا من تلك المناقشة»، مشيرا إلى قرار مجموعة الدول المنتجة للنفط المسماة «أوبك بلس» من أجل تعزيز الإنتاج، فيما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيير إن بايدن سيناقش خلال زيارته إلى السعودية مجموعة من القضايا الثنائية والإقليمية والعالمية مع نظرائه العرب. وأشارت إلى أن المباحثات ستشمل دعم الهدنة التي توسطت فيها الأممالمتحدة في اليمن، فضلا عن سبل توسيع التعاون الاقتصادي والأمني الإقليمي، بما في ذلك البنية التحتية الجديدة والواعدة ومبادرات المناخ، إضافة إلى «ردع التهديدات الإيرانية»، وضمان الطاقة والأمن الغذائي العالمي. وأضافت المصادر أن الإدارة الأميركية ترغب بالتنسيق مع المملكة في ضبط أسعار الطاقة العالمية المرتفعة، والوصول إلى حلول سلمية دائمة في اليمن بعد تمديد الهدنة لمدة شهرين فضلا عن الالتزام التاريخي الأميركي بأمن المنطقة»؛ مؤكدة أن زيارة الرئيس بايدن إلى المملكة تكتسب أهمية خاصة كونها البلد العربي الوحيد الذي سيزوره خلال زيارته لمنطقة الشرق الأوسط؛ وهو ما يعكس الأهمية البالغة التي تنظر بها قيادة الولاياتالمتحدة للمملكة ودورها الحيوي في تعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم والتعامل مع التحديات المُشتركة وأهمية رفع التنسيق إلى أعلى مستوياته، تعزيزًا للنهج الثابت الذي تتميز بها العلاقات الاستراتيجية. ويرى المحللون الأميركيون أن الحرب الروسية الأوكرانية غيّرت حسابات واشنطن وأدت لمراجعة سياستها في المنطقة إلى جانب ارتفاع أسعار النفط مما أدى لعودة واشنطن لنهج الاستدامة في علاقاتها مع الشركاء ودول الاعتدال في المنطقة. المملكة التزمت طوال الفترة الماضية بسياسة النفس الطويل ودبلوماسية تنوع المصالح الاستراتيجية العليا كونها تتحرك من موقع القوة، وفتح الحوار مع جميع الشركاء في العالم شرقا وغربا في عالم لم يعد محكوماً بسياسة القطب الواحد». وأفادت مصادر دبلوماسية خليجية ل»الرياض» أن العودة الأمريكية للمنطقة ستكون فرصة للنقاش في ملفات استراتيجية من أهمها الملف النووي والتسليح البالستي الإيراني الذي يهدد المنطقة بأسرها وتكون فرصة للبحث في نقاط يوجد تباين حولها عبر الحوار، مؤكدا أن دول الخليج بأهمية جعل منطقة الشرق الأوسط خالية تمامًا من أسلحة الدمار الشامل، وهي الرؤية التي ينطلق منها الخليجيون في سعيهما بأن يضمن أي اتفاق نووي مع إيران عدم تمكنها من إنتاج قنبلة نووية، تجنيبًا للمنطقة سباق تسلح سيكون الخاسر فيه أمن واستقرار المنطقة والعالم. وأضافت نفس المصادر أن رمي الولاياتالمتحدة الأميركية بثقلها وراء جهود المملكة والتحالف العرب سيساهم في تحقيق أمن واستقرار اليمن، وتعزيز مسارات الحل السياسي، وإنهاء العمليات العسكرية والوصول وقف الحرب، من خلال ما تضمنته مخرجات اتفاق الرياض، وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي وتسلمه السلطة، بما يساعد في تخطي الأزمة الحالية وعودة الأمور إلى نصابها.