ظلت العلاقات السعودية الأميركية على مدار العقود الماضية مثالاً يحتذى لحليفين استراتيجيين، كونها مبنية على قواعد راسخة وفق أسس طويلةً الامد، ولم تتأثر أو تتبدل حتى مع أعنف الهزات التي تعرضت لها المنطقة والعالم، بفضل حكمة القيادات السياسية في البلدين وارادتهما، وحرصهما على دعم وتعزيز العلاقات وتجنيبها أي انعكاسات لأي تطورات أو أزمات ناشئة في المنطقة والعالم واحتواء أي وجهات نظر في حينه عبر الحوار المعمق. وقالت مصادر امريكية قريبة من البيت الابيض، أن صناع القرار الادارة الامريكية، اياّ كانوا؛ يؤمنون بأن المملكة وما يجمعها مع الولاياتالمتحدة من شراكة استراتيجية ومصالح متبادلة هو الأساس الذي قامت وما زالت تقوم عليه هذه العلاقة، وستظل هذه العلاقة المتجذرة بين الدولتين والشعبين الصديقين، قائمة كون المملكة والولاياتالمتحدة لاعبين أساسيين في سوق الطاقة العالمية، وهو ما يكسب جهود تمتين العلاقات الاستراتيجية بين البلدين أهميةً خاصةً، في ظل تشاركهما في العديد من الهواجس، والتحديات والحيلولة دون اتساع الأزمات ومواجهة الارهاب الظلامي باعتبار أن المجتمع الدولي ينظر للبلدين كمرتكز أساسي لتعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم، لما يُشكله البلدين من دور محوري في جهود تعزيز الأمن والسلم الدوليين انطلاقًا من مكانتهما السياسية والأمنية والاقتصادية وعضويتهما في مجموعة الG20. كما تتشارك المملكة والولاياتالمتحدة في الكثير من الاهتمامات والتحديات التي تواجه المنطقة والعالم، وهما قادرتان بما تمتلكه القيادتان من حصافة وحكمة في مواجهة كل ما من شأنه أن يؤثر على الأمن والسلم الدوليين أمنياً واقتصادياً وسياسياً. زيارة الرئيس جو بايدن إلى المملكة ولقائه مع خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، يعكس استشعار قيادتي البلدين لحجم التحديات المُشتركة وأهمية رفع التنسيق إلى أعلى مستوياته، تعزيزًا للنهج الثابت الذي تتميز بها العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. وكان للزيارتين التاريخيتين اللتين قام بهما الأمير محمد بن سلمان، إلى الولاياتالمتحدة خلال العامين 2016 و2018، دور أساسي في تمتين العلاقات الاستراتيجية بين الرياضواشنطن، وإضفاء زخم نوعي عليها، انطلاقاً مما يجمع البلدين من مصالح مشتركة في الجوانب العسكرية والدفاعية والاقتصادية والاستثمارية. لقد أظهرت المواقف الإيجابية للإدارة الامريكية حرصا على تعزيز الشراكة بين الولاياتالمتحدة (أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم) والمملكة (أكبر مصدر للنفط في العالم). ويتفاءل المحللون الأميركيون بإن زيارة الرئيس بايدن للمملكة، سترسل رسالة إيجابية لأسواق النفط العالمية، كما أنها ستبعث الأمل لمستهلكي البنزين في الولاياتالمتحدة في انخفاض محتمل للأسعار التي تسجل ارتفاعاً غير مسبوق. وقالت المصادر الامريكية في تصريحات ل"الرياض" أنه مع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا في زعزعة أسواق الطاقة العالمية، واضطرار الغرب إلى الاعتماد على مصادر النفط الأخرى من الحلفاء، كانت هناك مناقشات وقناعات متزايدة داخل الإدارة حول أهمية الحفاظ وتعزيز علاقة إيجابية متطورة مع السعودية وهو الأمر الذي أدى لزيارة الرئيس بايدن إلى المملكة وهو ما يعكس الأهمية البالغة التي تنظر بها قيادة الولاياتالمتحدة للمملكة ودورها الحيوي في تعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم. وليس هناك رأيين أن زيارة سمو نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان إلى الولاياتالمتحدة مؤخرا وطبيعة اللقاءات التي عقدها مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية ساهمت في وضع الإطار الأولي للزيارة، ويعد لقاء وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، مع سمو الأمير خالد بن سلمان، نقطة هامة في تعزيز العلاقة الاستراتيجي في المجالات الدفاعية والعسكرية القائمة والمستقبلية. وعلق البيت الأبيض في بيان له عن الاجتماع الذي عقده نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن الجانبين "أكدا الشراكة طويلة الأمد بين بلديهما، الأمر الذي يتضح من لجنة التخطيط الاستراتيجي المشترك بين الولاياتالمتحدة والسعودية التي يشارك نائب الوزير في ترؤسها في البنتاغون". فيما أعرب سمو نائب وزير الدفاع "عن تقدير المملكة للتعاون الوثيق بين وزارتي الدفاع في البلدين، ولجهود وزير الدفاع الأميركي في دفعها إلى آفاق أوسع، بما يُحقق مصالح البلدين المشتركة، ويعزّز الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي". وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد شدد على أنه منخرط في العمل لتحقيق الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط، فيما أقرت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير بدور السعودية في تحقيق التوافق داخل منظمة الدول المصدرة للنفط، مشيدةً بجهود وقيادة خادم الحرمين وولي العهد في تمديد هدنة وقف إطلاق النار تحت قيادة الأممالمتحدة. انها قوة وحنكة وحكمة صناع القرار في المملكة في التعامل مع القوة الكبرى واضعة مصالح المملكة الاستراتيجية في المقام الاول.. فتعزيز مكانة السعودية في توازنات القوى الإقليمية والعالمية تمنح المملكة قوة جيو- استراتيجية عسكريا ونفطيا وسياسيا وتجاريا في مجال التوازنات الإستراتيجية في المنطقة والعالم.