في جزر فرسان، تجد نفسك محاطًا بمهرجان من المشاهد البحرية، فمن سيمفونية الأمواج التي تدق برفق على حافة الشاطئ إلى أشجار المانجروف التي تزخر بها الجزر، فضلا عن مشاهد الصيادين وهم يبحرون بقواربهم في عباب البحر، إلى جانب هواة الغطس والصيد، وثمة مقومات استثمارية وسياحية وتاريخية واعدة في شتى المجالات، ما يجعل جزر فرسان تمتلك عناصر طبيعية مؤهلة للاستثمار والسياحة. وتقع فرسان على مسافة 50 كيلو مترا باتجاه الغرب من مدينة جازان وسط البحر الأحمر، وقد سبق وأن تم تسجيل الجزر ضمن برنامج الإنسان والمحيط الحيوي في "اليونسكو" امتداداً لحرص القيادة الحكيمة واهتمامها بكل ما يبرز حضارة وتراث المملكة واحتلالها المكانة التي تستحقها على جميع الأصعدة، وفي جميع المحافل الإقليمية والدولية. إذا نظرنا إلى أرخبيل فرسان، نجد أنه يتضمن 90 جزيرة من بين ال200 التابعة لمنطقة جازان، جميعها قابلة للاستثمار، وتزيد مساحة جزر الأرخبيل مجتمعة عن 600 كيلو متر مربع؛ منها ثلاث جزر مأهولة بالسكان هي "فرسان الكبرى" التي تضم جميع الإدارات الحكومية والخدمية، وعددا من الفنادق والشقق والغرف الفندقية التي تستقبل زوار الجزيرة، و"فرسان الصغرى "السقيد" و"قماح". ويصل طول بعض تلك الجزر لنحو سبعين كيلو مترا، بينما يتراوح عرضها بين 40 و20 كيلومتراً، وتمتاز جزر فرسان بأهمية موقعها بالقرب من ممرر السفن الدولي، وكذلك قربه من باب المندب ودول القرن الأفريقي وغناها بالموارد الطبيعية والسياحية والأثرية وشعبها المرجانية والثروة السمكية؛ ما يجعلها محط أنظار الزوار والسياح ورجال المال والأعمال والصيادين على حد سواء. تحتضن فرسان العديد من المواقع السياحية الأثرية؛ منها وادي مطر الواقع جنوب الجزيرة ويضم أطلالًا ذات صخور كبيرة عليها كتابات حميرية، وقرية القصار بالجزيرة التي يوجد بها موقع " الكدمي" الذي يحوي بنايات متهدمة ذات أحجار كبيرة وبقايا أحجار تشبه إلى حد كبير الأعمدة الرومانية. وليست جزر فرسان مجرد مشاهد بارنوارمية سياحية فحسب؛ بل إنها بمثابة مخزن تراثي كبير، ومن المعالم التراثية في الجزر " جبل لقمان " وهو عبارة عن أطلال حجارة ضخمة تشير إلى أنها أنقاض لقلعة قديمة، وبالقرب منها توجد بعض المقابر القديمة إلى جانب بيت الجرمل في جزيرة قماح والعديد من البيوت الأثرية كبيت الرفاعي والمساجد، التي تم بناؤها وفق طراز معماري فريد يحكي فن العمارة في تلك الفترات الماضية إلى جانب مسجد النجدي، الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1347ه، فضلا عن العديد من المواقع الأثرية والنقوش القديمة المتناثرة في مختلف جزر فرسان. أما منزل الرفاعي، فهو بتصميمه الباهر وشرفاته وباحاته يعتبر من المعالم الأثرية الشهيرة في فرسان، كما يعد المبنى من التحف المعمارية ويعود تاريخه إلى عصر ازدهار تجارة اللؤلؤ بالجزيرة؛ حيث شيد بحجارة الجزيرة بحكم أنها شعاب مرجانية تمثل صخوراً كلسية قابلة للتشكيل، ما أتاح للبنائين التحكم في فنيات البناء، بالإضافة إلى خام الجص الذي توجد مناجمه بفرسان حتى اليوم. وتشتهر جزر فرسان بتنوعها الأحيائي الكبير والفريد الذي يميزها عن سائر محميات المملكة؛ حيث تحتوي على أكثر من 230 نوعاً من الأسماك، كما تتميز باحتوائها على العديد من الأحياء البحرية الفطرية المهددة بالانقراض، و50 نوعاً من المرجان، وتتميز بالأعشاب والطحالب البحرية وغابات القندل والقرم المهمة كحاضنات لصغار الأسماك والقشريات، كما تحتوي على أكثر من 230 نوعاً من الأسماك. ويحتضن أرخبيل فرسان أكبر تجمع من ظباء الإدمي أو الغزال الفرساني بالمملكة، وتعد من أهم الممرات لهجرة الطيور، حيث تحوي حوالي 165 نوعًا من الطيور، وتضم أكبر تجمع للبجع وردي الظهر في البحر الأحمر، وأكبر تجمع للعقاب النساري في الشرق الأوسط، إلى جانب تميزها كمحية فطرية للغزلان والعديد من أنواع الطيور، ومزاراً سنوياً لسمك الحريد الذي يزور جزر فرسان مرة واحدة في كل عام، وتحوي أكثر من 180 نوعاً من النباتات؛ أربعة منها يقتصر وجودها في المملكة على جزر فرسان. كما تتميز فرسان بعمقها التاريخي الذي يؤهلها لأن تكون من مواقع التراث العالمي، إلى جانب ما تتمتع به فرسان من المقومات والإمكانات الطبيعية، فقد أصبحت محط أنظار السائحين والزائرين والباحثين عن جمال الطبيعة والشواطئ الرملية الفريدة والنزهات البحرية والغوص وصيد الأسماك، وأصبحت أحد أهم المواقع السياحية بجازان لما تضمه من إمكانات سياحية متميزة ومواقع جذابة وأماكن أثرية، جعلت منها مقصداً للسياح والمستثمرين. وينتظر جزر فرسان مستقبل سياحي واعد من خلال ما ستشهده خلال السنوات القادمة من مشروعات واستثمارات سياحية وبنى تحتية وخدمات إيواء، ستجعل من جزر فرسان وجهة سياحية مهمة للباحثين عن متعة السياحة البحرية والشواطئ البحرية البكر والمناظر الطبيعية الخلابة بجزر محافظة فرسان.